حمادة فراعنة
أمد/ حسمت الإرادة الوطنية، والقرار السياسي الأردني، إجراء الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، هذا العام 2024، وتكريس ذلك قانونياً وعملياً، بدون التهرب من هذا الاستحقاق، أو تأجيله، بدوافع خارجية أو ذرائع مختلفة، بل عملت على الاستجابة لحقوقنا الدستورية كمواطنين لنا حقوق ثابتة مؤكدة في هذا الاستحقاق، بالانتخابات النيابية وانعكاساتها على السلطة التنفيذية، لأننا ندفع ثمن هذه الحقوق، عبر تأدية الواجبات المترتبة علينا كمواطنين، على أساس القاعدة الذهبية: تبادل الحقوق والواجبات.
الإرادة الوطنية والقرار السياسي الأردني يتمثل أمامنا ونحن نراقب العدو والصديق، عبر حدثين متناقضين:
أولهما توجهات المستعمرة الإسرائيلية التي تخوض حروباً متعددة، ومع ذلك تتم الانتخابات البرلمانية عندهم ولهم، وتفعل فعلها في تقوية جبهتهم الداخلية، لأنها تُجدد شرعية قياداتها وقراراتها.
وثانيهما حينما نشهد ادعاءات السلطة الفلسطينية، بالتهرب من الالتزام بالاستحقاق الوطني، وإلغاء أو تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، تحت حجة عدم سماح سلطات الاحتلال لأهل القدس في المشاركة بالانتخابات، وهي حجة وذريعة تتهرب بها ومن خلالها السلطة لإجراء الانتخابات، وبذلك فقدت السلطة ولايتها أمام شعبها، وأمام العالم، حجة لا تصمد أمام حقيقة حق الفلسطينيين ومطالبهم وحقهم بتجديد شرعية قياداتهم سواء لدى فتح في الضفة الفلسطينية، أو لدى حماس في قطاع غزة، ولو توفرت الرغبة والقرار لدى سلطة رام الله إجراء الانتخابات ستجد الوسيلة العملية لمشاركة أهل القدس في الانتخابات، ولكنها حجة فاقدة لمصداقيتها، غير المبررة.
النضال والتضحيات، تمنح الشرعية الثورية المحترمة، ولكنها بدون انتخابات وصناديق الاقتراع، يفقد أصحاب السلطة شرعية البقاء على رأس السلطة، تلك هي الحقيقة المُرة التي لا تملك سلطتا فلسطين لدى الضفة والقطاع، لدى فتح وحماس، شجاعة الادعاء بشرعية البقاء على رأس السلطة وإدارتها، بل هي مخطوفة، مسلوبة، وستبقى كذلك حتى تستجيب كل من فتح وحماس لحق شعبهم الفلسطيني في إجراء الانتخابات، وعندها فقط تملكان شرعية الإدارة والإرادة معاً.
كأردنيين، نملك الإرادة والقرار والسيادة الوطنية عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وأن الحروب البينية في سوريا والعراق واليمن وليبيا وقبلهم في الصومال، والمواجهة الباسلة الشجاعة ضد المستعمرة واحتلالها وحربها المجنونة ضد الشعب الفلسطيني الجار الشقيق، لا تدفع كافة هذه الوقائع المأساوية، عن الإحجام بإجراء الانتخابات، أو توظيفها كحجة للتهرب من الاستحقاق الوطني لشعبنا في إجراء الانتخابات النيابية.
وانسجاماً مع هذا التوجه والقرار، صدرت الإرادة الملكية يوم الأربعاء 24 نيسان 2024 بإجراء الانتخابات النيابية، وعليه حددت الهيئة المستقلة للانتخابات يوم 10 أيلول 2024، بإجراء الانتخابات النيابية، التي ستكون نوعية ومختلفة، كبداية عهد جديد في إعطاء الأحزاب السياسية 41 مقعداً بما يوازي ثلث أعضاء مجلس النواب كمرحلة أولى، لتتسع مشاركتها وتمثيلها نحو نصف عدد أعضاء المجلس النيابي، لاحقاً في دورة أخرى، وهكذا بشكل تدريجي لنصل إلى برلمان حزبي بالكامل، وحكومة حزبية برلمانية.