همام ضحيك
أمد/ تتساقط الصواريخ والقنابل كالأمطار في ذروة فصل الشتاء على بقعة شاء القدر لها أن تكون صورة الحاضر والمستقبل لأبشع جريمة إنسانية في العصر الحديث ، يتسارع الجميع من أجل إيقاف الإبادة التي لا يستطيع أحد ما وصفها بحقيقتها و تداعياتها على أجيال قادمة.
الأغلب منا ينتظر بفارغ الصبر تلك الدقيقة الذهبية التي طال انتظارها لحقن ما تبقى منا في صمت مريب لهذا العالم الذي اعتاد على مشاهدة المجريات الدامية ، وفي مخيلة الجميع أن ينتهي كل شيء في تلك الدقيقة ، بينما سيبقى كل كائن حي في غزة و مائها و تربتها و سمائها غارق بالسموم ومخلفات الحرب لعقود و أجيال قادمة .
حيث مع استمرار العدوان و إلقاء الكميات الهائلة من المتفجرات يواجه سكان القطاع مخاطر صحية تؤثر حالياً و مستقبلاً ، يتحدث العديد من الخبراء و المختصين بأن هناك نسب مخيفة سيشهدها قطاع غزة من مرضى السرطان بسبب مخلفات القنابل و ركام المباني كما أن الهواء الملوث بغبار ركام المنازل سيؤدي إلى أمراض عديدة في الجهاز التنفسي والتي ستلحق الضرر بصحة الإنسان على المدى الطويل.
كما أن المخلفات السامة التي تحملها الصواريخ والقنابل ( مواد مشعة ، الفسفور الأبيض ، المعادن الثقيلة) تؤدي إلى زيادة كبيرة في خطر الإصابة بالعيوب الخلقية مستقبلاً ، أشارت بعض التقارير الصحية إلى تحديد كميات مرتفعة من المعادن الثقيلة لدى الأمهات و حديثي الولادة .
بالاضافة إلى الذخائر غير المنفجرة فهي قنابل موقوتة، وفي هذا السياق تحدث رئيس دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في فلسطين منوغو بيرش ” بأننا لم نرى شيئا كهذا من منذ أخر حرب كبرى في أوروبا” و إن دل ذلك على شدة الخطر ، في القطاع يوجد الكثير من الصواريخ والقنابل الغير منفجرة تحت ركام المنازل و في الأراضي الزراعية و الطرقات ولا يوجد خبراء مختصين لإزالتها بطريقة أمنة ، و تشكل خطورة أن تنفجر لاحقاً مما يشكل عائقا أمام عمليات إعادة الإعمار ، وكما انفجرت بعضها في الأطفال و استشهد و جرح عدد منهم .
و في دراسة أعدها باحثون بأن الانبعاثات المتوقعة خلال الأيام الستين الأولى من العدوان كانت أكبر من تلك لعشرين دولة ، ما يبرهن على همجية و عشوائية القصف والتعمد بإلحاق أكبر أذى مستقبلي للسكان ، و يشكل تدمير البنية التحتية المستمر إلى تدفق مياه الصرف الصحي و الملوثات بها إلى تلوث المياه الجوفية و الأدهى من ذلك تسرب كميات كبيرة من مخلفات و مركبات الصواريخ والقنابل ، نهيك عن تسمم طبقات التربة بحيث تصبح غير صالحة للزراعة، و التجريف المستمر للأراضي الزراعية ، كل ذلك يساعد في تحقيق فكرة عدم صلاحية الحياة في القطاع التي يسعى اليمين الإسرائيلي إليها لإجبار السكان على الهجرة الطوعية .
بالاضافة إلى عشرات ألاف الجثث التي تحللت تحت الأنقاض و في الطرقات تهدد بكارثة معقدة تتمثل في انتشار الأمراض و فساد التربة والهواء ، في هذه الحرب تعمدت إسرائيل إلى إبقاء أثار قاتلة و مرعبة ثابتة على المستقبل القريب و البعيد يصعب معالجتها في ظل عجز المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية عن معالجة جزء منها في الوقت الراهن.
بعد هذه الشهور المرعبة من الحرب لم يقتل الإحتلال المدنيين العزل فقط بل تسبب في كوارث و أثار بيئية على القطاع يمكن وصفها بالمستدامة ، ومن مصلحتنا إيقاف هذه الحرب بأسرع وقت ممكن حتى تتمكن الدول الداعمة والمؤسسات الدولية من معالجة ما تستطيع معالجته، وكلما طالت الهجمة المسعورة زادت معها المخاطر الكارثية المستقبلية.