بكر أبو بكر
أمد/ بما أن المعركة الميدانية العسكرية غير المتكافئة في قطاع غزة هي بين ثور هائج مقابل ناس مدنيين مجردين من أي أداة مقاومة باستثناء الثبات النفسي وحب الوطن، وبما تقوم به آلة الدمار الكارثي الإسرائيلي فإن العدد المحدود من المسلحين لا يمكن فهمه يخوض حربًا نظامية بتاتًا إلا لمن فقد عقله أو يحب العيش في الخيالات والأساطير! أو عبر استسلامه لأدوات التجييش الإعلامي المضللة التي تحاول تصوير الحرب بين جيشين عظيمين القوة والتسليح! ما لم يحصل في كل مراحل الثورة، وما لم تقله نظريات المقاومة والثورة أساسًا.
لقد لعب التجييش والتهييج الإعلامي الذي صوّر الحاصل حربًا بين متكافئين دورًا في تقليص أو إهمال الدم الفلسطيني الغزّي النازف بما لم يحصل له مثيل منذ النكبة عام 1948 وعليه فلقد هيأ هذا الاعلام المضلّل العقول أن إطالة أمد الحرب المفتوحة، ومع آلاف الضحايًا لا يعني شيئًا!؟ في فهم غريب عجيب واستهتار بحياة الناس التي هي أساس فعل المناضل أو الفدائي أي أن يفدي حياة الناس بروحه وليس العكس.
لربما يراود الكثيرين الحلم، ومنهم في قيادة حماس نفسها أن مجرد بقاء بندقية أوقذيفة تطلق من هنا أو هناك يشكل نصرًا، وهو فهم ارتبط على ما يبدو بفكرة أن هذه المعركة فاصلة!؟ وان المعركة حاسمة ونهائية وإلهية!؟.
(أنظر رسالة السنوار بتعزيته/تهنئته لهنية بأستشهاد أبنائه في غزة حيث اعتبر الحاصل: “أشرف معارك الكون”!؟! دقق معارك الكون! وليس معارك فلسطين أو الأمة أوالعالم!؟)
ولأنها بفهم البعض في “حماس” معركة حاسمة او معركة “وعد الآخرة”؟! فإن الانتصار فقط هو الذي سيحصل، وعليه يعني الفشل فيها انتهاء الفكرة وانتهاء الفصيل ما هو فهم خطير لا يأخذ بإمكانية نقد الذات وإعادة النظر، والمراجعة في ضوء متغيرات الواقع، وتفهم النتيجة التي تجاوزت التوقعات الأولية بشكل فظيع.
هذا الفهم الصعب يعني أن الفصيل لا يهتم بآلاف الضحايا مما قد يظهر أن الحفاظ على الذات الحزبية هي الأساس لاسيما وأن الأهداف الكبرى (حيث الأمة ستقاتل مع فلسطين لتحرير فلسطين) في اليوم الأول للطوفان وما لحقها قد انطفأت لتتحول أهداف المفاوضات فقط لإنهاء العدوان وفتح شارع الرشيد مثلًا، وبقاء الفصيل!
إن بقاء القوة العسكرية لفصيل “حماس” أو الفصائل الأخرى في غزة كالجهاد الإسلامي وبما فيها كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، هو بقاء محكوم عليه بالزوال بحكم التفوق العسكري الفظيع.
لقد سقط منطق التفوق بالقوة العسكرية من منظور التهديد أو الردع فلم يعد من رادع للقوة العسكرية في غزة التي كان لها وزنها النظري عند الإسرائيليين بمعنى أن عدم استخدامها والتهديد به (قوة الردع) خاصة في ظل وحدة وطنية، كان أوقع من استخدامها وعودة الاحتلال لغزة ونفاذ القوة.
إن القوة العسكرية المحدودة والضعيفة جدًا بعد 7 شهور وفي ظل التخلي للأمة يعني أن هذه القوة ستُسحق بحكم الواقع الداهم في مواجهة الحرب العالمية ضد فلسطين من (الإسرائيلي والأمريكي والبريطاني والألماني والفرنسي…).
إن البقاء العسكري بمنطق حجم وتأثير اليوم الأول للطوفان أصبح حلمًا، لأنه بقاء محكوم عليه بالزوال ليس من العدوان الصهيوني فقط، وإنما بموافقة العالم الغربي والإسلامي!
إن نفاذ التواصل اللوجستي، وعدم القدرة على الحركة، وضعف الحلفاء أو تخلّيهم وممارستهم رياضة التصريحات المنافية للسلوك الداعم للإسرائيلي، إضافة الى إحكام السيطرة الصهيونية التدريجية على القطاع المحروث حرثًا يعني إن القوة العسكرية الفلسطينية ستكسب نصرالصمود، ورذيلة حجم الضحايا، وتخسر الجولة.
لمن لم يفهم الصورة الآن، فلقد تم إعادة احتلال القطاع الضيق قطاع غزة، ويتم تدميره أرضًا وشعبًا وبكل مقومات الحياة! أما آن للوعي أن يدرك حجم التغيير المهول ويغير دفة القيادة!