أمد/
لندن: تتزايد في الآونة الأخيرة الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب حربها في غزة، فقد اتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، إلى جانب قادة من حماس، بارتكاب جرائم حرب، مما أثار غضب إسرائيل والولايات المتحدة، وأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف هجومها على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة.
يشعر شركاء إسرائيل بالإحباط بسبب نتنياهو
في غضون ذلك، اعترفت إيرلندا والنرويج وإسبانيا بالدولة الفلسطينية وهي خطوة رأت فيها صحيفة "فايننشال تايمز" ضربة رمزية لزعيم إسرائيلي ينتقد بشدة أي حديث عن حل الدولتين.
وبحسب الصحيفة البريطانية، يجب أن يكون كل ذلك نداء صحوة ولحظة يدرك فيها الإسرائيليون المعتدلون أنه بالرغم من التعاطف العالمي بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تدفعهم تصرفات حكومتهم اليمينية المتطرفة إلى عزلة أعظم.
لم يفهموا قرار خان
وبعدما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار أوامر اعتقال بحق زعماء إسرائيليين، فضلاً عن ثلاثة من زعماء حماس، اتهمه المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون بالمساواة بين تصرفات حكومة منتخبة ديمقراطياً وتصرفات حماس، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن غاضباً أنه "لا يوجد تكافؤ – مطلقاً – بين إسرائيل وحماس".
ومع ذلك، فإن طلبات خان المدعومة بلجنة خبراء سداسية قوية تضم قاضياً أمريكياً-إسرائيلياً لم تجرِ مقارنات أو تؤكد تكافؤاً بين الجانبين.
بدلاً من ذلك، خلصوا إلى وجود أدلة على أن قادة إسرائيل وحماس مسؤولون، بطرق مختلفة، عن جرائم بموجب القانون الإنساني الدولي.
ولو تم تطبيق القانون على جانب واحد فقط لبدا ذلك عدالة انتقائية. وكان الخيار الآخر الوحيد هو عدم التحرك ضد أي من الطرفين.
قوانين النزاع لا تميز بين الأطراف
وبحسب الصحيفة، فإن الادعاءات بأن مسؤول المحكمة الجنائية الدولية ينكر حق إسرائيل في الدفاع عن النفس هي ادعاءات معيوبة أيضاً.
ويعترف طلب خان بهذا الحق لكنه يقول إنه كان ينبغي ممارسته بطريقة تتوافق مع قواعد الحرب.
ويشير إلى أن كبار قادة إسرائيل استخدموا التجويع كوسيلة للحرب والعقاب الجماعي للسكان المدنيين المحاصرين في غزة، وسيقرر قضاة المحكمة الجنائية الدولية ما إذا كانوا يوافقون على كفاية الأدلة لإصدار أوامر الاعتقال.
وتسعى الطلبات المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى إثبات أن قوانين النزاع تنطبق على القادة المنتخبين وقواتهم المسلحة وكذلك على الأوتوقراطيين والجهات الفاعلة غير الحكومية أو الإرهابية، وقد تساعد في تعزيز صدقية محكمة أدى تركيزها الأولي على أفريقيا إلى اتهامات بأنها تستهدف البلدان النامية فقط.
سلسلة إخفاقات نتانياهو
وكان رد الفعل الأولي لكثيرين في إسرائيل، من ضمنهم المعارضة السياسية، هو حشد الدعم لنتنياهو. ومع ذلك، إن الضغوط الدولية بسبب الكارثة الإنسانية في غزة تسلط الضوء على المدى الذي وصل إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي والمتطرفون اليمينيون الذين يعتمد عليهم للحفاظ على تماسك ائتلافه الحاكم، في جعل حتى دعم الحلفاء لإسرائيل أكثر صعوبة.
ويشعر شركاء إسرائيل بالإحباط بسبب مقاومة نتنياهو السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة المدمرة، وإصراره على المضي قدماً في الهجوم على رفح – حيث لجأ أكثر من مليون شخص إلى ملاذ آمن.
وهم غاضبون أيضاً من رفضه وضع خطة قابلة للتطبيق لمرحلة ما بعد الصراع في القطاع ومن فشله في كبح جماح المستوطنين اليهود الهائجين في الضفة الغربية المحتلة ومن رفض إسرائيل خطط إدارة بايدن لاتخاذ خطوات نحو حل الدولتين، وهذا هو السبيل الوحيد لتزويد إسرائيل بالأمن الذي تحتاج إليه على المدى الطويل.
بحاجة لقيادة رصينة لا يوفرها نتنياهو
وليست إسرائيل من الدول الموقعة على المحكمة الجنائية الدولية التي قد يرفض قضاتها طلب خان، ولا تملك محكمة العدل الدولية أي وسيلة لتنفيذ أمرها، لكن واقع أن إسرائيل وجدت نفسها في هذا الموقف يؤكد إلى أي مدى أصبح نتانياهو عبئاً على إسرائيل، وهو يعِد بتحقيق "النصر" الكامل، لكن هجومه على غزة يبدو متعثراً بسبب عدم تحقيق أهداف رئيسية.
وختمت الصحيفة كاتبة أن إسرائيل بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى قيادة مسؤولة ورصينة، وهو أمر لا يرغب ولا يقدر رئيس الوزراء الحالي أن يوفره.