أمد/
الشيخ بشير الجميل والسيد حسن نصرالله، يتشاركان ويتشابهان في خمس مسائل، ويختلفان طبعا بمسائل اخرى. كل واحد منهما:
1- قام بتوحيد طائفته.
2- قام بتصفية معارضيه داخل جماعته بالعنف والسياسة ايضا.
3- قام بعسكرة طائفته.
4- استعان وتحالف وتمتع بمساعدة دولة اقليمية اجنبية.
5- لهما ذات الهدف من مواقع متقابلة؛ تحقيق غلبة طائفية او فئوية.
لا يمكن مواجهة مشروع “حزب الله” الذي جعل لبنان متراس مواجهة ايراني، ومخيم نازحين سوري، بمشروع يعلن؛ ” أن بشير حي فينا” فلماذا يترك الشيعي بشيره الحي، ليلتحق ببشير آخر متوفى؟! المشروع الذي يمكن ان ينضوي تحت لوائه كل لبناني هو مشروع ” دولة فؤاد شهاب” ؛
الاستمرار والسعي لتوليد غلبة طائفية، كانت نهايته كارثية، على وقع كل انقلاب في موازين القوى الإقليمية. كل جهة لبنانية حاولت المزاوجة بين غلبة فئوية سافرة، على المستوى الداخلي اللبناني، مقرونة بالسعي لدور لها على المستوى الاقليمي، قادت جماعتها ومن ثم لبنان الى كارثة فعلية…
———
تتعمق ازمة لبنان وتنهار كافة مقوماته، ويفقد وطن الارز معناه، في ظل غلبة “حزب الله”
———
ينطبق هذا الاستنتاج، على محاولة اليسار اللبناني، بقيادة كمال جنبلاط معتمدا على دعم منظمة التحرير الفلسطينية، كما ينطبق على تجربة الجبهة اللبنانية بقيادة بشير الجميل… وتتعمق ازمة لبنان وتنهار كافة مقوماته، ويفقد وطن الارز معناه، في ظل غلبة “حزب الله” وانضوائه ضمن استراتيجية ايران…
دولة فؤاد شهاب هي دولة الكتاب والدستور، دولة المؤسسات وسيادة القانون كل قانون، دولة الكفاءة والجدارة والامتحان، دولة تمنع دخول عناصر الاحزاب الى الجيش والقضاء والامن، واجهزة الرقابة المالية، والمراكز العليا والادارية في التعليم والادارة العامة.
———
الدولة العميقة هنا، اقوى من كل طائفة وفوق كل الطوائف
———
الدولة العميقة هنا، اقوى من كل طائفة وفوق كل الطوائف، وهي دولة المواطنة، هذه الدولة ترعى المواطنين، فتؤمن حقوقهم وتلزمهم بالقيام بواجباتهم.
يستنكر كثيرون جدا المقارنة بين بشير ونصرالله، بعضهم انحيازا لنصرالله، من موقع ان الانحياز الى ايران، هو امر مقبول ومبرر من موقع شيعي دينيوي، يتعلق بتنازع عوائد السلطة، ومن اعتبارات دينية متعلقة بمرضاة الله، وشفاعة نائب المهدي المنتظر المرشد القائد علي خامنئي، ومن موقع الانحياز الى فلسطين، وان قتال اسرائيل هو دفاع عن لبنان وسيادته، وتحصين الجنوب في وجه اطماع عدو يمارس الاجرام والحروب، ولذلك فهذا الاصطفاف، بحسبهم، في محور الممانعة، بقيادة طهران، هو امر مقبول ومرتجى!!
آخرون يستنكرون المقارنة من موقع الانحياز الى بشير، لان مشروع بشير، بحسبهم، كان لبنانيا، وليس ايرانيا، كمشروع “حزب الله”، ويعتبرون ان تحالف بشير مع اسرائيل، ليس خيارا شائنا، بل امرا انتقاليا في ظروف صعبة اضطرارية، لم يكن ليدوم، لو اتيح لبشير ان يحكم، ويفصلون وعود بشير ببناء دولة لبنانية قوية الخ…
آخرون يعارضون نموذج “دولة فؤاد شهاب”، لانهم يعتبرونها دولة امنية، ويستعيدون ممارسات “المكتب الثاني”، في تدخل المخابرات في الشأن السياسي والمعارك الانتخابية، وتبقى قضية المكتب الثاني ثانوية، لانها تفاقمت نتيجة انقلاب الحزب السوري القومي الاجتماعي.
