معاذ خلف
أمد/ بدأت حركة حماس العمل الفدائي و الجهادي ضد قوات الإحتلال الاسرائيلي في العام 1984 تحت مسميات مختلفة ، حتى انطلاقتها في العام 1987 ، و الذي نظمت فيه الحركة العمل المقاوم ضد الصهاينة في كافة ربوع أرض فلسطين التاريخية ، و لأن معظم حركات التحرر الفلسطينية التي سبقتها ذات خلفية علمانية فكانت حماس خارج العلمانية التي تجمع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ان تأتي بخلفية و مرجعية دينية ، ليس هذا فقط بل ان تكون احدى اذرع تنظيم الإخوان المسلمون شكل عليها عبئا اضافيا جعل نسبة تقبلها من قبل حركات التحرر الأخرى سياسيا تكاد تكون معدومة ، غير أن مقاومة الجناح العسكري للحركة “القسام” للإحتلال بضراوة بقيادة الشيخ احمد يس جعل للحركة مشروعية الوجود كمكون نضالي فلسطيني في اجماع لأطروحات المقاومة و الكفاح المسلح ، في حين ان حماس و لغاية العام 2004لم تكن تسعى لسلطة بل كان شغلها الشاغل هي مقاومة العدو بكافة الوسائل متصدرة المشهد في مسلسل نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال .
اغتال الاحتلال الصف الاول من قيادات حماس ، الشيخ احمد يس ، و الدكتور الرنتيسي في 17 ابريل 2004 ، بعد هذا التاريخ تغيرت نظرة حماس نحو النضال دون السعي الحثيث للسلطة ، في عام 2006 قررت حماس ان تدخل مخاض الانتخابات التشريعية طموحا في تقييد التزامات السلطة و تطوراتها التي تنعكس على القضية الفلسطينية كما افاد قادة الحركة و استطاعت ان تتحصل على اغلبية ساحقة مكنتها من تشكيل الحكومة برئاسة اسماعيل هنية و عين صيام وزيرا للداخلية و من هنا حدث التناقض بين توجهات الحكومة و مؤسسات السلطة ذات البعد العميق و الموجه و كما افاد نصر يوسف وزير داخلية سابق للسلطة بأنه يقود داخلية يعبث في داخلها اكثر من جهاز عربي و دولي و بالتالي لم تنصاع اجهزة السلطة الامنية لوزير الداخلية التابع لحماس و الذي ترتب على ذلك تشكيل القوة التنفيذية من افراد حماس و عددها ٨٠٠٠ فرد و من هنا بدأت عوامل الاقتتال الداخلي و التي تم من خلالها اغتيالات لشخصيات مختلفة عسكرية و غير عسكرية و بدأت مرحلة الفلتان الامني الذي اسس لعملية الانقلاب “تعريف السلطة” و عملية الحسم “بتعريف حماس” وخرجت السلطة من غزة و فشلت كل عمليات انهاء الانقسام وجولات المصالحة واصبحت حماس تدار بحكومة ظل في غزة .
سيطرة حماس على قطاع غزة جعلتها تطور عملها العسكري ضد الاحتلال بطرق مختلفة ، فكانت الصواريخ بعيدة و قصيرة المدى ، و كانت شبكة الأنفاق ، و كان بناء جيش يحوي على الالاف المقاتلين ، بالاضافة لإستقطاب معظم الاجيال المتعاقبة منذ 2007 و حتى 2023 ليكونوا اعضاء و مناصرين لحماس .
في حقبة الثورات العربية او ما سمي الربيع العربي ، كان تنظيم الاخوان المسلمون يتصدر المشهد في معظم الأقطار التي عمتها الفوضى برعاية تركيا و قطر ، انحازت حماس لأجندة التنظيم الأم و نسيت انها حركة تحرر وجدت من اجل مقاومة الاحتلال و ليس التدخل في شؤون الدول الأخرى ، فتدخلت في اكثر من قطر عربي ، وكانت الألة الاعلامية العلمانية المعادية اقوى من المؤيدة ، فخسرت موجات التضامن العربي التي حصلت عليها منذ انطلاقتها !
حماس فكريا تتبع كليا تنظيم الإخوان المسلمون ، تفكير هذا التنظيم لم يكن يوما النضال من اجل قطاع محاصر يحيا فيه الناس بإذلال منقطع النظير في كافة مناحي الحياة ، فمن يجعلهم ينفذون عمليات استشهادية في قلب الكيان طوال سنوات يعلم ان هذا التنظيم لا يقيم وزنا للسلطة و الحكم امام تحقيق الأهداف التي يصبو اليها ، وكانت السابع من اكتوبر !
علما بأن حماس في وثيقتها عام 2016 تبنت قيام دولة فلسطينية في الضفه و غزه و اعتبرت نفسها حركة تحرر وطني و انفكاك غير مباشر عن تنظيم الاخوان المسلمين .
القضية الفلسطينية قبل السابع من اكتوبر كانت تتجه للتصفية الفعلية بخطوات مدروسة ، كنا أشبه بورقة يدعس عليها الحذاء العسكري الصهيوني دون حراك ، و كان الانفجار !
الانفجار متوقع و منطقي جدا و كان لابد منه ، الخسائر فادحة نعم ، ولكن امام قضية وطن وارض وشعب ليست كذلك ، فالجزائر بذلت مليون شهيد من اجل التحرر ، وغيرها وغيرها .
و الثمار و قبل ان تنتهي الحرب 143 دولة وافقت في الامم المتحدة على الاعتراف بدولة فلسطين ، زخم جماهيري واسع في كافة دول العالم بما فيها الداعمة للكيان لدعم الفلسطينيين في استرداد حقوقهم ، تصدر القضية من جديد وسائل الاعلام بعد ان كانت قد طويت .
و اخيرا الدعم اللوجستي والعسكري لا يعني التبعية ، التقت مصالح ايران و مصالح حماس في مقاومة الاحتلال و تحرير الأقصى ، وهذا الالتقاء لا يعني تبعية حماس لإيران !
امريكا و الغرب زودوا كافة الدول العربية بالأسلحة ، فهل هذه تعتبر تبعية ام التقاء مصالح ؟
“تقبل حماس كحركة تحرر و من ثم حزب سياسي في الوسط الفلسطيني أمر لا يختلف عليه اثنان ، وليس من حق قادة فتح و منظمة التحرير ان يبخسوا ما قدمته الحركة من أجل فلسطين ، و ان يفرضوا عليها ان تكون تابع لهم مدى الحياة لا مقرر ، الشراكة الوطنية ضرورية ولا بديل لها ، نعم نحو مصالحة حقيقية . “