أمد/
عن دار الأهليّة للنّشر والتّوزيع في العاصمة الأردنيّة عمّان، صدرت رواية “ذاكرة في الحَجْر”” للشّاعرة الإعلاميّة كوثر الزّين. تقع الرّواية الّتي صمّم غلافها يوسف الشّايب في 165 صفحة من الحجم المتوسّط.
تكمن أهمية الرواية في تناولها لمسار حياة إنسان “عربي” منذ الطفولة وحتى الممات، يبدأ “عربي” في سرد روايته متناولا المحطات المهمة والمفصلية في حياته، ويبدأ من اعتقال والده المثقف وصاحب المكتبة الكبيرة والمبادئ النبيلة، وكيف أنه تخشب وتبول على نفسه وهو يرى والده يضرب أمامه أثناء اعتقاله، وبعد وفاته يبقى عند أمّه التي استمرت في إعطائه الوصايا والحكم؛ كي يحافظ على وجوده في ظل القمع والملاحقة الأمنية، التي يتجاوزها من خلال (دبلوماسيته) في التعامل مع الآخرين، فقد صب اهتمامه على التعليم وحصل على شهادة مهندس حاسوب، أثناء دراسته يتعرف على “تالية” المثقفة اليسارية، ولكنه يبقيها صديقة ليس أكثر، فقد تعلم من تجربة والده أن تعاطي السياسة يؤدي إلى التهلكة، ممّا جعله يبقي “تيماء” المرأة المناسبة في الواقع القمعي الذي يعيشه في الوطن.
يبدأ الربيع العربي ويبدأ النظام في مطاردة المعارضين، ورغم أن “عربي” خارج اللعبة السياسية إلا أنه يعتقل ويعذب بطريقة وحشية، فتاريخ والده المعارض للنظام يكفي لكي يكون مطلوبا للأجهزة الأمنية، وهنا نتوقف قليلا لنشير أن الأنظمة العربية تُبقي التهمة الأمنية مصاحبة لكل أفراد العائلة، تنتقل من الآباء إلى الأبناء وإلى الأحفاد، ولا تزول مطلقا، وحتى أنها تلاحق أبناء البنات أيضا، وهذه حقيقة يعرفها كل من تعاطى السياسة، فيكفي رجل الأمن اسم العائلة؛ ليضع الإشارة الحمراء على بقية الأسماء، التي تناسلت من هذا المعارض.
يتم الإفراج عن “عربي” بعد أن خاض تجربة تعذيب جسدي قاسية، ويتم اعتقاله من قبل الجماعات الإرهابية، لكنه يتخلص منها من خلال تقمصه لرجل الدين المعارض للنظام، وما آثار التعذيب على جسده إلا أفضل شاهد على عقيدة الجهادية، وهنا يتم تقربه من أمير الجماعة بسبب ثقافته الدينية ولمعرفة بعلم الحاسوب، يعطيه أمير الجماعة لقب “أبو مسلم” و”جيلان” سبية؛ ليفعل بها ما يُفعل بالجواري، لكنه يعاملها بطريقة حسنة، فحالة التعذيب والاضطهاد التي تعرض لها جعلته يرفض أن يكون مثل جلاديه، يبدأ التخطيط للهروب مع “جيلان” التي تواصلت مع عمّها الوحيد الباقي من عائلتها، وينجحان في ذلك، فهو (نائب الأمير) كما أنه ادعى أن سبيته “جيلان” حامل وبحاجة إلى طبيب؛ ليخفف عنها الألم، ممّا سهل عليه اجتياز كل الحواجز، يصل إلى مخيم اللاجئين ويسلم جيلان إلى عمّها رافضا أخذ أي مبلغ مالي على إيصالها.
