د. عبد الرحيم جاموس
أمد/ قد رحلَّ الراحلونَ …
دون مراسمِ الوداعِ …
دون إرتيابٍ …
دون شكٍ …
في اليَقين …
***
قد مَضوا في طريقِ العائدينَ …
من الغيابِ …
إلى الغيابْ …
قد حضروا بيتَ العزاء …
ثم قالوا: ها قد عُدنا …
من بعدِ طولِ إنتظار …
****
قد تعبَ السُؤال عن السُؤال …
قد أنهكهُ السفرُ المُتاحُ بينَ فراشتين …
قد أنهكه التَسكُعُ …
على الأرصفةِ والطُرقاتِ …
والسيرِ بينَ أطرافِ الصِراعاتِ …
أنهكه الصبرُ والإنتظارُ …
عندَ حدودِ الغيمات، وحدودِ الإنتصارات …
بين الطوائفِ والعشائرِ والأفخاذ …
****
قد بَكى وطناً باتَ شهيداً …
قد بَكى أُماً لهُ في الغِياب …
قَضت دونَ مراسمَ لِلوداع …
مَضى عليها دهرٌ في اليَباب …
بضعٌ وسبعونَ عامٍ عِجاف …
***
ظَلت تقاتلُ، تصرخُ، أنا لم أمت …
أنا حيةٌ …
لم أَمت …
كما يشتهِي الخصمُ لِي …
موتَ الحَمام …
أنا طائرُ الفِينيقِ …
اعشقُ الحياةَ ..
أبعثُ من قلبِ الرُكام، من تحتِ الرَّماد ..
أنا لم أموتَ موتَ النَعام ..
****
أنا الذي أبحرَّ …
في مراكبِ الغَرقِ …
ركبتُ موجَ الأهوالِ …
تحديتُ شرَّ الشَررِ من كلِّ الطُغاة …
أنا الذي قد غازلنِي الموتُ من جميعِ الجِهات …
من الجنوبِ …
إلى الشمالِ ..
ومن الشمالِ إلى الجَنوب …
****
أنا اللاجِئ الطَريدُ …
الغريقُ، الغريبُ …
في الوطنِ وفي الشَتات ..
***
أنا الذي هَزمَ …
قواربَ الموتِ …
والغرقِ والنسيان …
أنا الذي صَنعَ طوقاً …
للحياةِ ولِلنجاة …
****
أنا الذي قد عاشَ بينَ الظلِ والنَدى ..
أنا الذي هتَفَ لهُ الليلُ ..
أنا الفدائيُ الذي قهرَ العِدى ..
أنا العينُ التي لا تَنام …
***
هُنا …
أنا هُنا …
أشمُ رائحةَ الأرضِ …
أسترجعُ ظلَّ الحِيطان …
لون الشمسِ …
قَد كان لوني، يومَ مولدي …
****
أنا الذي ركلَّ الظلامَ بِرجلِه …
واشعلَّ ناراً من دمِهِ …
ليأخُذَ مِنها جمرةَ الحَياة …
هيَ جمرةُ حُريتي، في أن أكونَ أو لا أكون …
***
مَضيتُ أغَني، أغنياتِي …
أعزفُ على أوتارِ بندُقيتيِ …
الحانَ ثَورتي وانتفاضَتي …
ها قد عُدتَ يا يومَ مولدِي …
عُدتَ يا بركانَ ثورتِي …
أنا لازلتُ اعزفُ لحنَ عَودتِي …