رامز مصطفى
أمد/ الإرادة الشعبية التي جاءت بالسيد إبراهيم رئيسي في انتخابات أب 2021 رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، إنما أتت لتعكس حقيقة أنّ إيران الثورة الإسلامية وتوجهاتها والتزاماتها السياسية المبدئية الغير قابلة للتأويل أو الاجتهاد، في تصميمها على الاستمرار والتمسك بنهج الثورة الإسلامية منذ العام 1979 بقيادة الإمام الخميني رحمه الله، ومن ثمّ ما أعطاها إياه الإمام الخامنئي من دفعةً وقدرةً في المحافظة على مكتسباتها ونجاحاتها، وبناء وتطوير إيران في شتى المجالات والصعد. وتعزيز علاقات إيران مع دول وقوى محور المقاومة، وعلى وجه الخصوص المقاومة الفلسطينية من أجل استكمال مشروعها في دحر كيان الاحتلال وتحقيق الانتصار عليه. وبالتالي استمرار موقفها الثابت والحازم في مواجهتها المفتوحة، مع الحركة الصهيونية وكيانها الغاصب لأرض لفلسطين.
ما تقدم قد أصرّ الرئيس الشهيد على تظهيره برسائل معلنة منذ اليوم الأول لانتخابه في احتفال تنصيبه حيث حرص على إبراز حضور قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية في الصف الأمامي المخصص للشخصيات البارزة. في وقتٍ أنّ وفوداً رسمية جاءت للمشاركة تمّ تخصيص مقاعدها خلف الصف الأمامي بما فيهم وفد الاتحاد الأوربي. ولم يقف الأمر عند حدود إبراز الحضور الفلسطيني المقاوم، بل إنّ الرئيس رئيسي، وفي اليوم التالي لتنصيبه، استقبل تلك القيادات على حساب أجندته المزدحمة باللقاءات والمتابعات.
والرئيس الشهيد الكبير ومن خلفية الإقرار بدوره ومواقفه والتزامه كخط مستقيم بالقضية الفلسطينية ومقاومة أبناء شعبها، لم يترك مؤتمراً أو قمةً أو لقاءً برؤساء أو زيارات أو اعتلاء منبر دولي أو إقليمي، إلاّ وكان ناظم كلامه وأحاديثه وخطاباته أو تصريحاته هي القضية الفلسطينية ومظلوميتها وأحقية شعبها في مقاومة الكيان الصهيوني الغاصب. من خلال استمرار إيران في تقديم الدعم والعون، وهو الذي لطالما اعتبر أنّ القدس هي القضية الأهم للعالم الإسلامي. وقد أعرب تكراراً عن اعتزازه بالروح التي يتحلى بها الشعب الفلسطيني ومقاومته، وبالتضحيات التي تقدمها أسر الشهداء، وتلك البطولات التي يبديها الأسرى خلف قضبان زنازين كيان الاحتلال الصهيوني. مشددا على أنّ المقاومة هي السبيل الوحيد للانتصار على العدو والساعين لتطبيع العلاقات معه. وأنّ لتحقيق ذلك لابد من تعزيز الوحدة والتعاون والتضامن بين مختلف فصائل المقاومة، فإن نتائج وانتصارات أكبر ستتحقق لتيار المقاومة. ولتواصل فصائل المقاومة بعزم راسخ. وتحميله الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية أنها حامية هذا الكيان بل والشريكة الأصيل فيما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة في قطاع غزة منذ أشهر. ولا ننسى ما تضمنه خطابه في القمة العربية الإسلامية في السعودية بداية الحرب الصهيونية النازية على قطاع غزة، عندما طالب بضرورة تسليح الشعب الفلسطيني في غزة، وخطابه الأخير في أذربيجان قبل أيام من استشهاده المؤلم والمفجع.
وليس بعيداً وقف الشهيد الكبير الوزير حسين عبد الأمير عبد اللهيان الذي ارتقى شريكاً في شهادة الرئيس رئيسي، كما شريكه في إدارة السياسة الخارجية كوزير لبلاده. الكلام عن الوزير الشهيد عبد اللهيان يستحق التوقف عند مواقفه التي تنبع أيضاً من نهج الثورة الإسلامية الإيرانية، فهو الوزير الذي تمتع بدينامية عملية وحنكة سياسية تستشرف في الأفق البعيد لدهاليز السياسات الدولية والإقليمية وما تضمره من خفايا وخبايا وحقول ألغام يعمل الأعداء باستمرار على زرعها في طريق خصومهم فكيف إذا كان الخصم هو إيران بعندها وحنكتها وصبرها الاستراتيجي.
خلال حرب الإبادة الأمريكية الصهيونية على شعبنا في قطاع غزة، وزيرنا الشهيد عبد اللهيان يجوب العالم بدوله ومحافله دفاعاً عن المقاومة الفلسطينية منعاً لما سعت إليه إدارة بايدن ووزير خارجيته الصهيوني بلينكن بوصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب بهدف ذبحها وتصفيتها. وسنبقى نتذكر على الدوام أنه كان كلما زار وزير خارجية كيان العدو بلينكن بعض دول المنطقة بهدف تسويق رؤى تصب في صالح الكيان الصهيوني، كان وزير خارجية المقاومة الفلسطينية بل ومحور المقاومة الأمير الشهيد عبد اللهيان مثابراً في إجهاض تلك الرؤى الصهيو أمريكية.
رحِم الله الشهيدان الكبيران ورفاقهم الأبرار، ونختم بأنّ إيران التي خرجت من محنها وما أصابها منذ انتصار ثورتها المباركة أكثر قدرة واقتدار وعزيمة وقوة. وها هي اليوم قد تخطت محنتها بفقدان الرئيس رئيسي والوزير عبد اللهيان، وما التشييع المليوني للشهداء إلاّ الدلالة التي ستبقى ساطعة على أنّ إيران التي استلهمت من ثورتها طريقها وخطها هي اليوم دولة إقليمية بأبعاد دولية فرضت نفسها بعزيمة تلك الثورة وقائدها ومرشدها الإمام السيد علي الخامنئي حفظه لله ورعاه.