تبدأ رحلة البحث عن الفردوس في الغرب من خلال المهربين الذي يتجارون بالناس، يستطيع الوصول إلى “فرنسا”، وإقناع رجال الأمن بأن فرنسا ستستفيد منه كمهندس حاسوب، وفي المخيم يتعرف على “أوود” التي تخرجه من المخيم، وتؤمّن له وظيفة محترمة، يقيم علاقة حب حميمية معها، لكنه لا يقدر أن يكون رجلا، فالتعذيب الذي تعرض له جعله ذكرته ضعيفة، لهذا لم يكن يقدر على أن يكون رجلا، يعرض نفسه على طبيب ويخبره بصعوبة وضعه كرجل، ومع هذا تبقى العلاقة مع “أوود” كما هي إلى أن تتوفى بمرض خبيث.
يصاب عربي بقرحة في المعدة بعد أن شرب الخل، يتم استدعاؤه أمنيا، فقد كانت الأجهزة الأمنة تراقبه وهو يشتري الخل بكميات كبيرة، وعندما تعود إلى ملفه الأمني تجده هو نفسه “أبو مسلم” نائب أمير الجماعة، ورغم أن سجله الأمني والوظيفي نظيف في “فرنسا” إلا أن الصور والمعلومات تبقيه متهما، يزج في السجن وهناك تتصاعد القرحة، ممّا يجعل قلبة يتوقف، وهنا يأخذنا في رحلة قصيرة إلى عالم الآخر، حيث يشاهد والده ووالدته، إلا أن الأطباء يستخدمون الشحنة الكهربائية فيعود قلبة إلى الحياة من جديد، لكنه سرعان ما تأخذه القرحة إلى العالم الآخر، وهنا تبدأ الساردة في استخدام لغة السرد الخارجي وتحدثنا عن رحلته إلى العالم الأخير.
إذن الرواية تتحدث عن قطر عربي جرى فيه (الربيع العربي)، وبما أن “عربي” لم يحدد هذا القطر، ممّا يجعل الرواية مفتوحة على كل الأقطار العربية، التي تعرضت لأحداث (الربيع)، وهذا الانفتاح الجغرافي ميزة تحسب للرواية، وبما أن اسم بطلها “عربي” فقد جعلها رواية كل الأقطار العربية، فالأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج ـ باستثناء لبنان ـ تمارس القمع بصورة مقيتة، وبما أن الموت لاحق العديد من الشخصيات التي تناولتها الرواية: والدي عربي، عائلة جيلان كاملة باستثناء عمها، “أوود” ووالدتها، وعربي نفسه، وحتى القطة “مشرق” ممّا يشير إلى أن الموت يلاحق العربي حتى لو كان في الغرب (الفردوس وأرض الخلاص والنعيم) يموت قهرا وظلما.
الأب والأم
هذا ملخص للرواية وللطريقة التي قدمت بها، وبما أنها بدأت من الأب الذي أوصى “عربي” وصايا عديدة، منها ما هو متعلق بالمعرفة، وبالسلوك، والنبل والمواجهة، فقد كان الأب بمثابة (التاريخ/التراث المجيد) الذي كان، لكن واقع الحال الآن في غاية البؤس والخذلان. اللافت في الرواية أن أثر الأب والأم ممتدّ في الرواية، فنجده في كل المراحل التي مرّ بها “عربي” وبما أنه قدم الأب بصورة إيجابية، وهذا يعد استثناء في الرواية العربية التي اعتادت تقديمه بصورة سلبية، وعلى أنه صورة أخرى عن النظام.
من مزايا الأب حرصه على تعليم “عربي”، تعليمه الأخلاق/العطاء، التضحية، المعرفة: “عش أبيا يا عربي، فالعمر وقفة إباء” ثم جلس أمام مكتبه …يتأمل رفوف الكتب قبل أن يشير إليها:
ـ أترى يا عربي هذا الكم من الأوراق والحبر الذي أفنيت عمري أجمعه وأقرأه؟
ـ أراه كل يوم يا أبي.
ـ لا تستهن به يا بني، عدني أن تجعل منه لعينيك المسلية في وقت فراغك، اعتبره أثمن ما تركه لك أبوك في حال غياب” ص11، رغم أن الوصية جاءت بشكل (واقعي) ويخدم أحداث الرواية، لكن أعتقد أن هذا المشهد يتجاوز الطفل “عربي”، ويمتد ليصل إلى كل مواطن في المنطقة العربية، فكلنا في المنطقة العربية بحاجة إلى “وقفة عز” وإلى المعرفة المنفتحة.
