حمادة فراعنة
أمد/ المفاوضات وفق معطيات التاريخ تتم بين الخصوم والاعداء، بينما تتم التفاهمات والبحث عن القواسم المشتركة بين الأصدقاء والحلفاء، المفاوضات الجارية حالياً بشأن غزة وفلسطين، علناً أو سراً، بين الأطراف المختلفة بهدف التوصل إلى قرار: تهدئة، أو وقف إطلاق نار في قطاع غزة، تتم بين الطرفين المتصادمين المتصارعين، اللذين صنعا عملية 7 أكتوبر وتداعياتها، ويحاولان إنتاج حصيلتها بما يتفق ومصالحهما.
المفاوضات تتم بين المستعمرة وأجهزتها من طرف وهم: دادي برنياع رئيس الموساد ورونين بار رئيس الشاباك وجنرال من الجيش نيتسان ألون، ومن الطرف الآخر: المقاومة الفلسطينية وفي طليعتها حركة حماس من قياداتها الميدانية المقاتلة قيادات القسام، وقياداتها السياسية سواء من تبقى منها داخل قطاع غزة، مع قياداتها السياسية في المنفى، والوسطاء الثلاثة: الولايات المتحدة ومصر وقطر.
إذن من سيصنع اليوم الثاني بعد توقف المعارك والتوصل للتهدئة المؤقتة أو وقف إطلاق النار هم الذين يقاتلون بعضهم بعضاً على الأرض وفي الميدان: قوات المستعمرة وقوات المقاومة، لا تستطيع حماس اختراع عدو وهمي لفتح المفاوضات معه، ومن ثم تنصيبه كقيادة بديلة لقوات الاحتلال، ولا تستطيع المستعمرة تنصيب قيادة بديلة لحركة حماس واختراعها وتسليمها السلطة في قطاع غزة.
حماس هي التي تقود القتال، وتقود المفاوضات، واعتماداً على نتائج المعركة التي لم تنته بعد، سيتقرر شكل السلطة اللاحقة على قطاع غزة، والمستعمرة تسعى لتغيير معطيات الواقع العملياتي لعلها تحقق نصراً بعد سلسلة الفشل والاخفاق: 1- فشل في عملية 7 أكتوبر الذي شكل صدمة للمجتمع الإسرائيلي برمته، 2- فشلها في إدارة عمليات الهجوم والتدمير والقتل والاجتياح، حيث لم تتمكن حتى الآن من تحقيق غرضيها: قتل قيادات حماس واجتثاثها، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والإفراج عنهم بدون عملية تبادل، لهذا تحاول المستعمرة عدم التوصل إلى اتفاق تهدئة وتبادل للأسرى، لأن ذلك يعني هزيمتها، وهذا ما يُفسر عدم قبول نتنياهو لكل اقتراحات التهدئة، ويعمل على مواصلة الحرب واجتياح منطقة رفح لعله يحقق إنجازاً في مسألتي: قتل قيادات حماس، وإطلاق سراح الأسرى بدون تبادل.
المستعمرة وحماس هما اللذان سيقرران شكل ومضمون السلطة ما بعد وقف إطلاق النار، ما بعد الانتصار لأحدهما والهزيمة للآخر، لأنهما لم يصلا بعد إلى النتيجة الحاسمة، حيث لازالت المعركة محتدمة بينهما، وإن كانت متقطعة.
كما سبق ورضخت المستعمرة للمفاوضات مع الرئيس الراحل ياسر عرفات العدو المعلن وقائد الفلسطينيين «الإرهابي» على أثر الانتفاضة الأولى عام 1987، والاعتراف به، والتوصل معه إلى اتفاق أوسلو عام 1993، والانسحاب لصالح قواته، وعودته إلى الوطن مرفوعاً على أكتاف رفاقه ومقاتليه وتسلمه للسلطة في غزة وأريحا حينذاك، سيكون الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة لصالح قوات حركة حماس، وسيظهر السنوار القائد والزعيم المنتصر الذي سيوقع على قرار اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار، وستكون حماس هي السلطة الواقعية العملية المعترف بها على قطاع غزة الصامدة المنتصرة، فهي التي تقود القتال، وهي التي تقود المفاوضات، وهي التي ستجني ثمار هذا: الصمود والمقاومة والمفاوضات.