د. سامي خاطر
أمد/ كعادته كنظام أزمات لابد من أزمة يوقت النظام الحاكم في إيران جرائمه
وتنفيذ مخططاته مع حدوثها، وتوقيت حملات القتل الحكومي تحت مسمى الإعدام
في إيران هذه الفترة توقيتاً تم اختياره بعناية للتغطية على جرائمه وعلى
جرائم الإبادة بحق الفلسطيني، كما يوحي ذلك بوجود توافق بين نظام ولاية
الفقيه في إيران والنظام العالمي خاصة في ظل ما يحدث للشعب الفلسطيني من
إبادة في غزة وقمع واضطهاد في الضفة الغربية، ورغم أن حملات الإعدام هذه
من أبرز القضايا الحقوقية المثيرة للجدل على الصعيدين الداخلي والدولي،
وتثير تساؤلات أكثر حول توقيت هذه الحملات، إذ يُشير هذا التوقيت إلى
وجود توافق ضمني غير معلن أو بين نظام الملالي والنظام العالمي خاصة في
ظل الأحداث المأساوية التي تشهدها فلسطين كالإبادة في غزة والقمع
والاضطهاد والقتل في الضفة الغربية، ويعزو بعض المراقبين هذا التوقيت إلى
محاولات إلهاء الرأي العام الدولي عن مأساة الشعب الفلسطيني وفي الوقت
ذاته يستمر نهج النظام العالمي المتستر على جرائم نظام ولاية الفقيه دون
اكتراث، وما هذا التستر والصمت الدوليين تجاه ما جرى ويجري من جرائم ضد
الإنسانية على يد النظام الكهنوتي في إيران إلا توافقاً لا بأس أن أوهموا
البعض بأنه تقاعساً حفظا لاعتبارات الأعراف الدولية التي لم يعد لها
سترا؛ كما لم يكن الصمت الدولي تجاه هذه الانتهاكات مبرراً بأي حال من
الأحوال خاصة وأن مبادئ حقوق الإنسان حسب المُعلن عنه تُعَدُّ من أسس
المجتمعات الحرة والديمقراطية، ولكن تلك المبادئ لم تُوجِب على المجتمع
الدولي التحرك والضغط على نظام الملالي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان
وحماية للمدافعين عنها، ولكن على ما يبدو أن المُعلنِ عنه ليس ذراً
للرماد في العيون وتجاهلا متعمداً لما يحدث وهو في كل الأحوال على حساب
الشعب الإيراني والفلسطيني وباقي شعوب المنطقة التي تعاني من تدخلات نظام
الملالي.
الإعدامات في إيران وتوافق النظام العالمي مع نظام الملالي
ما يجري من عمليات قتل حكومي ليس بجديد في إيران إذ يتصدر نظام الملالي
الحاكم في إيران المشهد العالمي من حيث عدد الإعدامات سنوياً خاصةً مع
استمرار النظام في تنفيذ أحكام الإعدام بحقّ مختلف مكونات وفئات الشعب
بما في ذلك القاصرين والنشطاء السياسيين والأقليات الدينية، وهذه
الإعدامات ما هي إلا جزءاً من سياسات قمعية تُمارَس بشكل ممنهج ومتواصل
ضد خصوم الرأي، وحالات أخرى لا يتم فيها مراعاة المعاير القانونية
والإنسانية وحتى الشرعية.
دولياً يواجه فيه ملالي إيران انتقادات دولية واسعة بسبب عقوبة الإعدام
التي تُمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ومع ذلك يتخذ النظام العالمي
موقفاً متناقضاً تجاه سياسة عقوبة الإعدام في إيران، فمن جهةٍ تُدين
العديد من الدول هذه السياسة وتُطالب بوقفها، ومن جهة أخرى تُحافظ تلك
الدول وغيرها على علاقات دبلوماسية وتجارية مع النظام الحاكم في إيران،
وعلى هذا النحو يبدو أن هذه وتلك الإدانات لا تتخطى مجرد شعارات فضفاضة
لحفظ ماء الوجه ولا شيء غير ذلك، الأمر الذي يُعتبر بمثابة توافق ضمني مع
سياسات الملالي الداخلية إذ لم يتخذ النظام العالمي حتى اليوم أية
إجراءات فعلية بحق نظام الملالي.
من المسؤول عمّا يجري في إيران من قتل تحت مسمى الإعدام، وقمع النساء بحجة الحجاب
بات Top of Form
القتل الحكومي في إيران اليوم تحت مسمى الإعدام وسيلة النظام من أجل
البقاء في السلطة، وللغرض ذاته يُشرع النظام اليوم قمع من أجل النساء
بحجة الحجاب في مسعىً منالنظام لقمع الحريات وكسر إرادة النساء والشباب
لمنع قيام الثورة إذ يتوقع النظام انتفاض الشعب من جديد لأجل إسقاطه،
والقمع بحجة الحجاب اليوم سياسة منهجية مُحكمة تم التشريع لها للتهرب من
المسؤولية القانونية الدولية، وستستنزف هذه السياسة كرامة النساء
ومقدراتهن وستؤثر على مستوى معايشهن، وقد ساعد التستر والصمت الدولي على
تجرأ الملالي في تطيق هذه السياسات القمعية، وما تجاهل هذه الانتهاكات
الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران إلا غياباً أخلاقياً وسياسياً يستدعي
النظر في أسبابه وتبعاته، إذ يشن النظام الإيراني منذ سنين طوال حملات
قمع متواصلة ضد المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان، ويستهدف التصعيد من
حملات الإعدامات خصوم الأبرياء وخاصة النساء والأقليات.. فهل سيغير
النظام العالمي من نهجه المُتبع في إسناده لملالي إيران وتغاضيه عن
جرائمهم في إيران والمنطقة على الأقل من باب رد الاعتبار للشرعية الدولية
المُهانة؟