أمد/
متابعات: كشف مصدر فلسطيني مسئول لفضائية “سكاي نيوز عربية|، مساء يوم الأربعاء، تفاصيل الورقة العربية لإقامة دولة فلسطينية.
وقال إن |الورقة العربية التي تصيغها السداسية العربية تتضمن خارطة طريق من 4 مراحل، وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية”.
وأوضح أن |المرحلة الأولى تشمل إعادة حكم السلطة الفلسطينية في غزة، ومنح الحكومة الفلسطينية إمكانية العمل، وفرض القانون والنظام، وإعادة إعمار القطاع”.
ولفت إلى أن |المرحلة الثانية تتضمن دمج مناطق (أ) التي تسيطر عليها السلطة، مع مناطق (ب) التي تخضع للسلطة إداريا ولإسرائيل أمنيا».
إلى أن «المرحلة الثانية أيضا تتضمن وضع خطة لإصلاح أجهزة السلطة الفلسطينية بما فيها إعادة هيكلة أجهزة الأمن”.
وأفاد بأن “المرحلة الثالثة تشمل إطلاق مفاوضات قضايا الوضع النهائي كالقدس والحدود واللاجئين والمياه»، قائلًا إن «المرحلة الرابعة والأخيرة يتم فيها الإعلان عن استقلال فلسطين وبعدها التطبيع بين إسرائيل والدول العربية”.
وصرح بأن “السعودية طلبت من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في العاصمة الرياض، ضمانات حقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية»، منوهًا أن «بلينكن لم يعط إجابة على الورقة العربية، وأبدى اعتراضا على الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية”.
وذكر أن “المطروح هو الوصول لاتفاق يعطي الفلسطينيين ما هو أكثر من اتفاق أوسلو، وأقل من الدولة الفلسطينية، قبل الوصول إلى المرحلة النهائية”.
على ثلاثة أعوام، وعبر إنشاء مسار سياسي يطبق “اتفاق أوسلو” وتفعيل البنود المعطلة منه.
كما تطالب بوقف اقتحامات المناطق الفلسطينية وعودة الأمن الفلسطيني للمعابر وإنشاء مطار وميناء لتعزيز الاستقلال الاقتصادي لفلسطين، على أن تجرى بموازاة ذلك كله مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية لإقامة الدولة على مراحل.
وتنص على الانسحاب الإسرائيلي من مناطق الإدارة الأمنية والمدنية للسلطة الفلسطينية التي تسمى “أ” و “ب” والتي تشكل 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية وتشمل المدن الرئيسة، إضافة إلى وقف سياسة اقتحامها وتطبيق المرحلة الثالثة من الانسحاب الإسرائيلي من مناطق “ج” التي تشمل 13 في المئة منها.
حل دائم وطوق نجاة
وتعكس هذه الورقة التزام الدول العربية بالسعي إلى حل سلمي وتحقيق الاستقرار في المنطقة وتأكيدها أهمية الدور الأميركي.
ويرى مراقبون أن الورقة السداسية المشتركة تؤسس لحل دائم يحفظ الحق الفلسطيني ويعيد التسوية السياسية للواجهة مجدداً بوصفها الطريقة الوحيدة للحل بعد 175 يوماً من الحرب والدمار من دون نتيجة.
وتمثل الورقة طوق نجاة للطرفين اللذين وصلا إلى طريق مسدود على رغم ستة مرور أشهر من الحرب، فحركة “حماس” أنهكت وأوشكت على الانهيار وفقدت معظم خطوط إسنادها عسكرياً وشعبياً ولم يعد لديها أدوات للمناورة، بينما يضيق الخناق دولياً على إسرائيل سياسياً واقتصادياً، فللمرة الأولى يتراجع الدعم الأميركي لتل أبيب وتتبدل حولها آراء المجتمع الدولي وبخاصة أوروبا التي باتت اليوم أقرب إلى الخضوع لعقوبات من مجلس الأمن للمرة الأولى في تاريخها، فضلاً عن الضغط الكبير الذي تمثله قرارات محكمة العدل الدولية المتلاحقة.
إحياء للمبادرة العربية
وبعد نحو 22 عاماً من إطلاقها أحيت الورقة المشتركة المبادرة العربية التي تبنتها السعودية في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وحظيت بإجماع عربي، ومثلت في حينه موقفاً سياسياً متقدماً هدفه إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان، في مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل.
