عمر جميل حماد
أمد/ بدأت ملامح الحل تظهر من أقصى الغرب الحنون (صانع مجد الكيان ومموله بالعتاد وذخيرة الموت)، لينمو في مخيلتنا ماهية اليوم التالي الذي طال انتظاره، وهو ما يؤرق نتنياهو أكثر من بحثه عن مختطفيه، فهو بين ترك غزة لسلطة غير حماس أو اعادتهم لها للخدمة من جديد وبمنهجية جديدة، أو استحداث نظام مشابه لروابط القرى من زعماء العشائر وكبرى العائلات.
إن أقل واجب تجاه شهدائنا وجرحانا لنفكر به في اليوم التالي، لهو عقد محكمة لمحاسبة كل من له صلة بهذه الجريمة ليس هذا فحسب بل بدءا من يوم الحسم المشؤوم منذ سبعة عشر عاما وأسبابه ونتائجه وحتى اليوم الأخير لهذه المجزرة، حيث أن ترك غزة تنزف قهرا منذ ذلك الحين وإلى اليوم ليس أقل جرما مما ارتكبه الكيان فيها في ستة حروب مضت حتى يومنا هذا.
من الواجب الآن علينا أن نبدأ بالفحص والدرس بكل مسببات يوم الحسم والانقلاب الدموي، ومحاسبة كل من يقع عليه المسؤولية من تقصير أو تخاذل لنصل لما آلت إليه نتائج الإنقلاب، ومن ثم محاسبة المنقلبين على إنقلابهم وخفايا أسبابه.
لم يخلو المشهد منذ ذلك الحين وحتى بداية طوفان الموت من ويلات القهر والذل لمن ليس هو أخضر، وما ترتب عليه من هجرة إجبارية لمئات الألوف من شباب غزة النازفة بجراحها، فإن كانت حجة القيادة إبان الانقلاب بأنها كانت تبحث عن حقن للدماء، فأين هي منذ 17 عاما وغزة من يوم لآخر تنزف قهرا.
قامت حماس بانقلابها وأتحدى أنها كانت تفكر أو حتى تجرؤ أن تبحث فيه زمن الرئيس الخالد “رحمه الله”، ذلك ليس لأنها كانت ضعيفة، بل لأنها كانت تعلم علم اليقين بأن فعلا كهذا سيزيلها من التاريخ، ومن هنا وجبت المحاسبة بالظهور الجلي لضعف حركة فتح بعد استشهاد الرمز، وأضف عليها ضعف منظمة التحرير الهزيلة حينها، ومحاسبة كل من تسبب بذلك الضعف وحافظ على استمراره بقصد أو غير قصد.
خيرة أبطال ثورتنا استشهدوا بذلك الانقلاب قتلا ورميا من أسطح المباني وغيرها الكثير، فماذا فعلنا في مهلة هي 17 عاما لنوقف مجزرة اليوم؟ هل خططنا لاستعادة كرامتنا؟ هل فكرنا بيوم يخرج علينا صاحب قرار أهوج ليتسبب بمحو عائلات من السجل المدني بالكامل؟ أم أننا كنا نبحث عن أهوائنا وملذاتنا ناسين قهر أمتنا ووصايا رمزنا بهم.
نعم، يجب أن تبدأ وفي أقرب وقت “محاكمة القهر” لكل من تسبب بذلك الدمار، بدءا من أنفسنا، فمن الواجب علينا الإعتراف بالتقصير في انقاذ شعبنا، وحتى لا يخرج علينا أحد ليقول لنا “أننا كنا ندفع لهم الرواتب قبل أهل الضفة”، لنقول له “لا حاجة للمال في حياة مرة ذليلة مليئة بالقهر والمهانة”.
ووجبت المحاسبة لكل من حمل مذياعه هو ووسيلته الاعلامية، ليظهر تكافؤ القوة بين الضحية والجلاد، ليس آبها بآهات الأمهات وآلامهم على مشاهد فراق أحبتهم وفناء شقاء سنين عمرهم سدى وبلا رجعة.
دعونا نحلم، فنحن جميعنا نعلم أن ما سبق ليس قابلا للتنفيذ، إلا إذا نهض أهلنا بغزة مطالبين “بمعاقبة المجرمين” (ثوروا فلن تخسروا سوى الخيمة فقد فك القيد).