وعندما يتم ملاحقة من الأجهزة الأمنية، تطرح عليه زوجته الاختفاء؛ كي لا يتم اعتقاله، يخاطبها بقوله:” الحر لا يهرب يا أمّ عربي، الاختفاء للمنبوذين وليس للشرفاء” ص12، وهذا ما يجعل الأب مثليا، منسجما بين القول الفعل.
وعندما يأتون لاعتقاله وتفتيش منزله كان بهذه الصورة:” كان أبي واقفا كشجرة باسقة الأغصان ذابلة الأوراق، يراقبهم بنظرة ازدراء هادئة، إلى أن فرغوا من البحث والنبش في محتويات مكتبه.
ـ لا داعي لتقييد يدي، سأرافقكم بهدوء”
أستجابوا لطلبه بركلة في بطنه، وعصابة سوداء على عينيه، وقيد في يديه، مصحوبا بكلمات بذيئة نابية” ص13، اللافت في هذا المشهد ثبات وهدوء واتزان الأب، رغم بطش وهمجية رجال النظام، فسلوك الأب يشير إلى العزة والثقة بالنفس، بينما طريقة تعامل رجال النظام كانت همجية/وحشية/ متخلفة.
قلنا إن أثر الأب ممتدّ في الرواية، من هنا عندما تحدث “عربي” عن تهريبه إلى أوروبا كان والده حاضرا: “بدا لي القمر البعيد وكأنه وجهة أبي..صرخ بي: “كن أبيّا يا عربي وإيّاك أن تستسلم، إن الحبر يحب الأباة” ص81، ما يميز هذا المقطع ليس الفكرة وأثر الأب فحسب، بل الألفاظ التي جاء بها المقطع، فنلاحظ أن “عربي” يستخدم ألفاظا لها علاقة بلفظ “أبي”: “أبيا، الأباة” وهذا يشير إلى تحرر “عربي” من هيمنة الكاتبة/الساردة وجعله يتحدث بما يريد هو، لهذا جاءت الألفاظ التي استخدمها نابعة من داخله، وتعبر عمّا في عقله الباطن تجاه أبيه.
الأمّ حالها كحال الأب، رغم أنها تختلف معه في علاقته بالسياسة، إلا أنها كانت محافظة على زوجها وابنها، وكانت تقدم “لعربي” النصائح ليعيش حياة سوية، وليس كحياة والده القاسية والصعبة، يتذكر عربي ما قالته عن أبيه: “عاملني بما يرضي الله، كان دوما يقول لي إني أمانة أبيه وعمه الغالية التي استأمناه عليها، لم يسئ إليّ يوما، سوى بما أساء به إلى نفسه وإلينا جميعا، كان أبوك بطلا وضحية، ليته اكتفى بشؤون بيته وحياته، ونسى شأن الأمّة ومصيرها وفكرتها.. لا خير في فكرة تأكل أبناءها” ص99، الجميل في هذا المشهد إشارته إلى أن الاختلاف لا يعد معضلة في الأسرة، فبناء الأسرة يعتمد على العطاء والحب والتضحية، من هنا كانت أسرة “عربي” مثالية فيما بينها، وفي انسجامها بين الفكر والسلوك.
ينقل لنا “عربي” وصية أمّه:” أحذر السياسة يا عربي.. السياسة خراب بيوت” ص17، فرغم أن هذه الوصية تتناقض مع فكر وسلوك الأب، إلا أنها ساهمت ـ ولو إلى حين ـ في تعليمه وحصوله على شاهدة “مهندس” وسهلت عليه التخلص من مضايقات النظام إلى أن جاء (الربيع)؛ لينسف كل الهدوء الذي عاشه “عربي” وامه.
