سعد محيو
أمد/ تتفاقم الأمور في روسيا والعديد من دول العالم ضد ما يسمى الان ” دور اليهود في العالم”، ليحل هذا التعبير مكان نظرية المؤامرة الخاصة بمسألتي بروتوكولات حكماء صهيون( التي نشرت مخطوطتها في روسيا أيضا في اوائل القرن العشرين) والسامية اليهودية.
آخر تجليات هذا التطور برزت بقوة في موسكو خلال اليومين الماضيين، حين حط وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ( المفاخر علنا بيهوديته) الرحال في كييف ليخرج منها بمطالبات ساخنة للادارة الاميركية بالسماح للرئيس الاوكراني زيلينسكي ( المفاخر هو أيضا بيهوديته) بلستخدام الأسلحة الأميركية لضرب الداخل الروسي.
حتى الان، كان الرئيس بايدن يرفض ذلك، خوفا من احتمال ان ترد موسكو باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية في اوكرانيا، مما يهدد باشعال حرب عالمية ثالثة بين القوى النووية هذه المرة في العالم.
بالطبع، بليكن هو رأس الدبلوماسية الأميركية وليس قائد إدارتها العسكرية. وبالتالي كان ينتظر منه أن يكون ابعد الناس عن الدعوة إلى التصعيد الخطير على هذا النحو. لكنه يتصرف الان فعلا كجنرال من صقور الجنرالات وليس كحمامة سلام دبلوماسية.
وهو كرر ذلك أيضا غداة فيضان الاقصى، حين أيد بقوة خلال وجوده في تل أبيب اشعال الحرب الإسرائيلية ضد غزة، ثم نشط بعد ذلك ( ولا يزال) لتغطية فظائع هذا الهجوم دوليا .
والان، لا يكتف بلينكن بالمطالبة بالسماح لزيلينسكي بضرب روسيا بالاسلحة الأميركية، بل يدعو أيضا إلى قيام الخبراء العسكريين الاميركيين بتدريب القوات الإوكرانية على أرض أوكرانيا وليس في ألمانيا ( كما الحال الان). وهذا بالطبع يخلق احتمال انخراط أميركا مباشرة في الحرب في حال تعرض هؤلاء الخبراء إلى القصف.
كل هذه المعطيات اطلقت اضواء حمراء وصفراء حادة في موسكو، والارجح انها ستعيد إلى أذهان الكثير من الروس ما ورد في بروتوكولات حكماء صهيون حول ” المؤامرة اليهودية العالمية “. وعلى أي حال، لا يجب أن ننسى هنا أن العديد من المحللين السياسيين الروس يشيرون مرارا وتكرارا إلى ما يسمونه ” اليهودية الخاصة” لزيلينسكي. وهم ابرزوا بالخط العريض تصريح بلينكن في تل أبيب الذي قال فيه انه جاء إلى إسرائيل” بصفته اليهودية.”
صحيح انه ليس من المتوقع قط أن نسمع تصريحات لا يهودية أو لا سامية من مسؤولين روس، لكن لن يكون مستغربا في ظل الحرب الخطرة والضروس التي يشنها الغرب الان على روسيا( والتي تهدد بالفعل بتقسيم وتفتيت ” الام روسيا”) أن يتداول الروس الان الأسباب والدوافع التي حفزت ألمانيا في عهد هتلر على إعلان الحرب على ” المال اليهودي العالمي “، وأن يتوقفوا مجددا أمام ما يسمى ” نبوءة هتلر” الشهيرة في العام ١٩٣٩ والتي جاء فيها الآتي:
“يتعيًن على اليهود التوقف عن “العيش على حساب الشعوب الاخرى، وإلا فإنهم “سيتعرضون إلى أزمة لا يمكن تصورها. اليهود يحاولون الان تحريض الملايين من الناس على صراع لا معنى له تمامًا بالنسبة لهم ولا يخدم سوى المصالح اليهودية. لقد كنت في كثير من الأحيان في حياتي نبيًا وتعرضت للسخرية في الغالب. وفي وقت كفاحي من أجل السلطة، كان الشعب اليهودي في المقام الأول هو فقط الذي استقبل بالضحك نبوءاتي بأنني سأتولى يومًا ما قيادة الدولة وشعب ألمانيا بأكمله، ثم، من بين أمور أخرى، جلب المشكلة اليهودية إلى حل. أعتقد أن هذا الضحك المجوف لليهود في ألمانيا قد علق الان في حلوقهم. واليوم، أريد أن أكون نبيًا مرة أخرى لأقول: إذا ما نجح التمويل اليهودي العالمي داخل أوروبا وخارجها في إغراق الأمم مرة أخرى في حرب عالمية، ( سبق لهتلر ان اتهم اليهود باشعال الحرب العالميه الاولى) فلن تكون النتيجة بلشفة الأرض وبالتالي انتصار اليهود، ولكن إبادة العرق اليهودي في أوروبا”.
***
انتهت نبوءة هتلر، لكن الأحاديث عن دور اليهود في العالم، ليس فقط في فلسطين واوكرانيا وأفريقيا( حيث تتزعم الان جنوب أفريقيا الحملة ضد العنصرية اليهودية) واميركا اللاتينية ( التي تكتشف شعوبها الان اصابع بعض اليهود وراء السيطرة الامبريالية الأميركية )، بل أيضا دور المال اليهودي العالمي في تفجير حروب وصراعات العولمة النيوليبرالية في كل أنحاء العالم ومعها التوازنات البيئية والايكولوجية لكوكب الارض.
وهذا الإجماع الذي يتبلور الان ضد دور اليهود في العالم، يذكًر بشكل مدهش بالإجماع الأخر بين شعوب المشرق والرومان ضد اليهود قبل ثلاثة آلاف سنة، والذي أدى في نهاية المطاف إلى تدمير دولة إسرائيل التي لم تعش ( وسط هذا البحر من العداء) أكثر من ٨٠ عاما.
….ثم يقولون بعد ذلك ان التاريخ لا يعيد نفسه!