تحسين يقين
أمد/ لا احتلال يدوم ولا عنصرية تبقى.
هل تحمل توصيات مجلس الحرب الإسرائيلي باستئناف التفاوض حول صفقة تبادل الأسرى شيئا جديدا؟
مضى خريف بغباره، بأمل أطلّ وبآلام، ومضى شتاء طويل، وينثني الربيع مسلما الأرض للصيف، لعل الثمار تنضج.
نحن أحفاد وحفيدات كنعان المزارع العابد، والمسالم والواقعي والطبيعي جدا.
كان ما كان، في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وكان ما كان من أسر، بعد اجتياز للجدران على أنواعها، لتعلن إسرائيل الحرب على قطاع غزة، حيث باستمرار تلك الحب تعمق لدى العالم أن الحرم تتم على المدنيين والممتلكات والأرض الزراعية والمرافق العامة. وخلال فترة قصيرة تم عقد صفقة تبادل أسرى محدودة، بدأت في الرابع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني وانتهت في الفاتح من ديسمبر كانون الأول. ومن يومها ومفاوضات عقد صفقة تبادل للأسرى مستمرة حتى ضعفت، وتكاد تكون توقفت في العلن، لسبب رئيسي هو إصرار إسرائيل على استمرار الحرب، حيث أنها لا تريد فقط وقف العدوان، بل إنها تريد تقليص أيام الهدنة من 12 أسبوعا تطلبها حركة حماس، في حين تصرّ إسرائيل على أن تكون فقط 6 أسابيع.
لم تقض إسرائيل على السلاح والمسلحين في قطاع غزة، بل أنه يكاد يقضى على تقبل إسرائيل في الأسرة الدولية، كونها ارتكبت جرائم حرب.
متغيران الآن: طلب محكمة الجنائية، وقف الحرب على رفح، وتسهيل المساعدات وفتح تحقيقي في جرائم الحرب. وذلك بعد طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف مسؤولين إسرائيليين، وإعادة عرض التطبيع مع المملكة العربية السعودية ضمن خطة وقف إطلاق النار في سياق تسووي يفضي الى حل الدولتين، متضمنا إعمار غزة.
تتشابك الخيوط في رواية الأحداث الآن، باتجاه حلّ العقدة-الحبكة: الوصول أولا الى وقف دائم لإطلاق النار.
ولأن رأس حكومة الاحتلال عنيد، ومستمر بلغة الدم، فهو يرفض الحل، حيث أن العرض الأخير الذي نقله مستشار الأمن القومي الأمريكي يذكّر إسرائيل بالمبادة العربية للسلام التي رفضتها من قبل، ويبدو أن هذه اللغة غير جذابة لحكومات إسرائيل.
والأن مع اقتراب الشهر الثامن، ماذا يلوح في الأفق؟
نضج الثمار لها طقوس وطبيعة، تبدأ منذ اليوم الأول من ارتفاع درجة حرارة الأرض في فبراير شباط، حيث كما تقول الحكاية الشعبية “في سعود بتمشي المي بالعود”، “ليفطفط”، أي لتورق الأغصان، لتبدأ الثمار في شكلها الزهري، ثم “لتعقد”، ليكبر الحب ويحلو.
لكن بعد فصول الحرب الثلاثة، ما زال النضج الإسرائيلي بعيدا عن الحدوث!
يضيق العالم حتى حلفاء إسرائيل بجرائمها، فلم يعد مبررها مقنعا وهي تحصد آلاف الأرواح، وتصيب بل وتبتر ما تصله القذائف، ليكون الرد اعتراف دول من أوروبا الغربية: النرويج وأيرلندا وإسبانيا بدولة فلسطين، حيث سينضم لتلك الدول باقي دول أوروبا.
ترى ما الذي يربط بين ما ذكره وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين عبد اللهيان وما ذكرته نائبة رئيس الوزراء الإسباني يولاندا دياز؟
دياز قالت قبل يومين أن “فلسطين ستتحرر من النهر إلى البحر”، أما عبد اللهيان فتحدث عن العيش في فلسطين المتحررة من الاستعمار والعنصرية.
لقد خططت دولة الاحتلال (والحركة الصهيونية) طوال قرن على نفي فلسطين وتغييبها، وحتى الآن؛ فلم تفكر إسرائيل أبدا بفلسطين لا دولة ولا شعبا، إلا كمناطق مدارة وكنتونات، بل انها دوما حسب مؤتمرات هرتسليا كانت تنظر لفلسطينيي عام 1948 بأنهم الخطر الاستراتيجي الأكبر عليها. لم تكن تدرك ان الخطر هو فكرها العنصري الكولينيالي.
والآن، أصبحت فلسطين التاريخية الواحدة، هي الدولة الحقيقية لحل الصراع بعد التخلص من الكولينيالية العنصرية الدموية، ولعل هذا الحل سيزداد عالميا حتى لو توقفت الحرب على غزة وفلسطين.
قصيرو النظر هم قادة إسرائيل، يظنون أن القوة والمزيد منها (شارون) هي من ستحسم الصراع.
إسرائيل المحتلة المغرورة ضحية الغرب الاستعماري وابنته، وما على الغرب الآن الا الاستمرار في تخليص إسرائيل من نفسها الشريرة.
جيش الاحتلال يستخرج الأسرى الإسرائيليين الموتى بفعل القصف الإسرائيلي، ويزهد بالأسرى الأحياء.
يفاوض حركة حماس وهو يسعى للوصول الى الأسرى، علما انه يدرك ان الوصول الى الأسرى يعني فقط التعجيل بموتهم.
تخشى إسرائيل وقف الحرب، لأن وقفها وإن سيحل مشاكل جزئية، فإنه سيفتح الباب على مصراعيه على فتح الحديث الجدي في المشكلة الكبرى.
لقد آن الأوان لحل الصراع حلا إنسانيا يضمن كرامة البشر جميعا، وفي المقدمة حق تقرير المصير.
ولمن كان جديا في الحل ونحوه، فإن الطريق معبدة وواضحة، إلا إذا اختار الاحتلال طريق الشوك.
المطلوب لمن كان له عقل وإنسانية:
عقد الصفقة في ظل وقف الحرب على غزة، والبدء بإغاثة منظمة وإعمار على مراحل. والبحث الجدي لكيانات مستقرة لا قلقة، تبدأ بحل الدولتين ثم الحل الحقيقي المستند الى انتهاء الكولينالية العنصرية، فلن يكون هناك مستقبل مضمون في ظل هكذا حال.
مرة أخرى، ما نطلبه جميعا الان وقف الحرب، لذلك ثمة طريق شاقة لذلك، والامل ان تحمل نية إسرائيل استئناف التفاوض لإتمام صفقة الأسرى فعلا حقيقيا، فالمهم وقف الحرب.
الآن المجال مفتوح لحلفاء إسرائيل والوسطاء للسير في الطريق التي ليس عنها غنى ولا بديل.
والحقيقة المؤكدة، أنه لن يكون هناك وضع طبيعي ولا تطبيع في ظل الاحتلال أبدا، بل انه ليس متقبلا منح قادة الحرب الان هذه المكافأة وايديهم تقطر دما.
انتخابات مبكرة، تذهب بحكومة التطرف، ثم دعم فلسطين لا محاصرة السلطة الوطنية، هذا ما سيخلق الجو الملائم لمفاوضات عربية إسرائيلية جادة.
فهل ستخلص إسرائيل نفسها من كل هذا الجنون والشر!