أمد/
بيروت: أكد فهد سليمان، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن الوحدة والمقاومة، هما الشرطان اللذين لا غنى عنهما، لكسر الهجمة الأميركية – الإسرائيلية، ومواجهة الاحتلال والاستيطان، ومشاريع الضم، وصون مصالح شعبنا الوطنية، وتوفير عناصر صموده في مواجهة حرب الإبادة الجماعية في القطاع، وقد بدأت تتمدد إلى الضفة الغربية، وما جرى في مخيم نور شمس مثال ساطع على ذلك.
وكان الأمين العام للجبهة الديمقراطية يتحدث أمام حشد غفير من أبناء مخيمات سوريا وتجمعات الفلسطينيين فيها، في اللقاء الوطني الذي دعت له الجبهة الديمقراطية لإعلان نتائج مؤتمرها الوطني الثامن، الذي أنجز أعماله بإصدار موضوعاته السياسية، وبلاغه الختامي، وانتخاب لجنة مركزية جديدة، سمّت بدورها القائد الكبير الرفيق نايف حواتمة رئيساً للجبهة الديمقراطية، في موقف يعبر عن الوفاء لمؤسسها، وأحد قادة حركات التحرر في العالم الثالث، وكبار مؤسسي الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، وم. ت. ف.
كما انتخبت اللجنة المركزية الرفيق فهد سليمان، أميناً عاماً، والرفيقين ماجدة المصري وعلي فيصل نائبين له، وانتخبت سائر أعضاء المكتب السياسي.
الوحدة والمقاومة
فهد سليمان، أكد في كلمته أن المؤتمر وقد رفع شعار «الوحدة والمقاومة»، لم يربط بين العنصرين كشرطين متلازمين، فالوحدة هي شرط قائم بذاته، بغض النظر عن أساليب النضال ووسائله، والمقاومة هي عنصر لازم، حتى ولو لم نصل بعد إلى الوحدة، والربط بينهما سيبقى مهمة نضالية ملقاة على عاتق كافة القوى، باعتبارهما الشرط اللازم لكسر الهجمة الأميركية – الإسرائيلية على شعبنا، ومواجهة الاحتلال والاستيطان ومشاريع الضم، وصون الحقوق الوطنية الفلسطينية بما في ذلك إحباط أهداف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال على شعبنا في القطاع، وبدأت تتمدد إلى الضفة الغربية، ونعتقد أن ما حصل في مخيم نور شمس، من مجزرة دموية ذهب ضحيتها 14 شهيداً دفعة واحدة، مؤشر خطير على ذلك.
وشدد الأمين العام للجبهة الديمقراطية على أن المؤتمر، وهو يؤكد على الوحدة على الصعيد الوطني، حرص على منح الحوار الداخلي مساحة واسعة، للوصول إلى مواقف ورؤى توحد الجبهة الديمقراطية، في ظل إدراك عميق لطبيعة المرحلة، وتعقيداتها وتشعب عناصرها، وعدم رسوها عند نهايات أو نتائج راسخة بل هي مفتوحة، على تطورات لا يمكن الجزم الآن بها نهائياً، والمثل الساطع على ذلك أننا نخوض في قطاع غزة، حرباً لن تتوقف، حتى ولو توصلنا إلى هدنة طويلة، فهي حرب متدحرجة، لم تعد آثارها محصورة في فلسطين، أو حتى الإقليم فحسب، بل باتت لها أبعادها الإقليمية والعالمية، إن لم نكن ندركها نحن، فإن أعداءنا يدركونها جيداً.
حرمان … أوكرانيا – فلسطين
وفي هذا السياق، لاحظ فهد سليمان، في معرض توضيحي لهذه الفكرة، أن العالم، وللمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، يعيش حربين رئيسيتين تتجاوز آثارهما المساحة التي تدور على أرضها رحى هاتين الحربين.
وأضاف: الأولى هي في أوكرانيا، بين روسيا الاتحادية وحلف الناتو (الأطلسي) بقيادة الولايات المتحدة، والثانية هي الدائرة الآن على أرضنا الفلسطينية المحتلة، وبشكل خاص في قطاع غزة.
واستطرد فهد سليمان موضحاً، إذ كانت نتائج حرب أوكرانيا، ستنعكس على الأوضاع في أوروبا، فإن الحرب في فلسطين ستكون لها إنعكاسات إقليمية وعالمية، أولاً على المصالح الأميركية الإمبريالية في المنطقة، والثانية على نتائج الصراع الدائر الآن في المحيط الهندي – الباسفيكي، حيث التنافس بين الولايات المتحدة وحلفائها، وبين جمهورية الصين الشعبية، ومن يكسب إقليم غرب آسيا، البوابة إلى القارات الثلاث، يكسب إمتيازاً يساعده على مواصلة خوض معركة المحيطين الهندي – الباسفيكي بشروط أفضل.
وفي معرض تأكيده هذه الخلاصة، لاحظ الأمين العام للجبهة الديمقراطية أن ما تقوم به أطراف محور المقاومة في إسناد شعبنا ومقاومته ومشاغلة العدو الإسرائيلي، لا تقف نتائجه عند حدود هذا الهدف الكبير، أي دعم الشعب الفلسطيني، وهذا أمر ينطوي على حمولة نضالية ومعنوية ورمزية فائقة الأهمية، بل تمتد نتائجه إلى الأوضاع الخاصة بكل محور من هذه المحاور، التي تقاتل ضد المشروع الصهيوني، وفي الوقت نفسه، لأجل تحرير شعوبها من سياسة الإرتهان إلى الهيمنة الأميركية، وإن تحرير شعوب المنطقة من هذه الهيمنة، بما هي هيمنة للعولمة المتوحشة، من شأنه أن يعيد رسم خريطة المنطقة، وخريطة المعادلات فيها، أي اختلال هذه المعادلات على حساب الولايات المتحدة، ولصالح الدول الصديقة والحليفة لشعوبنا، كالصين، وروسيا، وإيران، وغيرها.
