حمادة فراعنة
أمد/ السياسة الأميركية مرتبكة «ملخبطة»، تقع بين خيارين: 1- خيار دعم المستعمرة بكل ما لديها من جرائم وانتهاكات وتوسع واستيطان وقتل متعمد للمدنيين الفلسطينيين، رغم ما تسببه لهم من حرج، 2- خيار التعاطف مع معاناة الفلسطينيين ومحاولة التخفيف عنهم، معنوياً، بدون أي سلوك مادي عملي ملموس، يعمل على تخفيف وجعهم، ورفع الظلم التاريخي الذي وقع عليهم ، نتيجة النكبة وتداعياتها، أو الحالي الذي يذبحهم، بفعل الاحتلال، و الاجتياح الإسرائيلي الدموي الهمجي البربري القائم عليهم.
يحتفل الرئيس بايدن مع غلاة يهود أميركا العنصريين الظلمة الذين لا يلتفتوا الى ممارسات مستعمرتهم في فلسطين بحق شعبها، يحتفلون ويتذكروا الهولوكوست ومعاناة يهود أوروبا مما سببه لهم ظلم: 1- القيصرية الروسية، 2- النازية الألمانية، 3- والفاشية الإيطالية، ونحن نتذكر و نتعاطف مع معاناة يهود أوروبا وأوجاعهم وما عانوه في أوروبا، لأننا بشر نحس بوجع الإنسان ولا نقبل أن يتعرض له أحد، مهما كان دينه أو قوميته أو مذهبه، ولكن هل أحس الرئيس بايدن بوجع الفلسطينيين، بسبب مذابح واضطهاد وطرد وتشريد شعب فلسطين واحتلال وطنهم وأرضهم، وإقامة مستعمرة اسرائيلية عليها، وإسكان أجانب أوروبا سواء كانوا يهوداً أو غير يهود، وهم أغلبيتهم من يهود اجانب لا صلة لهم بفلسطين.
لقد تعرض يهود أوروبا للظلم والمعاناة ونتائج الهولوكوست ضدهم، فجاءوا إلى فلسطين هاربين، أو مستثمرين، أو محتلين ليمارسوا «الهولوكوست» الذي تعلموه واكتسبوا خبراته وطبقوه على الفلسطينيين، وضدهم.
هولوكوست مقابل هولوكوست، دفعوا ثمنه في أوروبا على يد القيصرية والنازية والفاشية، ولم يواجهوه أو يعانوا منه على يد العرب أو المسلمين من عُمان إلى المغرب، بل عاشوا كمواطنين مثلهم مثل المسلمين والمسيحيين، تعرضوا للاضطهاد في أوروبا العنصرية الاستعمارية، فورثوا عنصريتهاو استعمارها، ونقلوها، ومارسوها ضد الشعب الفلسطيني: سواء كانوا مسلمين، أو مسيحيين، أو دروز، و لم يسلم من شرهم يهود فلسطين العرب الذين رفضوا الصهيونية ومشروعها، وعبروا بصمت أو بدون ضجيج ضدها، وأغلبهم انخرطوا بصفوف الحزب الشيوعي الذي يجمع بعدالة ومساواة بدون تمييز أو عنصرية أو نفس صهيوني بغيض، بين صفوفهم.
الإنسان العربي المسلم المسيحي في سائر البلدان العربية، وعلى أغلب مواقفهم وثقافاتهم، يرفضون الظلم لانفسهم وللآخرين، ويرفضون التمييز لانفسهم عن الآخرين، لأنهم عانوا الظلم ولا يزالون، وناضلوا ضد الظلم وسيبقوا، كما حصل في الجزائر وسائر أقطار شمال إفريقيا العربية، وفي سوريا ولبنان، والعراق واليمن، ويرفضه للآخرين، وعن الآخرين، بعكس الرئيس بايدن الذي ورث استعمار أوروبا لأميركا على حساب أصحابها الأصليين، الذين ذبحوهم و»خلصوا» عليهم، ولهذا يقف مع مشروع المستعمرة، لأنها تعلمت منهم، و تفعل كما فعلوا في أميركا.
نجحوا في اميركا من التخلص من أصحابها الأصليين الذين أطلقوا عليهم: الهنود الحمر، ولكن مستعمرتهم اخفقت في التخلص من الشعب الفلسطيني، وفشلت استراتيجياً في مشروعها، إذ بقي سبعة ملايين عربي فلسطيني على كامل خارطة أرض وطنهم فلسطين، رغم انهم تمكنوا من طرد وتشريد سبعة ملايين آخرين،باتوا لاجئين خارج وطنهم فلسطين، يتطلعون للعودة واستعادة ممتلكاتهم في اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، سواء طال الوقت أو قصر.
هم يحتلفون بالهولوكوست، والشعب الفلسطيني ومعهم كل العرب والمسلمين والمسيحيين والدروز، وكل قوى السلام والخير والديمقراطية وأتباع حقوق الإنسان، يتذكرون معاً نكبة الشعب الفلسطيني يوم 15 أيار 1948، الموجعة، صنيعة هولوكوست المستعمرة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وستبقى حتى تتحول إلى ذكرى للعودة، عودة اللاجئين إلى فلسطين، إلى بيوتهم وممتلكاتهم، كما كانت، وكما يجب أن تكون.