أمد/
كتب حسن عصفور/ في إهانة جماعية للرسمية العربية بكامل مواصفاتها، ومنها بالطبع “الرسمية الفلسطينية الغائبة عن الوعي الوطني”، أعلنت الولايات المتحدة بكل وقاحة بأنها شاركت بكل ما لديها من “إمكانيات عملية ومخابراتية” في مجزرة النصيرات، التي أدت لإعدام ما يفوق على الـ 210 فلسطيني طفلا وامرأة وشاب وكهل، ومئات من المصابين، تحت ذريعة “انقاذ 4 رهائن”.
لم يقف الأمر عند الاعتراف الأوقح منذ بداية حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، وراس الحربة قطاع غزة، بل أن الرئيس الأمريكي بايدن، فاقد الذاكرة ووالد المتهم بتجارة المخدرات هانتر، قام من باريس وخلال مؤتمر صحفي مع ماكرون، بتقديم “التهنئة” لحكومة الفاشية اليهودية وأسر الرهائن، دون أن يرى من سقط فلسطينيا جراء حدث يجب ان يسجل كواحدة من أكثر جرائم الحرب مطاردة، فيما سارع وزيره بلينكن “اليهودي الصهيوني” بإرسال التبريكات الساخنة جدا لدولة الكيان وعائلات الرهائن، ومعها قامت القيادة المركزية للجيش الأمريكي، التي لها قاعدة في العديد القطرية، قرب مقر قيادة حماس، بالتعبير عن فرحها الكبير للحدث.
ولأن الردع السياسي ليس ضمن حسابات “الرسميات العربية”، وخاصة “اللاعبون الخمسة بعدما طردوا الفلسطيني”، أعلن الوزير اليهودي الصهيوني بلينكن بعد مجزرة النصيرات، ان العقبة أمام الحل هي حركة حماس، دون أن يرى أي جانب آخر من مواقف دولة الكيان الفاشي، بل ودون أن يتذكر أن رئيسه من قال “نتنياهو يطيل الحرب لأسباب سياسية خاصة”، لكن يهوديته غلبت أمريكانيته، وهو يعلم يقينا أنه لن يجد “نقدا أو ملامة”، وبالطبع لن يكون عقابا، من الرسميات التي تستقبله بفرح خاص، بعد كل قول كاره للفلسطيني.
ما حدث يوم 8 يونيو 2024 في مجزرة النصيرات بتنفيذ أمريكي يهودي فاشي مشترك، هو تطور جديد في مسار حرب الإبادة الجماعية، وإعلان صريح من قبل الولايات المتحدة بأنها “شريك رسمي” فيها، ما يتطلب تغييرا نوعيا وجذريا في العلاقة معها، باعتبارها وفدها مشتركا مع وفد دولة العدو، والمطالبة بوجود طرف محايد، إما الأمم المتحدة أو وفد روسي صيني مشترك يحضر عملية التفاوض الدائرة في عواصم مختلفة.
التطور الجديد، ليس معرفة العالم أجمع، أن أمريكا شريكة بكل قوتها في حرب الفاشية اليهودية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل أنها أعلنت ذلك بوقاحة فريدة، فرحها بقتل المئات من أهالي المنطقة الوسطى والنصيرات فاق فرحها باستعادة رهائن يهود من غزة.
بالتأكيد، أحمق سياسي من يعتقد أن هناك دولة عربية مؤثرة يمكنها أن تذهب لخطوة ردع واحدة ضد أمريكا مرتبطة بفلسطين ورفضا لحرب الإبادة الجماعية، وهي التي لم تقدم على أي إجراء عملي واحد ضد دولة الفاشية اليهودية، لا تعليق صلة ولا سحب ممثل ديبلوماسي ولا وقف مشاريع الربح المالي والثراء، كون فلسطين لديها “هواية سياسية” وليست “قضية سياسية”.
ولكن، من باب “رفع العتب التاريخي المخزون كراهية للخنوع العام”، يمكن أن تعلن دول عربية بتأجيل استقبالها للوزير بلينكن عضو مجلس الحرب في حكومة نتنياهو، إلى حين، وتعليق كل اتصالات في الوقت الراهن، وأن التفاوض سيتم مباشرة مع “وفد مشترك ” من ممثلي دولة “الفاشية اليهودية” في إسرائيل ودولة “الصهيونية اليهودية الأمريكية”.
واستباقا لأي موقف رسمي عربي، لم يعد بالإمكان ان تستمر سلطة الرئيس عباس بالعلاقة الأمنية مع مجرمي الحرب والإبادة الجماعية، فتلك شكل من أشكال المشاركة بها، أي كانت “البعبعة البيانية” التي تصدر لسد الفراغ وإعلان الوجود، خاصة وأن الأرض بدأت تهتز من تحت مقعد الرئاسة علانية لتقادمها السياسي “كادوك”.
مقاطعة استقبال ممثلي أمريكا من الرسميات العربية خطوة رمزية جدا، لا تكلف من يقدم عليها سوى استعادة بعض كرامة تاهت بين جثث مجزرة النصيرات، وشعبيا عودة الشعار الذي كان يهدر يوما “أمريكا برة ..برة” و “فلسطين الحرة جوه جوه”.
ملاحظة: تخيلوا أن قناة عبرية طردت إعلامية وممثلة فلسطينية عربية من العمل فقط لآنها علقت على مظهر الرهينة العائدة من غزة على جثث مئات من الفلسطينيين..تعليق حول شكلها وصحتها وأناقتها التي لم تخدش..وصف لواقع فضح جوهر الفاشيين بكل تلاوينهم..لمى طاطور تحية!
تنويه خاص: يبدو أن “الممر البحري” الأمريكاني في غزة صار اسمه “الممر الأمني”، بعدما كشفت “واشنطن بوست: إن أفراد العمليات الخاصة والمخابرات العاملين في سفارة واشنطن بالكيان موجودين منذ بدء الحرب في قطاع غزة..والكل عارف لا أمريكاني هناك غير فرقة الممر إياه..وهيك سقط “البرقع التجسسي” بثمن 210 شهيد.
قراءة مقالات الكاتب على الموقع الخاص