علاء مطر
أمد/ في حضرة الدم والمجازر بحق شعبنا يجب أن نخرج عن صمتنا، وفي حضرة السياسية يجب علينا أنش نسمي الأشياء بأسمائها وأن ننزع أقنعة الرياء عن كل الوجوه لنعيد الأمور إلى نصابها، وفي حضرة الدين يجب أن لا تتحدث بالعواطف، ولا يجوز أن نجمع الدين والدم والمجازر والسياسة في قالب واحد ونعلق على نتائجها بالابتلاء.
إن ما حدث في النصيرات ربما هو الأكثر رعبا وخوفا طيلة الثمانية أشهر من العدوان على غزة، وذلك لكثرة تفاصيلها ونتائجها، فلا يجوز أن نقدم في حديثنا شيئا على الدم الفلسطيني، حيث استمر العالم في الحديث عن تحرير أربعة من المحتجزين في حين ذكروا على استحياء استشهاد وإصابة قرابة 600 فلسطيني، حتى بعض نشرات الأخبار العربية ركزت على مقتل أحد الجنود المشاركين في عملية تحرير المحتجزين، وذكرت اسمه وصورته ورتبته وتفاصيله كاملة في حين ذكرت رقم الشهداء لتكملة الخبر فقط.
وفي هذا الصدد يجب أن لا نجمّل المصطلحات والكلمات، ونيقن أننا أمام معركة غير متكافئة، حتى العالم لا ينظر لنا كما ينظر لهم، ولا يهتم لنا كما يهتم لهم، ولا يعيرنا أي اعتبار، وما يزيد من الأمور تعقيدا أن الوفد المفاوض والقيادة بغزة لم يلتفت أيضا للمجزرة، بل ركز على أن إسرائيل تمكنت من تحرير أربعة وأن لديهم العشرات من الرهائن.
نعم.. نعرف أن لديكم رهائن، ونعرف أن مزيدا من الرهائن قتلوا سواء خلال عملية التحرير هذه أو قبلها بالقصف، ولكن ماذا حول الإبادة التي تحصل بحق مليوني مواطن في الخيام؟
ولعل ثاني الأمور التي نقرأ عناوينها وهي أن الجميع ظن أن الحرب اقتربت من النهاية، واتفاق وقف إطلاق النار بات أقرب من أي وقت آخر، حتى تأكد لنا عكس الأمر تماما، فقط الدمار والقتل وخيبة الأمل هما سيدا المشهد في القطاع المحاصر، ولا عزاء لنا في كل هذا الفقد المادي والمعنوي، خصوصا في ظل عدم احراز أي تقدم في المفاوضات بين حماس وإسرائيل.
والمقلق لأهالي غزة الذين يشعرون بخيبة أمل رهيبة بسبب مماطلة حماس وعدم اهتمامها بمعاناتهم ودمار بيوتهم ووقف حدا لهذه الحرب الضروس، أن قيادة الحركة يتشاورون حتى الآن ويصرحون ويتفاوضون دون إقامة أي وزن لشعبنا في النزوح، وكأنهم ينظرون إليهم أنهم وقود حرب لتحقيق ما يرجون لمصالحهم الحزبية الضيقة.
ومن المنطق، بعد عملية النصيرات وتحرير أربعة رهائن، وقبلها عملية رفح وتحرير رهائن، أن تتنصل إسرائيل من التوصل لإتفاق تهدئة، لأن ورقة الرهائن لدى حماس لم تعد قوتها كأول أيام العملية العسكرية في أكتوبر الماضي، لذلك على سقف مطالب حماس أن يبدو أكثر مرونة لتمرير صفقة تبادل مرحلية، وتخفيف معاناة شعبها في غزة، الذي مازالت الصواريخ تنهال فوق رؤوسهم في كل دقيقة تمر دون التوصل إلى اتفاق ينهي هذه المعاناة.
أعلم أنه ليس هناك وقت محدد لعمل مراجعات عظمى مع حماس، ولكن المنطقي هو أننا بحاجة الى عمل تغذية راجعة لكل سلوكنا السياسي والعسكري، فأين كنا وماذا حققنا؟ وهل يجب النظر في برامجنا وسلوكنا؟
ليس من الخطأ على حركة حماس مراجعة أسباب دخولها معركة عسكرية ضخمة، في السابع من أكتوبر، والمكتسبات السياسية المحققة من ورائها، وما تم هدره من طاقة وقوة وسنوات اعداد، وليس انتهاء بتدمير الحاضنة الشعبية والبيئة المحيطة..ليس خطأ الاعتراف بالخطأ ولكن المصيبة هو الإصرار عليه، وأن ننتظر أن يفنى آخر طفل فينا كما قالها سابقا السنوار.