عدنان الصباح
أمد/ بعد ظهر يوم الجمعة السادس من اكتوبر 2023 وكما هي العادة في هذا الوقت تقريبا من كل جمعة نشرت مقالي الاسبوعي وكان بعنوان ” هل انتصار المقاومة الفلسطينية ممكن “وجاء فيما جاء فيه ” قد يكون عزوف العرب عن اسناد المقاومة الفلسطينية خير لهم وليس العكس فمقاومة ما قبل 1948 دمرها العرب بأيديهم وقضوا عليها ومقاومة ما قبل اوسلوا فعلوا بها نفس الشيء على قاعدة دعمها حتى التدمير وهو ما حصل فقد استخدموا كل السبل لإيصال المقاومة الى أوسلو ومخرجاتها وفي المقدمة كان الافساد المالي السياسي.
احد لا يستطيع اليوم ان يفعل ذلك لسببين لا ثالث لهما الأول ان الافساد والفساد لا يمكن ان يحدث في غزة المحاصرة حتى الموت ولا خيار امام هذا الطوق الخانق الا الوصول الى مرحلة الخروج الى القتال فلن ينتظر الغزي الموت على فراشه الذي لم يعد موجودا وفي الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948 ليس لدى الاحتلال ادنى اهتمام الا بالتخلص من الفلسطينيين كلهم بلا استثناء على قاعدة الخيارات الأربعة اما الرحيل واما الخنوع واما السجن واما الموت وهي خيارات جميعا لم يعد الفلسطيني مستعد لها وقد اختار القتال بديلا عنها جميعا وتساوت امام الفلسطيني الشاب الموت مع حياة خانعة ولا منفى للذل والهوان وقد سبق للفلسطينيين ان جربوا ذلك “.
لم يدر بخلدي ابدا انه بعد ساعات قليلة من نشري لهذا المقال سيخرج أهل غزة من حصارهم منتصرين على اعتى أدوات الاحتلال وامكانياته التي ظل يعتقد حتى صبيحة السابع من اكتوبر انها قادرة على ردع اي كان على مجرد التفكير باجتيازها بطريقة لم تكن تأتي على خيال احد لا من الاصدقاء ولا من الاعداء ومع اني كتبت ما كتبته الا انني لم اكن اتصور ابدا ان يأتي الحال على ما جاء عليه وان يكون بهذا الحجم من الانجاز والقدرة على تهشيم كل المشاريع التي اعدت لتنال من شعبنا وفي المقدمة منه غزة والمقاومة.
الان وبعد ان دخلنا الشهر الثامن من البطولة والمقتلة معا هل لا زالت الاجابة على سؤالي في المقال المذكور ” نعم ” وهل لا زال حقا الامر ممكن وان النصر سيبقى ولن يتحول الى هزيمة او كارثة او تراجع او استسلام او تسليم وجوابي بكل تأكيد نعم وهذه النعم مطلقة ان ادرنا البطولة والمقتلة هذه كما ينبغي ذلك ان الجريمة المتواصلة ذد شعبنا اطفالا ونساء وشيوخا وشباب لم يسبق ان عرف التاريخ مثيلا لها وان الاعداد الذي سبق السابع من اكتوبر حتى جاء على ما جاء عليه يشير الى عبثرية فذة لا اعتقد انه قد غاب عن صانعيها حقيقة ما يجري الان من مقتلة ضد كل ما هو قائم على ارض غزة من بشر او شجر او حجر حتى ليكاد المرء يعتقد انهم لن يتركوا هناك شيء.
هم يخططون لطردنا وفرض سلطة عميلة على قطاع غزة تتحول تدريجيا الى الدولة البديلة لكل الشعار السخيف عن الدولتين ولا يعود لنا مكان سوى غزة يحمل اسم فلسطين واذا لم نكن قد اعددنا العدة لتدمير هذا المخطط وتكريس النصر فالمأساة لا يمكن وصفها تماما كما لا يمكن وصف البطولة ولا المقتلة.
الحقائق على الارض تشير ان مقومات النصر لا زالت قائمة وهي:
– حتى اللحظة لم يتمكن الاحتلال من تحويل اي مساحة مهما كانت صغيرة على اض قطاع غزة مهما كانت صغيرة الى مكان امن له ولجيشه ولا يمكنه ادعاء الانتصار ولا باي حال من الاحوال
– الاحتلال الذي خبر الشهور السبعة واستحالة تحقيق جزء من هدف واحد لا يجرؤ على الذهاب بموضوع رفح حتى النهاية خشية ان ينتهي بهزيمة بشعة كما بدء يوم السابع من اكتوبر وهو سيضطر للقبول بحل وسط يبقي له القدرة على ادعاء النصر ولو لفظا
– الاحتلال لم يتمكن رغم كل محاولاته من ايجاد من يقبل بالتعاطي معه من اهل غزة حتى في موضوع المساعدات رغم انها حاجة اكثر من ضرورية لهم
– منذ الثامن من اكتوبر لا زالت قوى محور المقاومة تقاتل من كل موقع وتربط جبهاتها بقرار غزة وهو ما يجعل الاحتلال ورعاته في حالة من الارباك والتشتت لم تمر عليه عبر كل تاريخه خصوصا وان واقع محور المقاومة يشير الى ان لديه ما لديه من مفاجئات ممكنة كما حدث بدخول المقاومة الاسلامية في البحرين على خط القتال.