وكما تذكّر أبيه وهو في طريقه إلى أوروبا ها هو يتذكر أمّه ووصاياها: “فتذكّرت قول أمّي:” إياك يا عربي أن تثق بمن يقبض ثمن مساعدات سلفا، صاحب المعروف لا يطلب أجرا” ص73، نلاحظ أن وصايا الأمّ متعلقة بما هو فردي/شخصي، وليس بما هو جمعي/شعبي كحال وصايا الأب، ومع هذا لم تصمد وصاياها أمام القمع الرسمي وأمام قسوة الحياة، لهذا تجاهل “عربي” هذه الوصية، وخضع لشروط المهرب.
النساء
أقام “عربي” علاقة مع مجموعة من النساء: تيماء، تالية، جيلان، أوود” ولكن هذه العلاقات بمجملها انتهت ولم تكتمل، وكأنه يقول إن المواطن في المنطقة العربية لن يحظى بالحياة السوية مهما كان حاله، معرض، محايد، مآزر، فاللعنة تلاحقه حتى لو غادر الجغرافيا العربية، من هنا وجدنا موت “أوود” التي كان يمكنها أن تبقيه في أمان، أمان اجتماعي، اقتصادي نفسي.
الإرهاب
المواطن العربي يتعرض للإرهاب ليس من التنظيمات وأفراد العصابات فقط، بل من الدولة نفسها أيضا، من هنا نجد “عربي يقدّم هذا الإرهاب بصورة كاملة وشاملة، فهو يطال الدولة، المهربين وعصابات التجارة بالبشر، والجماعات الدينية الإرهابية، وحتى الإرهاب الأوروبي، إن كان من خلال طريقة تعامل حرس الحدود مع المهاجرين، أم من خلال الأجهزة الأمنية التي ضغطت على “أوود”؛ لتكشف عن مصادرها في تواطؤ ومشاركة الدولة الأوروبية فيما آلت إليه الأحوال في دول (الربيع العربي)، بمعنى أن كل المحيط (المنظم) هو فاسد.
من مشاهد الإرهاب ما تتعرض له والده إثناء اعتقاله:
” ـ لا داعي لتقييد يدي، سأرافقكم بهدوء.
أجابوا طلبه بركلة في بطنه، وعصابة سوداء على عينيه، وقيد في يديه، مصحوبا بكلمات بذيئة نابية” ص13، فهنا الإرهاب متعلق بالدولة نفسها، فهي لا تختلف عن الجماعات/العصابات الخارجة على القانون، فالكل يمارس سطوته ويقمع ويضطهد دون رحمة.
يحدثنا “عربي” عن طريقة تعذيبه بعد (الربيع العربي) وبعد أن اكتشف النظام أنه ابن معارض قديم: “عصي غليظ ولهشاشة العظام.. حبال لتعليق الجلود الممزقة بالسياط، ودواليب لطيها.. كلاليب للأظافر.. شبح للسهر.. بصاق وأكف غليظة للصحو.. مسامير وسجائر مطفأة للكرم.. أسلاك مكهربة تجوس بين السرة والفخذين لامتحان الفحولة.. صيام للنهارات والليالي، ينتهي بربع رغيف عفن، وطاسة ماء صدئة.. وقتلى بلا جنازة… لكنني نجوت” ص31، لا يمكن أن يكون هذا سلوك رجال دولة، بل سلوك مجرمين/إرهابيين متمرسين في الإرهاب، لهذا فقد “عربي” فحولته” ولم يستطع الطبيب إصلاح ما أفسده رجال النظام، وبقى عاجزا أمام “أوود” رغم ما فيها من إثارة.
أما عن إرهاب المنظمات الدينية فيقول:” كانت وهي تسمع صراخ السبايا المغتصبات في معسكرنا، تتقوقع في ركن من الغرفة، ترتعد، وتنتحب، صامة أذنيها بكفيها” ص37، هذا المشهد يؤكد أن كل السلطات تمارس الاضطهاد والقمع والبطش بصرف النظر على الأيديولوجيا التي يحملها القامع، فلكل قامع أفكاره/معتقداته الخاصة، لكن طريقتهم في القمع واحدة، لا اختلاف بينهم.