وتكمن أهمية مبادرة السلام العربية في أنها تدعو إلى تسوية شاملة للصراع العربي – الإسرائيلي، وهي ذات فحوى مشابه لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (242) الذي يدعو إلى الانسحاب من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 وتسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
أما الوثيقة المشتركة التي استندت إلى المبادرة العربية فتكمن أهميتها بأنها أطلقت من دول عربية ذات ثقل كبير ودور محوري في المنطقة، تقدمتها السعودية التي رهنت أي علاقات مستقبلية مع إسرائيل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف العدوان على غزة.
وأعلنت السعودية مراراً موقفها الثابت للإدارة الأميركية من أنه “لن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيقاف العدوان على غزة والانسحاب الكامل من القطاع وضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة”.
وأردنياً تشكل هذه الورقة مصلحة أردنية خالصة لأنها تحيي مجدداً حل الدولتين الذي لطالما تمسكت به عمّان في وجه كل التهديدات التي تستهدفها السياسات الإسرائيلية، مثل التهجير والتوطين والتلويح بالوطن البديل وتهديد الوصاية الهاشمية في القدس.
فرصة قد تتحقق
ويعتقد مراقبون أن ثمة فرصة حقيقية لتبني هذه الورقة والدفع بها بقوة من قبل الإدارة الأميركية لاعتبارات ومؤشرات عدة، من بينها التحول الملحوظ في لهجة الخطاب الأميركي تجاه إسرائيل والتراجع الواضح في سياسة واشنطن بدءاً بعدم استخدام حق الـ “فيتو”، فضلاً عن الانتقادات المتتالية التي وجهها أركان الإدارة الأميركية إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقد كان واضحاً حجم التبرم وعدم الرضا في التصريحات العلنية للرئيس الأميركي جو بايدن والتي كشف فيها عن وجود خلافات بينه وبين الإسرائيليين في شأن الحرب على غزة، كما أشارت تقارير إلى أن الإدارة الأميركية مارست ضغوطاً على الجانب الإسرائيلي لقبول “هدن إنسانية” محدودة، وانتقدت القصف العشوائي للقطاع.
وفي المقابل ثمة تحذيرات أطلقها دبلوماسيون أميركيون من الدعم المطلق لإسرائيل وتأثير ذلك مستقبلاً، وهذه المواقف كلها تعكس التوتر في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب وتظهر مدى القلق الأميركي من تداعيات الحرب على الصعيد الدولي والإنساني.
ويمثل توقيت الورقة العربية السياسية المشتركة أداة ضغط على الإدارة الأميركية، فالانتخابات الرئاسية على الأبواب والرئيس بايدن وفريقه معنيون بكسب الأصوات العربية والمسلمة.
خلفيات
لكن ثمة خلفيات سبقت الاتفاق على هذه الوثيقة، فقد اختار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يبدأ من الرياض جولة جديدة في المنطقة على وقع توتر بين إدارة بايدن ونتنياهو، في وقت تجد مصر نفسها يومياً أمام استحقاق ضاغط بسبب القرب الجغرافي من غزة وما قد يمثله ذلك من تهديدات لأمنها القومي، بخاصة مع التلويح الإسرائيلي مراراً بورقة تهجير الغزيين إلى سيناء.
بينما في الأردن ثمة تحولات سياسية واقتصادية مهمة تضغط بقوة على عمّان وتجعلها معنية بوقف الحرب في أسرع وقت، بينما تتصاعد الاحتجاجات فيها على نحو مقلق يهدد الاستقرار.
ويعلق وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة على ذلك بقوله إن بنود هذه الورقة مريحة للموقف الأميركي، لكن تطبيقها لن يكون سهلاً إلا أنها ستلغي سيناريو اجتياح رفح وتفتح الباب لإطلاق صفقة سلام إقليمية لاحقاً.
ويشير مصدر أردني مطلع إلى أن الورقة المشتركة سبقها نقاش لخطة تتضمن تصوراً عربياً لخطة سلام إقليمي شامل، تبدأ بإنهاء الحرب على قطاع غزة وإطلاق مسار يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية في مقابل تطبيع عربي واسع مع إسرائيل استناداً إلى مبادرة السلام العربية.
ويتحدث المصدر عن محاولة حشد دعم دول أخرى غير الولايات المتحدة لهذه الورقة التي من بين أهدافها البحث في سيناريو اليوم التالي للحرب في غزة.