محمد المحسن
أمد/ حين يصرخ الفلسطيني: باقون..بفلسطين..ما بقي الزيتون والزعتر
“مختلفون على كل شيء،لنا هدف واحد:أن نكون..ومن بعده يجد الفرد متسعا لإختيار الهدف..”(محمود درويش)
“يا عبد الله..
مد الرشاشة في الفجر الشاحب
لا تتأخر عداد القلب وعداد القنبلة الموقوتة متفقان
ووعي السبابة قد بلغ النار
وأيام التاريخ تقبل راحتك اليسرى..”
(مظفر النواب)
-سلاما لكل من دفع حياته ثمنا من أجل وطنه وقضيته وليس لغيره..
وله شرف الانتماء لفلسطين..دون أن يصاب بلوثات فصائلية..( الكاتب)
..أن ينجح -الغزاوي- في صوغ مصالحة بين الألم وإشراقات الحياة..فهذا أمر مدهش!
ولكن..
القدرة على إبتكار طرق إلتفافية خاصة به،في الصخر والطّين،ومراوغة الدبابات للإنتقال من زقاق جهنمي إلى شارع ملتهب..هي تعبير عن إرادة الحياة فيه،كما أنّها تعبير أيضا عن ندرة الحياة وبؤسها في واقع يطمح إلى تجريده من الشروط الإنسانية الأولية،كأن يعود به إلى ما قبل الشارع،وما قبل وسائل المواصلات،وما قبل الساعة،وما قبل الأفق،مضطر.لأنّ قوّة الحياة الكامنة في الكائنات أن تعمل.ولكن مديح التكيّف يحدّد للإرادة حيز عمل شديد الضيق،إذ يصبح هذا الشرط اللاإنساني الإمتحان البائس لمتطلبات إنسانيته،بتحوّله إلى شكل من أشكال الروتين،فيفرح بإنسحاب دبابة من باب منزل،أو بالخروج من عنق الزجاجة عند إحدى الحواجز،أو بتوقّف الأباتشي عن التحليق والقصف لمدّة يوم واحد..!
ليس أفق الحرية وحده هو الذي يضيق بالحصار،فللحرية معنى يسبقه ويفكّ الحصار.لا لشيء إلا أنّها مؤجّلة دائما.
أما الحياة المحاصرة هي المعطى الممكن الوحيد من الحياة،فتعدّ العدّة للتكيّف مع ما يناقض جوهرها،كأنّها حلم أو مشروع قابل للتأجيل والتفاوض.فيصبح حقّه في حياة إنسانية،بمعناها الخام،أحد بنود الحل النهائي!
ليس الصراخ عيبا،فليصرخ إذا،لا ليسمعه أحد،فلا يجرؤ أحد على الإصغاء إلى صرخته لئلا يُتَهمَ بالخروج عن جدول أعمال أمريكا.لكنّه يصرخ ليقول ما هو أبسط..ليقول،إنّه لا يتكيّف مع ما هو فيه،حتى ولو كان هذا التكيّف أحد تجليات البطولة،فلا تبهجه بطولة تتعارض مع وعيه لإنسانيته..
إنّ تحمّل العذاب شيء يختلف عن التعوّد على عادية هذا العذاب وروتينه اليومي المفتوح على إبتكار أنماط تأليف جديدة..
فليصرخ،لا ليسمعه أحد،بل لتوقظه صرخته مما هو فيه:كيف إلتبس على الوعي العالمي الفارق بين المقاومة والإرهاب !؟
كيف تمّ الإنتقال من التنافس مع الآخر على صورة الضحية الذي كسبه بعض الوقت،إلى التنافس مع الآخر على سؤال:من أين يأتي العنف،ومن أين يأتي العنف المضاد .. !؟ (إف16 مقابل هاون من صنع محلي)
وكيف إستطاع العالم الظالم أن يرسم له صورة شائعة:صورة الإرهاب..؟
لقد أًدرج سؤاله:سؤال العدالة والإستقلال والتحرّر من آخر إحتلال على الكرة الأرضية في سباق الحرب على الإرهاب،وتمّ تحويل الإحتلال الإسرائيلي من إرهاب دولة رسمي إلى دفاع عن النّفس في حرب إستقلال لا تنتهي إلا بالقضاء على معركة إستقلال بدأت.
وإذن؟
فليصرخ إذا لتوقظه صرخته:إنّ مقاومة الإحتلال بوسائل ملائمة لا تشوّه صورة حقّه وحقيقته،ليست إرهابا..حتى لو ترافق ذلك مع موت المرجعيات العالمية،بعدما أصبح مجلس الأمن الدولي شديد الشبه بمجلس الأمن القومي الأمريكي،وبعدما أصبح ذهب السكوت العربي لامعا،إلى هذا الحد:حصار يلد حصارا،وأمريكا تحاصر الجميع.فماذا نفعل إذا حاصر فرعها الشرق أوسطي المدن والقرى الفلسطينية ! ؟
سؤال لجوج ما فتئ ينهشني وإنّي-أراه-يهدّد الجميع بالسقوط في الهاوية..
وفي عمق الهاوية قد لا نجد متسعا للجميع..لولا الأمل..لولا الإرادة..