أمّا المهربون، تجار البشر وكيف يتعاملون مع ضحاياهم:” تلك مشكلتك وليست مشكلتي، ما عليّ سوى أن أومن لك الطريق إلى ثقب إبرة الخلاص، ما تبقى ليس من شأني. فكر سريعا ورد لي الجواب، لا وقت لدي، غيرك كثيرون على قائمة الانتظار.
لحقت به مجبرا، ودسست في جيبه ماله الحرام” ص 74، ليس هناك إنسانية عند الجهات الأخرى، الكل يتعامل مع الضحية بسادية مطلقة، إمّا يقتلها، يغتصبها، يعذبها، يبتزها ماليا ونفسيا، فالسادية يمارسها كل إرهابي.
وعن القمع الأوروبي، يحدثنا “عربي” عن طريقتهم (الحضارية) في التعامل مع الآخرين:” كنت برفقة خمسة عشر غيري، سقط نصفهم بين قتيل وجريح برصاص جندرمة الحدود” ص75، وبهذا تكتمل حقلة الإرهاب، الدولة الرسمية العربية، المنظمات الدينية، عصابات التهريب وتجار البشر، (وديمقراطية) الدول الأوروبية، وهذا ما أكدته “أوود” عندما قالت:” لا أنصحك رغم كل ما ذكرته أن تصدق كثيرا أننا جنة الله على الأرض، ما زلت حديث العهد بنا، تقارن ما حولك بما تركته خلفك فيبهرك، ليس كل ما يلمع ذهبا يا حبيبي” ص107. حقيقة يجب أن يعرفها كل مضطهد على وجهة الأرض، كل السلطات/التنظيمات وجدت للقمع وإلغاء الآخر، ولم تأت لخدمته أو للتخفيف عنه أو عليه.
الموت والسرد الروائي
اللافت في طريقة السرد أنها جاء من خلال بطل الرواية “عربي” باستثناءات قليلة جاءت بخط غامق وبصوت السارد الخارجي، وهذا ما قرب بطلها إلى القاري وجعله يتعاطف معه وينحاز، وبقى السرد محافظا على هذا التوازن حتى الخاتمة، عندما توقف قلب “عربي” وهذا يعد ذكاء من السارد/ة الخارجي الذي دخل على السرد بعد أن توقف “عربي” عن القص، فجاء/ت ليكمل الأحداث نيابة عنه، بمعنى أن الأحداث لم تنته عند الموت، وهناك توابع/ملحقات تابعة، وعندما عاد “عربي” ليسرد ما جرى معه قبيل رحليه وما قاله للمحقق:” لم أشأ أن تخسر الدنيا عبقريا مثلي.. فطنا ألمعا نبيها، حكيما عليما عارفا، جريئا مغامرا، تواقا للحياة حد الحياة.. لكنني عربي.. نبي في غير زمكانه” ص165، أكد استمرار مطاردة الموت لكل حيّ، لكل مبدع، لكل معطاء مخلص، وبقاء القتلة المجرمين، بمسميات وهيئات مختلفة، دولة ومنظمات، تجار ومخلصين.
تقنية الرواية
اللافت في طريق سرد الأحداث وجود ثقافة دينية عند السارد/”عربي”: “إلى أن يقضي الله امر كان مفعولا” ص121، وهذا ساهم في (إقناع) المتلقي بشخصية “عربي” الذي يتمتع بثقافة متعددة الأوجه، فعندما تجاوز الجماعات الإرهابية كان بسبب هذه الثقافة، وعندما اقنع حرس الحدود بدخوله فرنسا كان لإتقانه اللغة الفرنسية ولطريقة مخاطبتهم بطريقة ساخرة لكنها مقنعة:” سبق وأن ضاقت شعوبنا ذراعا بكم على امتداد عقود من الاستعمار، لا بأس أن تتحملونا قليلا إلى أن تضع جربنا أوزراها” ص85، فهنا نلاحظ أثرا من وصايا الأب الذي علمه المواجهة وثقفه بمعارف عدة، لهذا كان (مستهترا) في مخاطبة حرس الحدود.