الوحدة والكيانية الوطنية
وفي حديثه عن الأوضاع الفلسطينية الداخلية، قال الأمين العام للجبهة الديمقراطية: إن الحالة الوطنية الفلسطينية خطت خطوة شديدة الأهمية، تشكل عاملاً مهماً في إنهاء الإنقسام، واستعادة الوحدة الوطنية، مشيراً في هذا الصدد، إلى ما أعلنته حركة حماس في تأييدها لدولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، وحق العودة للاجئين. وقال فهد سليمان: إن هذا يعني أن البرنامج الوطني الفلسطيني بات يشكل أساساً من أسس الوحدة الداخلية المنشودة، وإنهاء الإنقسام، وبالتالي لم يعد ممكناً بعد الآن السؤال الإستنكاري عن البرنامج الوطني، من أي طرف كان، مؤكداً أن هذا البرنامج، لم يكن ليشق طريقه لولا التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا في نضاله الدائم والدؤوب وثباته وتماسكه، ورفضه كافة المشاريع البديلة، أياً كان مصدرها.
وقال الأمين العام للجبهة الديمقراطية: في هذا السياق، أكد مؤتمرنا على أسس الكيانية الوطنية المتمثلة في الأعمدة التالية:
1- م. ت. ف، هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والناطقة باسمه، والمخولة بالتفاوض، بكل ما يتعلق بمصيره الوطني، بما في ذلك مفاوضات ما يسمى «الحل الدائم» في إطار المؤتمر الدولي الممشود، تحت رعاية الأمم المتحدة، وبموجب قراراتها ذات الصلة.
2- البرنامج الوطني: تقرير المصير، بإقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على حدود 4 حزيران (يونيو) 67 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
3- قرارات الشرعية الدولية، هي المرجعية القانونية للحقوق الوطنية لشعبنا.
العودة إلى المؤسسات الوطنية
وحول ضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، أكد الأمين العام للجبهة الديمقراطية، أن المدخل إلى ذلك هو في العودة إلى المؤسسات الوطنية الجامعة، في إطار م. ت. ف، وقال: إن من يدعو إلى الوحدة الداخلية لا يدعو في الوقت نفسه إلى إستحداث هيئات بديلة، باعتبارها المرحلة الانتقالية إلى الوحدة، وأكد أن مؤتمر الجبهة قدم رؤية واضحة المعالم، وردت في الموضوعات السياسية الصادرة عنه، كما وردت في البلاغ الختامي لأعماله، وتدعو هذه الرؤية إلى العودة إلى المؤسسات الوطنية عبر عملية ديمقراطية، تقوم على الانتخابات الشفافة والنزيهة، بنظام التمثيل النسبي الكامل، بما يوحد كافة القوى والفعالية في إطار م. ت. ف، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.
ورأى فهد سليمان، أن السلطة الفلسطينية في وضعها الراهن، لم تعد منذ عقود مضت، وكما كان يقال، أنها المرحلة الانتقالية، نحو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وأضاف: لقد نجح الاحتلال في تهبيط سقف السلطة، وتهميش دورها، وحولها إلى مجرد حكم إداري ذاتي محدود على السكان، مما يؤكد، مرة أخرى، صحة رؤيتنا التي قدمناها منذ فترة طويلة، من أن خيار أوسلو، ومفاوضات تقوم على أسس خيارات أوسلو لن تقود إلى إنجاز برنامجنا الوطني، فدعونا إلى تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي، في م. ت. ف، بنصوصها المعروفة، بما يخرجنا من أوسلو، ويحررنا من قيوده، ويشق الطريق نحو إنجاز برنامج العودة وتقرير المصير والاستقلال.
الشباب والمرأة والمسؤوليات القيادية
وختم الأمين العام للجبهة الديمقراطية بأن المؤتمر أولى إهتماماً مميزاً لدور الشباب والمرأة في تولي مواقع المسؤولية القيادية، في مؤسسات الجبهة الديمقراطية ومنظماتها، مشيراً للأهمية الفائقة في تشبيب هيئات الحزب ومؤسساته، وفي هذا السياق، أشار الأمين العام للجبهة الديمقراطية إلى عدد من مؤسسي الجبهة الديمقراطية وأعضاء في مكتبها السياسي، آثروا التخلي عن مواقعهم القيادية في الجبهة الديمقراطية دون التخلي عن دورهم النضالي، لا بل تأكيداً لهذا الدور، ما أفسح في المجال لإدخال عناصر شابة ونسائية إلى اللجنة المركزية ومكتبها السياسي، فضلاً على توسيع الأطر القيادية لأقاليمها الممتدة في القارات الخمس.
وختم: وإن تكن خطوة تجديد الهيئات القيادية لم تستجب لمستوى الطموح، فإن رسم هذا الإتجاه، والعمل على ترجمته من شأنه أن يشكل خطوة مهمة، وهذا ما تحرص الجبهة الديمقراطية على إنجازه .