أمد/
في قاعة المكتبة الوطنية في بعقلين، وهي من أكبر المكتبات العامرة في لبنان، التقت نخبة متميزة من المثقفين والباحثين والأكاديميين للاحتفاء بمنجز الأكاديمي والمفكر العراقي الكبير د. عبد الحسين شعبان والموسوم “مظفر النواب – رحلة البنفسج”، والصادر عن دار النهار العريقة في بيروت، وقام بتقديمه الأستاذ غازي صعب، مدير المكتبة الوطنية في بعقلين، حيث رحّب به باعتباره عَلمًا من أعلام الثقافة العربية الأصيلة، التي يعتز لبنان بمشاركاته ومساهمته فيها على مدى عقود من الزمان، فقبل أسبوع فقط كانت محاضرته في النادي الثقافي العربي ببيروت عن موسوعته “جواهر الجواهري”.
وأشاد صعب بكتب شعبان ومؤلفاته، والتي تحفل المكتبة الوطنية في بعقلين بعدد منها، وبدوره للارتقاء بالثقافة العربية، لتسهم في رفد الثقافة العالمية بالعقلانية والحداثة والتنوير. وخاطب الحضور بقوله: أنتم تعرفون من يكون الدكتور عبد الحسين شعبان، لذلك لن أقدّمه إليكم، فنحن نريد أن نسمعه في سرديته عن الشاعر الكبير مظفر النواب.
واعتلى المنصة الدكتور شعبان وخاطب الحضور بعد الشكر على الاستضافة وحسن الاستقبال وكرم الأخلاق والإخلاص للثقافة بقوله: إنه شعر وهو متوجّه إلى بعقلين وكأن روح كمال جنبلاط ما تزال حاضرة بيننا في الشوف وبيروت وعموم لبنان، وهي روح المحبة والسلام والتسامح والصداقة، التي نحتاجها على صعيد العالم العربي لاستعادة الأمل، لتعود بيروت الغزالة الخضراء إلى عهدها واحةً للحريّة والجمال ومنارةً الثقافة والعروبة والتواصل الإنساني.
وأشار إلى أن مظفر النواب سبق له أن نظّم أمسية في تسعينيات القرن الماضي في دير القمر (الشوف)، وسلّط الضوء على جوانب فنية ورمزية تتعلّق بكتابه الجديد ومنها إهدائه إلى شمران الياسري (أبو گاطع)، في حين كان قد أهدى كتابه عن أبو گاطع إلى مظفر النواب الموسوم ” أبو گاطع: على ضفاف السخرية الحزينة”، مذيلًا إياه بمقطع من قصيدة لمظفر (…وضاعت زهرة الصبار).
أما لوحة الغلاف فهي للفنان الطبيب علاء بشير، وأشاد بدار النشر ومديرها القاضي زياد شبيب (محافظ بيروت سابقًا)، الذي أصرّ على طبع كتاب مظفر اعتزازًا به وبالكاتب وبدورهما الثقافي والفكري وعلاقتهما المتميزة بلبنان.
وتناول المحاضر شعرية مظفر وشاعريته من خلال سردية حياته وفنه وإبداعه عبر ثلاث محاور: الأول – مظفر النواب يتلألأ في ضمائرنا (مداخلة السليمانية للاحتفاء بمظفر النواب – مركز كلاويش)؛ الثاني – من وحي الأمسية البرلينية (محاضرة الباحث في برلين بمرور عام على رحيل مظفر)؛ الثالث – جدار بريخت وكيف مسرح مظفّر النواب الشعر وموسق القصيدة ورسم صورها ولحّنها، وتلك سمة مظفريّة بامتياز، كما لفت الانتباه إلى مداخلة الكاتب والروائي جاسم المطير المنشورة في الكتاب، والتي هي بعنوان “زفزفات الفانتازيا و ألوان زخارفها في أشعار مظفر النواب..”.
وتناول شعبان علاقة الجواهري بمظفر النواب، وتلى نصوصًا من الشاعرين، كما قرأ لمظفر بالفصحى والعامية (اللغة المحكية) متوقفًا عند علاقة الشعر بالتاريخ والفلسفة فقال: والشعر سؤال وأول الفلسفة سؤال، وهو صورة وصوت (اللغة) وهو دهشة، ولا شعر دون دهشة، ومظفر النواب كان كلّه دهشةً شعرًا وحياةً وموقفًا وجمالًا، فقد كان متصالحًا مع نفسه وفي حياته الخاصة وفي نصه الإبداعي وسلوكه اليومي.
ثم توجه إلى المنصة الأستاذ أنور يقظان رئيس لجنة بعذران للتراث الشعبي ليلقي كلمة في حضرة الشعر والشاعر والمفكر، وجاء فيها: ” رحلة البنفسج” للدكتور عبد الحسين شعبان هي رواية سيرة صديقه الشاعر مظفر النواب، الذي شدّته إليه صداقة دامت خمسين عامًا، جمعت بينهما السياسة والعروبة والفكر واليسار والالتزام بقضايا الشعوب وحركات التحرّر في العالم. فمن العراق إلى فلسطين ولبنان وسوريا ومصر وغيرها، طاف النواب طريدًا يحمل قضايا الحالمين والمبعدين عن بلادهم. لذا كانت “رحلة البنفسج” لتعريف القارئ العربي على شعر النوّاب وفكره والتزامه السياسي الإنسانيّ الشامل.
ووسط ارتياح وتفاعل تمنى الحضور والهيئات المنظمة على د. شعبان إلقاء محاضرات أخرى. الجدير بالذكر أن د. شعبان سبق أن وقّع كتابه في معرض بيروت الدولي للكتاب وفي عمان وبغداد والنجف، وسيوقعه في بعلبك في شهر تموز / يوليو المقبل.