بكر أبو بكر
أمد/ في الفهم الثوري فإن الانتصار قد يكون جزئيًا، وقد يكون كليّ للهدف المحدد ضمن التكتيك المتبع أو بإطار الطريق لتحقيق الغاية الكبرى (غايتنا الكبرى تحرير فلسطين، لذلك كان شعار الحركة الوطنية: ثورة حتى النصر) ولكنه بطبيعة النصر بالثورة فهو تراكمي نظرًا لطبيعة القوى والتحالفات وآليات النضال حيث داوود الفلسطيني يقاتل الوحش المدجج بالسلاح.
التراكمية للأفعال بالثورات وللانتصارات الجزئية تؤخذ من كل معاني وأشكال الثورة أوالمقاومة (السياسية والإعلامية والتنظيمية والفنية والميدانية والعسكرية والدبلوماسية والرواية، والقانونية، والجماهيرية وبالمقاومة الشعبية وبالحلفاء، وحاليًا أدوات التواصل الاجتماعي المختلفة…الخ) وبذلك قد يصبح الفعل السياسي أو الاعلامي أو القانوني أكثر نجاعة (أو أولى) في مرحلة ما من العمل العسكري أو الميداني، واستنادًا للأشكال المختلفة لأنه يحقق النصر الجزئي أوالهدف على طريق النصر الكبير.
لاعمل عسكري بلا هدف واضح والا تحولت البندقية لقاطعة طريق أو للثأر أو لمجرد الاستعراض لهذا الفصيل أو ذاك على حساب الشعب الذي يدفع الثمن!
الخالد ياسر عرفات وصحبه بحربه نحو التحرير وإشغال العالم بفلسطين وحقها وبكل أساليب الثورة والمقاومة والنضال، وبالجماهير حقّق ما لايمكن إنكاره وما جعل القضية الفلسطينية غير قابلة للتجاوز مطلقًا.
لقد حقق الرئيس عرفات الاعتراف، نعم، حقق الاعتراف العالمي، كما حقق القبول لفلسطين التي كادت تنتهي بعد حرب النكسة عام 1967 بتوزيع المتبقي من أراضيها بين الدول العربية، فتسقط أولويتها، لكن حنكة الختيار وحراكيته الدؤوبة استفادت من تجربة العقل الصهيوني “حاييم وايزمان” المؤسس الحقيقي للدولة الإسرائيلية الذي اعتبر الاعتراف العالمي والقوة (بكل أشكالها) هما ركيزتا إنشاء “إسرائيل”.
انتصارات ياسر عرفات
مما لا شك فيه أن الانتصارات التي حققها أبوعمار قد خالطها انكسارات في عديد المراحل، ومنه ما يراه البعض بخطورة الانخراط في “اتفاقيات أوسلو”، وما لا يراه أبوعمار الذي افترض بالاتفاقية مدخلًا للدولة حتى خلّص اليمين الصهيوني الإرهابي على “رابين”، ثم على “أبوعمار”.
لقد حققت الثورة الفلسطينية بإشعالها بالدعم العربي منذ الستينيات من القرن20 وفي ظل جو قومي داعم وحليف أو صديق من القوى العالمية أن جعل الفكرة الصهيونية ثم الاحتلال مكشوفًا أمام العالم.
وبالإصرار والإقدام واستخدام كافة أشكال المقاومة والنضال حقق أبوعمار والقيادة الفلسطينية أهدافًا استراتيجية كُبرى مثل التمثيل الوطني الفلسطيني المستقل، وحقق الاعتراف العالمي وكرّس أن هناك أرض ودولة ورواية عادلة وشعب من حقه أن يكون له دولة، وهي ما يتكلم عنها الناس اليوم بالعام 2024م بقوة وزخم كل مراحل النضال، وآخرها ما حصل من المباغتة في 7 أكتوبر، ثم من خلال كثافة النيران الصهيونية والمذبحة والكارثة المدمرة لشعبنا وأرضنا في قطاع غزة التي أعادت التذكير بقوة بما كرّسته المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقتها للعام 1965م، ومسيرتها الحافلة.(سلسلة نجمعها تحت عنوان: النقد المحرم وجريمة التفكير).