أمد/
رواية المهطوان رواية نالت الكثير من الدراسة والقراءة والاهتمام ، وحظيت بالكثير من المدح والثناء والإعجاب وهذا الأمر لم يأت من فراغ بل لأن هذه الرواية الواقعية ،ولدت من رحم البيئة الأردنية والعربية بشكل عام والرواية التي كتبها الأديب الأردني رمضان الرواشدة (المهطوان) جاءت من خلال تيار الوعي واستدعاء الماضي ، فهي تتحدث عن أحداث مرت في زمن ومرحلة مهمة من تاريخ الأردن ، عاشها الروائي الرواشدة ، وشارك فيها عدد من الأصوات بجانب الشخصية المحورية .
فالمهطوان هو باب الحكاية وعتبة النص وعنوان لابد منه للرواية حتى تنضج الفكرة في عقل المتلقي عن محتوى الرواية وأحداثها ، فعودة هو بطل الرواية والباقي تفاصيل تتعلق بالسرد ومحاوره المهمة ،التي تتفرع عنها الحكايات والقصص والأحداث الكبيرة والصغيرة ،والتي أجاد الرواي في حبكها وترتيبها وتأويلها في الزمان والمكان المناسبين ، سلمى أيضا لها دور محوري في الرواية وقامت بدور تجاوز التابوهات التقليدية عندما جعلت الحب فوق كل اعتبار وارتبطت مع عودة أثناء دراستها في الجامعة الأردنية ، مما شكل وحدة الجغرافيا فلسطين والأردن ، وعند قراءة الأبعاد الأخرى في الرواية ، نجد البعد السياسي يهمن على كثير من صفحات السرد الروائي ، فهناك الحزب ، والفكر ، والحرية ، والسجن ، والملاحقة ، والخوف ، والمغامرة ، هذه المفردات تشكل البعد السياسي والحزبي والقومي والرؤى المستقبلية التي يحلم بها الراوي ،وأما المكان صويلح وراكين وعمان وبيروت والجامعة ،والجفر ، والمستشفى ،ورام الله ، ويافا فهذه الأماكن وما دار فيها من أحداث تشكل بعدا هاما في الرواية ، لأنها تؤرخ أحداثا واقعية وحقيقية ومسرحا للأحداث وتنسجم مع عناصر أخرى في محتوى السرد لتشكل بعدا فنيا ولغويا وثقافيا متماسك .
فالراوي رمضان الرواشدة ، وظف خبرته الكتابية الروائية السابقة في هذه الرواية واستفاد كثيرا من تجربته في كل رواية كتبها ، من الحمراوي والجنوبي وغيرها .
ومن ناحية البعد العاطفي في الرواية فهناك محطات كثيرة ، تتوهج بالعاطفة والحزن والبكاء ، من راكين حيث الأم والأب والأخوة ، ورحلة الاغتراب إلى خارج القرية النائية ، وقصة الحب في الجامعة ، ومرض عودة المهطوان ، ونضال أبن عوده الطفل الذي لم يره ، والسجن والحسرة ، والملاحقة بسبب افكار حزبية وسياسية .
هناك في الرواية بعض التأويلات ، التي اتقنها الراوي في النصوص ولكنه لم يعلن عنها بشكل مباشر ،وهناك اسقاطات على الواقع تم التعبير عنها برمزية وإشارات معينة .
الاتكاء على الموروث الديني والتراثي الشعبي وعلى الأشعار وعلى بعض الأسماء مثل محمود درويش وعلى الأشخاص وأسمائهم ودورهم في الأحداث وتوظيفهم .
كما يريد لهم الراوي ومسار السرد والأحداث وذلك بشكل متقن مما ساعد على منظومة التقنية والأفكار المتاحة أن تؤتي أكلها في في جوهر النص ومظهره .
فالراوي الرواشدة متمكن من أدواته ولغته وأسلوبه وثقافته الواسعة ، وعزمه وتصميمه وإرادته القوية في البحث عن الرواية الكاملة ذات المحتوى المختلف وغير المألوف والسائد ،يبحث عن الرواية العالمية الأسطورة وليس ذلك على الله ، فمن جد وجد.