معاذ خلف
أمد/ أنشئت محكمة العدل الدولية للتعامل مع النزاعات بين دول العالم المتعلقة بالقانون الدولي ، وهذا يعني القوانين المتفق عليها بين الدول ، مثل اتفاقية الإبادة الجماعية ، وهي اتفاقية تم الاتفاق عليها بعد الحرب العالمية الثانية لمنع تكرار حوادث القتل الجماعي مرة اخرى .
في ديسمبر 2023 قدمت جنوب افريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية لإثبات ان اسرائيل ترتكب ابادة جماعية في حرب غزة التي بدأت في السابع من اكتوبر الماضي بعد هجمة استباقية للمقاومة على مستوطنات غلاف غزة .
في شهر يناير اصدرت المحكمة حكما مؤقتا بالإختصاص في دعوى جنوب افريقيا ، الأمر الذي أشعل قادة الكيان غضبا .
طوال الخمسة أشهر الماضية لم تهدأ وتيرة الصراع بين اسرائيل و محكمة العدل الدولية ، التي كانت الأولى تقابل قراراتها بشيء من التعالي و العدوانية ، وما ان تحتد الامور في غير صالح اسرائيل حتى تتدخل امريكا بالتهديد و الوعيد و فرض العقوبات ضد المحكمة !
امريكا مهندسة القانون الدولي ، تهدد مؤسسة قضائية متفق عليها دوليا من أجل اسرائيل ، و هنا تتضح سياسة الكيل بمكيالين ، فأمريكا لا يمكن ان تكون وسيط عادل في النزاعات ، ولا يمكن الإستعانة بها لحل القضايا الدولية لأنها ببساطة متحيزة لمصالحها .
رغم التهديد الامريكي و العنجهية و الصلف الصهيوني الا ان محكمة العدل الدولية أصدرت اليوم قرار القبض على كل “ناتنياهو و غالانت و يحي السنوار و محمد الضيف و هنية “
و هذا القرار بمثابة ترجيح كفة ميزان عن الأخرى ، وهو ميل واضح لميزان القضاء الدولي ، ناتنياهو و غالانت ظهروا اكثر من مرة عبر الفضائيات و هددوا بالإبادة الجماعية لسكان غزة ، ولم يكن مجرد كلام بل فعل على الأرض ، غزة و شعبها ابيدوا أمام العالم تحت مرئى و مسمع الجميع ، و الإتهام الموجه بالإبادة الجماعية حقيقي و مثبت بالدلائل امام المحكمة ، لذلك لم يكن هناك مناص من أمر القبض على ناتنياهو ووزير دفاعه غالانت هذا ان كانت تريد محكمة العدل الدولية ان تباشر عملها الذي انشأت من اجله ، ولا اظن انه سيجدي مع المحكمة الترهيب بشعار معاداة السامية ، لأن هذا المصطلح لا وجود له في القانون الدولي .
اما ادانة وطلب القبض على محمد الضيف و السنوار و هنية ، فهذا هراء ، قادة حماس لم يرتكبوا ابادة جماعية في حق المستوطنين ، ولم يتبجحوا في الإعلام بذلك ، و ماحدث في السابع من اكتوبر اعمال فردية لا يمثلها الضيف او هنية او السنوار !
ناهيك عن شهادات موثقة بأن من قتل الصهاينة يوم السابع والثامن من اكتوبر الماضي في تجمعات هي آلة الحرب الصهيونية للخلاص من المتسللين حتى لو كان ذلك على حساب قتل جماعي لمواطنيهم ، ثم ما هي وسائل الإبادة الجماعية العسكرية التي تمتلكها المقاومة في غزة ؟
ثم لو فرضنا جدلا ان السنوار اتخذ القرار السياسي بالهجوم في السابع من اكتوبر و محمد الضيف اتخذ القرار العسكري ، ما ذنب هنية ؟ فهو لم يظهر في الإعلام ليحرض على قتل الصهاينة ، بل صفق كأي مواطن فلسطيني للعملية التي يكفلها القانون الدولي لشعب أرضه محتلة ، اذا المحكمة بقرارها ضد الفلسطيين تطعن في القانون الدولي بشكل واضح وهذا كله نتيجة العنجية الصهيونية و التهديد و العقوبات الامريكية .
“لم يعد هناك عاقل يصدق أن امريكا و الغرب يقيمون وزننا للمؤسسات الدولية و القانونية ، او انهم يلتزمون الحياد في القضايا و النزاعات الدولية ، فكفة ميزان العدل الغربية دائما ما ترجح في كافة النزاعات !”