أمد/
كتب حسن عصفور/ رغم اليقين العام، بأن حربا شاملة لن تحدث في لبنان وتوابعها إقليميا، بعد حادثة مجدل شمس ومقتل 12 من أبنائها، كون من ذهبوا ضحية الفعل الإجرامي ليسوا “يهودا”، وأيضا ليسوا من سكان دولة الكيان، فهم من الجولان المحتل رافضي الضم والإلحاق، إلى جانب مصالح الأطراف ذات الصلة الخاصة، والتي لا تريد خروجا عن مسار تم التوافق عليه منذ انطلاق الحرب العدوانية على قطاع غزة.
رغم استبعاد الحرب الشاملة وما قد ينتج عنها مضاعفات، فالولايات المتحدة سارعت فور جريمة مجدل شمس للعمل بكل السبل لمحاصرة رد الفعل، ومعها تحركت العجلة الدولية والعربية، وجميعها لذات الهدف، وربما نحو وضع “قواعد اشتباك جديدة” بين دولة العدو وحزب الله، عبر قناة بلاد فارس، والتي ستكون الخاسر الأكبر فيما لو تدهور المشهد نحو خروج عن “النص المتوافق عليه”.
ما يلفت في “الحراك الأمريكي – الدولي والعربي” نحو السيطرة على المشهد في لبنان، سرعته ووضوح هدفه المباشر بما لا يذهب بعيدا، وبأن حق الكيان الرد المحدود، وكأنه جواز مرور بما يمكن وصفه “رد اعتبار” و”حفظ ماء وجه” الحكومة الفاشية أمام سكان الكيان، والطائفة الدرزية، ما يفتح الباب لمقارنة ذلك مع تطورات المشهد في قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023.
بعد حادثة 7 أكتوبر وصل أنتوني بلينكن بعد 24 ساعة إلى تل أبيب، بصفته “يهوديا” أولا، ووزير خارجية أمريكا ثانيا، وبعد 48 ساعة كان الرئيس الأمريكي في تل أبيب، وهي أسرع زيارة له منذ تنصيبه رئيسا بعد حدث خارجي، بل ربما الوحيدة، ليشارك في مجلس حرب الكيان للمصادقة على مخطط العدوان، مع تقديم 6 مليار دولار، وإرسال سفن حربية إلى ميناء حيفا ثم البحر الأحمر.
المقارنة السريعة بين مشهد مجدل شمس وقطاع غزة، قد يراه البعض مفارقة، لكن الأساس هو رؤية جوهر المسألة، إن إدارة بايدن ومعها دول غربية، كيف منحت الغطاء للحرب على قطاع غزة، ولا زالت تقف متفرجة إلى حين أن تعلن حكومة الفاشية اليهودية وقفا لها ضمن شروطها الاحتلالية الكاملة، وبين سرعة الحراك الأمريكي لمنع حرب قد تدق الباب الشرق أوسطي.
حرب قطاع غزة جاءت ضمن مخطط مشترك أمريكي أمني إسرائيلي لقطع الطريق على حرب أهلية أوشكت أن تنطلق في الكيان، ولإعادة الحضور العسكري الأمريكي المباشر بعدما اهتزت أرض المنطقة تحت أقدام مصالح واشنطن، في ظل تمرد دول عربية كانت جزءا من دائرة الهيمنة الأمريكية، سياسيا، اقتصاديا وعسكريا، فكانت شرارة حرب غزة ضرورة لخدمة هدف، ولا زال استمرارها يخدم ذلك، لذا لا تضع قوتها الكاملة لوقف حرب إبادة جماعية هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية.
فيما حرب لبنان وتوابعها تمثل “نقيضا” لأهدافها من حرب قطاع غزة، ضررا استراتيجيا لمصالحها الإقليمية، و”التفاهم الخاص” بينها وبلاد فارس، ما قد يربك توازن القوى في لبنان، ليعيد رسم ملامح دولة تعرضت للخطف منذ اغتيال رفيق الحريري 14 فبراير 2005، لتبدأ سيطرة حزب الله الشاملة على مسار الحدث اللبناني، وإنهاك مختلف القوى – الطوائف الأخرى، وفي المركز الطائفة السنة بارتباطها العروبي.
حرب لبنان فيما لو بدأت، لن تكون مطلقا متوافقة والمصلحة الأمريكية الاستراتيجية، وستدخلها في دوامة حسابات بدأت تجني ربحها السياسي منذ أكتوبر 2023، تأثيرا ومصالحا وأبعادا إقليمية جديدة، وإرباك قوة الاندفاع في التعاون الصيني – الروسي مع دول خليجية، المتجهة نحو تعزيز علاقات “استقلالية” تفترق عما كانت من “تبعية الحاقية”.
من أهم ملامح جريمة مجدل شمس تعريتها لبعض أهداف الحرب العدوانية على قطاع غزة، بأنها ليست ردا “انتقاميا” لما كان من هجوم داخل الكيان، بل مخطط متربط بـ “أهداف إقليمية شاملة” أمريكا شريك مركزي بها.
الاستنتاج الرئيسي في حراك “السيطرة على مسار حرب لبنان”، هو أن حرب غزة والوصول إلى وقفها مرتبط ارتباطا وثيقا بالمصلحة الأمريكية الإقليمية أولا، والتوافق على ترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة بما يخدم أهداف دولة الكيان في مشروعها التهويدي في الضفة والقدس، ومحاصرة روح القطاع الوطنية سنوات وسنوات.
الرسالة الأهم لتحالف حماس الفصائلي، هل بالإمكان إزالة غباش الوهم في مسار الحرب وأدواتها، ومن يعتقدونه “حليفا” هو في الحقيقة مستغلا لها..تلك هي المسألة التي آن أوان رؤيتها وبلا خجل سياسي.
ملاحظة: تقرير “واشنطن بوست” عن سجن في النقب ووصفه بأنه معتقل “غوانتينامو” الجديد، كان يستحق اهتماما فلسطينيا واسعا..توابعه عمقت الفائدة بعد ما قام به تحالف نتنياهو من فوضى ضد محكمة إسرائيلية..مشهد لازم يصير جزء من سلاح المواجهة لدولة العدو..في كل مكان وحيثما كان.
تنويه خاص: كتير عار أن يكون حراك “المقاطعة” لمنتجات دعم مجرمي حرب الإبادة الجماعية ضد أهل فلسطين وخاصة قطاع غزة حيوية في كل مكان غير منطقتنا العربية..والعار الأكبر تبريرهم لدعم نتنياهو وبن غفير..كان أملا فلسطينيا في نادي الزمالك برفضه لكنه خذل شعب عشقه وهو أول ناد عربي يزور فلسطين بعد تأسيس الكيان الأول..خسارة يا زمالك..
لقراءة مقالات الكاتب..إضغط