حمزة البشتاوي
أمد/ لم يعد الناس يهتمون كثيراً بمؤتمر القمة العربية، سوى من باب التنكيت والنوادر الساخرة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تعود فيها قصيدة (قمم قمم) للشاعر مظفر النواب للحضور مجدداً.
كما تحضر الحرب الوحشية على قطاع غزة، في قمة الرؤساء والملوك والأمراء العرب، المدججين بالجمل الإنشائية والعبارات المنمقة تجاه القضية الفلسطينية والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته للعدوان الذي كشف مزيدا من حالة العجز العربي، والغياب الكامل لأي خطوات عملية، يفترض أن تضطلع بها القمة العربية المثقلة بالقرارات المحفوظة بالأرشيف، خلال 45 قمة منها 32 عادية و 13 استثنائية، بين العرب المنقسمين بين أغنياء حتى التخمة وفقراء حتى العوز.
وحفاظاً على صورة وسمعة القمة أقترح انطلاقا من حبي للعروبة والكفتة التي تعتبر من أهم الأكلات في المطبخ العربي، باستثناء غزة حالياً المحرومة من الماء والغذاء والدواء، وطبعاً من الكفتة التي يتم اعدادها من اللحم المفروم والقليل من البصل والبقدونس، وتوضع بالصينية وتطهى بالفرن، ويكتسب طعمها مع البهارات نكهة مميزة ولذيذة.
ولكن هذه الأكلة الشهية تتعرض اليوم لمخاطر جدية، بسبب ظاهرة الغش المنتشرة في أسواق بيع اللحوم، وهذه قضية مصيرية كبيرة وخطيرة، كونها تسبب أمراض صحية بكتيرية وسياسية جرثومية واجتماعية طفيلية، يجب معالجتها من قبل القادة العرب في قمتهم المذهبة، كي يبرروا وجود القمة ويتخذوا قرارات عملية، بعيداً عن المسائل الخلافية والقضايا الصعبة والتي لم يفعلوا لأجلها شيء، مثل الأوضاع في فلسطين والحرب على غزة، وسوريا والحصار الظالم عليها بفعل ما يسمى قانون قيصر، وما يجري في السودان وليبيا والصومال وجزر القمر وجيبوتي وأزمة سد النهضة ومواسم الحفلات و المهرجانات و غيرها من القضايا المزمنة في تاريخ العروبة و القمم العربية.
على أن لا ينشغل الرؤساء العرب بملفات شائكة ومستهلكة، وبيانات تشبه أكلة مجدرة بايتة، والتفرغ الجدي لمعالجة قضية الغش المتفشية لدى بائعي اللحوم والتي تضر بالكفتة بالصينية واعتبارها أولوية الأولويات القابلة للإنجاز، ولا تحتاج سوى للتصدي والمواجهة بعيداً عن الخطابات النارية والبيانات الإنشائية.
وبحال أخذت القمة القرارات المناسبة والحاسمة في التصدي الموحد، لما أصاب الكفتة استنادا إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ومقتضيات الحفاظ على الأمن القومي والصحي العربي ومحاربة كل من تسول له نفسه الغش في صناعة الكفتة، واعتبار هذا العش بمثابة جريمة حرب وكارثة إنسانية، يجب وقفها ومحاسبة مرتكبيها، بموقف يعبر عن الإرادة العربية المشتركة، والدعوة انطلاقا من وحدة الصف العربي والمسار والمصير إلى مؤتمر دولي، لبحث آليات مقاطعة من يغطي أو يساهم في هذا الغش الكبير، والخطير، على أن يتم اعتبار كافة القرارات المتعلقة بالحفاظ على أكلة الكفتة بالصينية هي مسألة حياة أو موت وإنجازها سوف يساهم في خفض معدلات الإحباط التي تصيب الشعوب العربية، مع كل قمة عربية لا ينتج عنها سوى المزيد من التدهور والانحدار.