مسك محمد
أمد/ كان لتصريح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بأن الاحتلال قد وصل إلى النواة الحساسة لحركة حماس والآن يستخدم أسلحتها ضدها، مؤشر يؤكد على تمكن الكيان المحتل من الوصول إلى مركز العمليات للحركة في غزة، كما يدلل على أنها قد خسرت أرض المعركة في ظل الحرب الشعواء التي دكت القطاع وحولته إلى ركام.
ويبدو أن تصريح “غالانت” ليس مجرد ثرثرة أو أمنية إسرائيلية تحاول تل أبيب إقناع نفسها بها من أجل إسقاط حماس، بل أصبحت حقيقة راسخة خاصة بعد أن أبدت حماس نيتها في ترك غزة والتفكير في الهجرة إلى قطر أو تركيا أو أي دولة أخرى غير لفلسطين، ليخلو لإسرائيل الجو حتى تتوسع حدود دولة الاحتلال بضم غزة.
“حماس” خضعت أيضا أمام إسرائيل، عندما أعلنت قبولها بوقف إطلاق النار مع بدابة شهر مايو الجاري، وإبداء النية للجلوس على مائدة المفاوضات في القاهرة من أجل الهدنة، لكنها تمسكت بشروطا رفضتها إسرائيل، والتي كان أبرزها الإفراج عن جميع عناصر وقيادات الحركة من السجون الإسرائيلية، وهذا كان بمثابة الرعب نفسه لتل أبيب، فمن الواضح أنها تخشى أن تجدد الحركة نفسها وتعود مجددا بأكثر من عملية انتقامية كطوفان الأقصى.
مستجدات الحرب تشير إلى أن حماس كحكومة قد سقطت، لكنها لا تزال متواجدة كتنظيم أو حركة قادرة على الإضرار بمصالح إسرائيل في الدول الغربية خاصة بعد اشتعلت الجامعات الأمريكية والبريطانية بمظاهرات من أجل غزة، أو حتى في قلب تل أبيب حتى لو خسرت السيطرة على قطاع غزة.
وما زاد الأمر تعقيدا هو تهديد الحركة خلال الأيام الماضية بتعليق المفاوضات التى تجرى مع الاحتلال الإسرائيلى بشأن مقترح الهدنة، وهو ما أثار غضب إسرائيل التي تضغط بورقة اجتياح رفح من أجل قبول حماس لشروطها، وسرعة إفراج الحركة عن الرهائن وامتصاص غضب الشارع الإسرائيلي ضد نتنياهو وحكومته!
لكن المعطيات الحالية تشير إلى أن حماس حكومة تلتقط أنفساها الأخيرة في غزة، وربما تبحث عن مراكز أخرى من أجل تجديد نفسها وإعادة إدارة أمور الحرب ضد إسرائيل في رفح في محاولة بائسة لإثبات الوجود على الرغم من تأكدها أنها خسرت الحرب كما خسرت السيطرة على قطاع غزة إلى الأبد، لكنها لا تزال قادرة على إرباك إسرائيل وتقويض أمنها، فلا تزال الصواريخ والضربات العشوائية قادرة على إفزاع الإسرائيليين، الذين يعتبرون “حماس” بعبع العصر، كنا أن المعارك اليومية متواصلة بين الطرفين حتى هذه اللحظة!
ورغم ذلك، فحماس لم تموت حتى الآن رغم ضعفها، وأعلنت أنها مستعدة لمواصلة القتال لفترة طويلة، فرئيس الحركة يحيى السنوار لا يزال يسيطر على الأمور ويديرها ويتحكم بها رغم كل ما تسبب فيه من دمار وخراب وقتل للشعب على حساب هوسه بالزعامة وتحقيق مصالح الحركة.
تعنت “السنوار” وتحديه لنتنياهو في معركة تجري على حساب الفلسطينيين لا الاسرائيليين قد يؤدي إلى مجازر جديدة في رفح خلال الأيام القليلة المقبلة، ورغم ذلك فهم يتمسكون بشروطهم الكاملة لوقف الحرب دون مراجعة حصيلة الحرب الممتدة منذ ستة أشهر والتي خلفت أكثر من 35 ألف شهيد و78 ألف جريح وهذا بخلاف المفقودين تحت الأنقاص وأكثر من نصف مليون بناية مدمرة.
والآن.. يتبادر سؤالين في الأفق: هل بامكان حماس أن تستمر في نفس النهج بعد كل ما حدث وهل ستعيد تقدير الموقف وتنقذ نفسها بالانضمام الى منظمة التحرير الفلسطينية ؟