– بعد كل ما جرى من بطولة ومقتلة لا يستطيع احد ان يتآمر على كل هذا الدوم وكل هذه البطولة ومن يحاول ان يفعل سيسقط الى الابد
– لا يبدو ان المقاومة في ربع ساعتها الاخير بل يبدو ذلك في جبهة الاعداء جليا وواضحا وهي تلهث خلف المقاومة من خندقها الاول في بيت حانون الى خندقها الاخير في رفح كما يعتقد الاحتلال
– طول زمن المقتلة والبطولة وحد الشعب والمقاومة في غزة واخرس عديد الاصوات التي حاولت ان تنال من المقاومة ومحورها والذين اثبتوا مصداقيتهم واخرسوا كل الاصوات المشككة.
– لم تستنفذ المقاومة بعد كل اسلحتها ففي قوى محور المقاومة لا زال لديهم ما يفعلوه ويقدموه في جبهات اليمن وجنوب لبنان والجولان المحتل والعراق وثبات الموقف الايراني على ما هو عليه وخصوصا بعد تجربة الرد الذي قدم نموذجا للاحتلال ورعاته عن اشكال المشاركة وكيف يمكن لها ان تكون.
– من الواضح ان امكانية رشوة قوى محور المقاومة مستحيلة بعد ان اعلنت جهاتها الاهم في لبنان ” حزب الله ” واليمن ” انصار الله ان لا حديث عن قضاياهم الا بعد صدور القرار من غزة فهم اذن ربطوا كل شيء حتى قضاياهم بقرار غزة ولا يمكن تسمية ذلك اسنادا بل فعل مشارك بكل ما تحمل هذه الكلمة من مضمون.
– لم تستنفذ المقاومة الفلسطينية في غزة وخارج غزة كل اسلحتها ايضا فمن التجارب نعرف ان المقاومة يمكنها ان تستخدم خلايا نائمة في الضفة والقدس والاراضي المحتلة عام 1948 وحتى في كل بقاع الارض حيث ينتشر الفلسطينيون في كل مكان وبالتالي يمكنهم ان يتحولوا الى قنابل موقوته متى ارادوا.
– احداث السابع من اكتوبر تشير الى ان لا احد يدري كم عدد الذين دخلوا وكم عدد الذين عادوا او الذين استشهدوا وبالتالي لا احد يدري كم عدد المقاتلين الذين قد يكونوا لا زالوا هناك في عمق فلسطين المحتلة ينتظرون اشارة البدء وقد ياتي ذلك بما لا يمكن احتماله مرتين من الاحتلال ورعاته.
– الاسلحة التي عرفناها لدى المقاومة الفلسطينية لم تستخدم بعد كما ينبغي فلم يستخدم حتى اللحظة سلاح الاستشهاديين وهو واحد من اخطر الاسلحة التي لا يمكن اصابتها لا بالقبة الحديدية ولا بقبة الليزر ولا باي من الصواريخ من امثال مقلاع داوود وحيتس ولا يملك الاحتلال قوات تقاوم تسعة ملايين فلسطيني لم يترك لهم من خيار الا ما قاله المفكر الصهيوني ا.ب. يهوشع ” ماذا تريدون من رجل لم تتركوا له الا خيارين اما يان يختلط دمه بدم خمسمائة من اقاربه او دم خمسمائة من اعدائه ترى ماذا سيختار ؟؟ “
في سبيل كل ما تقدم فان الشعب الفلسطيني ومقاومته ملزم اليوم اكثر من اي وقت مضى ان يتوحد تحت راية برنانج وطني عملي مقاوم واحد وموحد لكل الشعب وقواه على قاعدة من كل ما يمكنه ما دام يصب في خانة المقاومة وبحيق لا يبقى للشعب الفلسطيني الا صوت واحد ويتم التخلص من كل اصوات النشاز وهذا الصوت ليس له ما يقول سوى اما النصر او النصر ولا خيارات اخرى عداه فاذا لم نصل اليه اليوم فان العتمة ستكون ابشع ما يكون وسيحمل عارها كل من ظلوا ينأون بأنفسهم عن المقاومة فعلا وسياسة ويقبلون بدور المنتظر حتى ينقشع الغبار.