معاذ خلف
أمد/ مضى على اتفاقية اوسلو 31 عام ، و الشعب الفلسطيني ينتظر ثمارها ، وفي كل يوم يمضي منذ الاتفاقية كان يبرهن على ان لا اتفاقات ولا سلام ولا عهود مع الكيان الإسرائيلي ، وحده محمود عباس الذي يرى ان اوسلو و حل الدولتين حقيقة و ليست خيال ووحده ايضا يرى ان السابع من اكتوبر أفسدت حل الدولتين او قضت عليه !
ليس هناك اسوأ من قيادة منفصلة عن الواقع لدولة محتلة ، وتجهل الأفق الذي يرسمه الإحتلال ويبتغي فرضه عنوه ، لنتعلق بأحلام الماضي ، واوهام المستقبل ، و نترك الواقع لعدونا ليفعل بنا ما يشاء .
دمرت إسرائيل اتفاقية اوسلو التي وقعها الفلسطينيون بناءا عن الحل المرحلي الذي اقره المجلس الوطني الفلسطيني 1974 ، وتجاوزت كل بنودها ، و في كل مرة كان الاستيطان يمتد فيها ليلتهم أراضي الضفة الغربية كان محمود عباس واجهزته الامنية يضربون اروع المثل في الوفاء للتنسيق الامني و مطاردة عناصر المقاومة الفلسطينية ، وعندما قررت اسرائيل الاستغناء عن خدماته واخذت على عاتقها اقتحام مدن و قرى الضفة الغربية لمطاردة المقاومة ، ظهر في اجتماع الأمم المتحدة مطالبا العالم بالحماية “ياعالم احمونا !”
في ذات السياق و في مؤتمر دافوس 2024 صرح عباس ان “اتركوا حماية اسرائيل علينا !” في الوقت الذي كان شعبه يباد ويقتل في غزة .
اما في مؤتمر الجامعة العربية بالأمس في المنامة فقد قال ان “حماس اعطت الذريعة لإسرائيل بتكريس الانقسام لعدم قيام دولة فلسطينية!”
تناقض عجيب في تصرفات و تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، فالواقع أنه لا يملك شيء او دعونا نقول انه فقد كل شيء ، فإتفاقية اوسلو و حل الدولتين ورثهم عن الشهيد ياسر عرفات ، اما هو وسلطته فلم يتقدموا خطوة واحدة في رحلة النضال الفلسطينية ، بل على العكس انقسمت فتح على نفسها وفقدت دورها النضالي ، هودت الضفة الغربية ، انقسم الشعب الفلسطيني بين الضفة الغربية و غزة ، فتح و حماس ، و عاشوا اسوأ حقبة زمنية منذ بداية الاحتلال عام 1948 .
العالم الإفتراضي الذي يعيش به الرئيس الفلسطيني محمود عباس جعله يظن ان حل الدولتين ماضٍ قبل السابع من اكتوبر و الحقيقة و الواقع يقول ان القضية الفلسطينية كانت تصفى بشكل مدروس ، اسرائيل كانت ماضية في اعلان دولة اسرائيل من النهر الى البحر ، انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي عدة خرائط لإسرائيل على كامل أرض فلسطين التاريخية ، قضية اللاجئين طويت الى الأبد ، و السلطة الفلسطينية جردت من كافة مسؤولياتها و استحقاقاتها ولم يتبقى لها سوى الدور الوظيفي الذي اوجدها الاحتلال من اجله وهو حماية امن اسرائيل ،اما الإعلام الإسرائيلي و على لسان اكاديميين اسرائيليون فكانوا يتحدثون عن امكانية السماح للفلسطينيين بروابط مدن ! ، عن اي حل دولتين كان يتحدث محمود عباس وكيف افسدته حماس ؟
في حين ان حماس و في وثيقتها عام 2016 قد اعلنت القبول بحل الدولتين على اراضي 1967 .
هجوم السابع من اكتوبر اعاد للقضية الفلسطينية زخمها الدولي والإقليمي و تصدرت قضيتنا شاشات الإعلام بعد ان كانت قد طويت، وازدادت موجات التضامن العالمية مع الشعب الفلسطيني وقضيته و حقه في نيل حقوقه ، وازداد كره شعوب العالم لإسرائيل ونبذها ، وابدت حكومات 143 موافقتها على الاعتراف بدولة فلسطينية .
في حين ان وبعد كل هذه الانجازات والتضحيات للمقاومة الرئيس الفلسطيني يريد منهم ان يوافقوا على المصالحة بشروطه من أجل ان يكونوا حجر تابع له على رقعة الشطرنج ، لا مقرر لمصير شعب احيوا بصمودهم قضيته !
“ليس الخطأ ان يتجاوزك الزمن ، ولكن الخطأ هو أن تقف مكانك حينها ، لتكون حجر عثرة في طريق الفاعلين الحقيقيين على الأرض!”