———
ممارسات المكتب الثاني في العهد الشهابي لم تكن مقبولة، لكن اتهام فؤاد شهاب بالدكتاتورية، امر يثير الضحك والسخرية
———
ويذهب البعض منهم الى اتهام فؤاد شهاب بالدكتاتورية، وفي الحقيقة ان ممارسات المكتب الثاني في العهد الشهابي لم تكن مقبولة، لكن اتهام فؤاد شهاب بالدكتاتورية، امر يثير الضحك والسخرية فاي دكتاتور هذا، يخسر الانتخابات النيابية في وجه الحلف الثلاثي سنة ١٩٦٨، ويدير تمثال السيدة العذراء في حريصا ظهره له!!
لا تهم وعود بشير واحلام انصاره، المهم انه كان يبني غلبة فئوية، وقد سمع اللبنانيون مثل هذه الوعود، في خطاب القسم لاميل لحود.
———
اهمية فؤاد شهاب وتجربته، ليس كونه جنرالا عسكريا، بل هو امير نزيه باخلاق النبلاء، وقد اجتث الفساد
———
إن اهمية فؤاد شهاب وتجربته، ليس كونه جنرالا عسكريا، بل هو امير نزيه باخلاق النبلاء، وقد اجتث الفساد وأقام حكما نزيها، كما بنى فريقا من رجال الدولة، على معيار الكفاءة والنزاهة، وقد حارب الاقطاع واطلق عليهم صفة fromagistes، اي اكلة الجبنة او المتحاصصين بلغة اليوم.
الدعوة لقيام جمهورية فؤاد شهاب ليس حنينا للماضي، ولا تهربا من نقد سلبيات التجربة الشهابية إن وجدت، بل هي شهادة تشكل دليلا تاريخيا دامغا على إمكانية قيام دولة واحدة تستحق اسمها، و ترعى العيش المشترك في لبنان، وهي حقيقة ثابتة وواقعية، تشكل ردا قاطعا على كل ترهات الطائفيين، وملفقي خطب منظومة الفساد والفشل والارتهان للخارج المافوية، من ان لبنان قد ولد على شاكلة هذه المنظومة، ويبقى على صورتها الى الابد.
ان استعادة التجربة الشهابية، هي دعوة لقيام دولة حديثة، والسؤال الذي يطرح اليوم، هل العودة الى نموذج هذه الدولة ممكنة في ظل دستور الطائف؟!
والجواب الذي سيفاجئ اغلبية ساحقة من اللبنانيين، بمختلف اتجاهاتهم وانتماءاتهم، ان الدولة الشهابية كانت بالممارسة، تجسيدا عمليا لما ادرجته لاحقا نصوص وثيقة الوفاق الوطني، من معادلات وصلاحيات، وان دولة فؤاد شهاب هي دولة دستور الطائف الحقيقية، فيما النظام الذي حكم لاحقا باسم اتفاق الطائف،اقام سلطة لامراء الحرب والميليشيات، خلافا لنصوص اتفاق الطائف وانتهاكا لروحه وتنكرا لمقاصده.
فالمناصفة في الادارة العامة، بادر اليها فؤاد شهاب وصاغتها وثيقة الطائف لاحقا، واعتماد الامتحان والجدارة والكفاءة في بناء الادارة، مارسها فؤاد شهاب وضمنتها وثيقة الطائف في متنها لاحقا، والانماء المتوازن كان سياسة اتبعها فؤاد شهاب واوردتها وثيقة الوفاق الوطني لاحقا، والنزاهة المالية والاصلاح الاداري انجزهما فؤاد شهاب، وتبناهما اتفاق الطائف لاحقا.
تبقى صلاحيات رئيس الجمهورية فارقا بين دولة شهاب ونصوص الطائف، بعد ان انتقلت السلطة الاجرائية من نطاق رئيس الجمهورية، الى مجلس الوزراء مجتمعا، فهل يمكن بناء دولة على الطراز الشهابي بموجب دستور الطائف السائد قانونا، والمنتهك عمليا وواقعا؟!
عن “جنوبية”