نبيل معروف
أمد/ بعد العمل البطولي الفلسطيني في السابع من اكتوبر وما تبعه من مجازر وحرب إبادة جماعيه تشنها اسرائيل على شعبنا الأبي، مذاك والكادر الفلسطيني يناقش بشكل عام ويبحث عن
المخارج والاحتمالات ومن بين ذلك العديد من الدعوات لجمع تواقيع او المطالبة بعقد
مؤتمرات هنا وهناك بغية الإصلاح رغبة في الخروج من المأزق، ومع الأخذ بالاعتبار صدق نوايا بعض الداعين وبعض الموقعين، فان هذه المؤتمرات ستكون تكرارا لمؤتمرات عكفت بعض النخب الفلسطينية على عقدها منذ بدايات الألفية الثانية وتحت مسميات مختلفة، الا انها جميعها فشلت في إصلاح الأوضاع القائمة، إضافة الى فشلها في حماية المشروع الوطني الفلسطيني، بدليل اننا وبعد ربع قرن ما زلنا ننادي بهذا الإصلاح، ونطالب بإنهاء الانقسام وندعو الى الوحدة الوطنية.
ان الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية اليوم والاوضاع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل وتغول الاستيطان لهو دليل على فشل القيادات في منع التدهور والتصدي للعدو الإسرائيلي في هجمته الشرسة والتي تستهدف الوجود الفلسطيني في الأساس.
لذلك فان الدعوة لهذه المؤتمرات لن تتمكن من التأثير على مسار الأحداث وبالتالي فهي ليست الحل.
انني اعتقد، وقناعتي، هي ان جميع النخب والكوادر الفلسطينية التي تدعو إلى هذه المؤتمرات وكذلك اولئك الذين تعقد ضدهم هذه المؤتمرات، هم جميعا مسؤولون وشركاء في النتيجة التي وصلت اليها القضية الفلسطينية، بجكم انهم كانوا قيادات وكوادر في الصفوف الأولى عبر مسيرة الثورة الفلسطينية المعاصرة ومنظمة التحرير الفلسطينية وكذلك السلطة الوطنية الفلسطينية بعد أوسلو، وجميعنا وانا منهم فشلنا في حماية المشروع الوطني الفلسطيني
وفشلنا في تحقيق إنجازات للقضية والشعب الفلسطيني، بل على العكس فقد تم تحت أعيننا تمدد الاستيطان وأصبح عدد المستوطنين يزيد على ٨٠٠ ألف، والأخطر من ذلك فقد توغلت إلى عقول الفلسطينيين ثقافة التنسيق والتعامل مع العدو.
ان احداث السابع من أكتوبر وما تلاها من صمود غير مسبوق للمقاتلين الفلسطينيين، والتضحيات أيضا غير المسبوقة التي قدمها شعبنا في غزة العزة، والتي فرضت القضية الفلسطينية مرة أخرى على الاجندة الدولية الرسمية والشعبية، وكشفت هشاشة الكيان الإسرائيلي عسكريا وسياسيا واخلاقيا، ووضعته في مكانه الطبيعي كنظام مارق يمارس الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
بعد كل ذلك لن يتمكن أحد من تصفية القضية الفلسطينية، الا انها مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني ستبدا وتحتاج إلى قيادات جديده غير كل تلك التي شاركت في مراحل الفشل السابقة، وقوة الدفع لهذه المرحلة الجديدة هي جميع أوراق القوة التي أنتجتها مرحلة ما بعد السابع من اكتوبر، ولكنها تحتاج إلى طاقات فلسطينية صادقة ومستقله، وأجندتها تكون تلبية لاحتياجات وامال الشعب الفلسطيني، وليست تلبية لأجندات قوى اقليمية.
أول هذه الطاقات هو المقاتل الفلسطيني الملتزم والمؤهل والمقتنع بانه سينتصر، حيث يكون في صفوف المواجهة الأولى لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، مدعوما بالمثقفين والشخصيات الفلسطينية الوازنة التي تعمل بشفافية واضحة، والتي تحارب الفساد المالي والإداري والسياسي، وكذلك مسنودا بمجموعة تجارب النجاح الفلسطينية في كل مدن وعواصم العالم.
على النخب الفلسطينية الحالية سواء كانت في السلطة او المعارضة ان تُسّلم بان المرحلة الحالية هي مرحلة انتقالية تمهد فيها الطريق لمرحلة جديدة تقودها الأجيال الجديدة. وما زلت مؤمن بان الرئيس عباس بإمكانه ان يكون الطرف الأقوى بين كافة الأطراف التي تتعامل مع الموضوع الفلسطيني اليوم لو انه وضع بيديه كافة أوراق الضغط التي انتجتها الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، وسيكون معه والى جانبه كل اركان البيت الفلسطيني بما فيهم ممثلو أولئك الذين يقاتلون في غزة ومن جميع الفصائل، وبذلك يأخذ موقعه الطبيعي في تمثيل الكل الفلسطيني، وهذا يتطلب أولا وقبل كل شيء ان يقوم الرئيس ومعه جميع النخب بتثبيت الإنجازات التي حققتها المقاومة وصمود وتضحيات أهلنا في غزة، ومطلوب من النخب الفلسطينية ان تتوقف عن كونها امتدادا لقوى إقليمية، وكذلك مطلوب من المؤسسات الشرعية الحاكمة ان تتوقف عن التنسيق الأمني مع عدو ارتكب أبشع المجازر ضد شعبنا في غزة والضفة والقدس، عدو مستمر في سرقة الأرض لصالح الاستيطان الذي تغول وقطع اوصال المدن والقرى الفلسطينية، على النخب الفلسطينية وعلى راسها القيادة الرسمية ان تنهي الانقسام لصالح المشروع الوطني ولصالح الوحدة الوطنية، وان تفتح الأبواب للأجيال الجديدة المبدعة والخلاقة. وعلى النخب الفلسطينية ان تتوقف عن نقل خلافاتها الي صفوف الجاليات الفلسطينية في كل عواصم ومدن العالم، هذه الجاليات التي اثبتت انها أساسية في رسم ملامح النصر الفلسطيني القادم حكما.
فلتلتف كل القوى المخلصة خلف المقاومة لحماية المشروع الوطني الفلسطيني.