أمد/
هل يَغْسِلُ الدَّمعُ أحزاني وما أَجِدُ؟
يومَ الوَداعِ ولا صَبرٌ ولا جَلَدُ
يا أيُّها الرَّاحلُ السَّجَّادُ مَعِذِرَةً
منّي إليكَ فقد أوهانيَ الكَمَدُ
بيني وبينكَ أسرارٌ أُخَبِّئُها
مكانُها القلبُ لا يدري بها أحدُ
تَلْتَفُّ (صنعاءُ) حولي كي تُعَزِّيني
هيهاتَ أَسلو وأنتَ القلبُ والكَبِدُ
إذا تذكَّرْتُ ما كنَّا وكنتَ لنا
تَقَرَّحَ الجَفْنُ واستعصى به الرَّمدُ
أُكَفْكِفُ الدَّمعَ عن عَيني، وبين دمي
نارٌ، يُؤَجِّجُها حُزني ويَتَّقِدُ
في قَبرِكَ النُّورُ مرفوعٌ سَرادِقُه
وفوقَ لَحْدِكَ يَرضى الخالقُ الصَّمَدُ
ما زلتُ أسمعُ في أُذني وفي خَلَدِي
ما كنتَ تُقْرِئُني فجرًا وما تَعِدُ
علَّمْتَني كلَّ شيءٍ أنتَ يا أَبَتي
وقُدْتَني حَيثُ شاءَ الواحِدُ الأَحَدُ
أرشدْتَني لِسبيلِ النُّورِ في صِغَري
اللهُ حَسْبُكَ منه العَونُ والمَدَدُ
ما زالَ نُصْحُكَ نُورًا أستضيءُ به
مِن وَحْيِهِ جاءَني الإلهامُ والرَّشَدُ
قد عِشْتَ تَكْدَحُ مِن أَجلي على أَلَمٍ
في المَهْجَرِ الصَّعْبِ لا أهلٌ ولا ولدُ
في (هِل زوين) ورودُ الحيِّ تَسألُني
ووِردُ مَسْبَحةٍ يَبكي وينْتَهِدُ
يا مُنفِقَ المالِ فيما اللهُ شاءَ لهُ
والعلمُ والخيرُ والإحسانُ والرَّشَدُ
(شَمِيرُ) ما قطُّ تَنسى كلَّ ما غَرَسَتْ
يداكَ، والنَّاسُ والخيراتُ والبلدُ
هذي المحاريبُ تَبكي وَحْشَةً وشَكَتْ
أسحارُها ظُلمةً؛ للنُّورِ تَفتقِدُ
وقفتَ كالطَّوْدِ عِملاقًا تُثَبِّتُني
يومَ الكريهَةِ والأبطالُ ترتعدُ
وأنتَ تعرفُ كم رَوَّيْتَني أَدَبًا
وكنتَ باللُّطفِ والإحسانِ تَنفردُ
تبكي عليكَ محاريبُ الدُّجى سَحَرًا
وعنكَ يسألُني في مَكَّةَ العددُ
بين (الخريبةِ) و(المرقوبِ) رجعُ صَدًى
مِنَ التِّلاوةِ، والتَّسبيحُ يَحتشدُ
طَيفٌ هو العمرُ والدُّنيا تُجَرِّعُنا
مواجعَ الموتِ، كم يا صبرُ يا جَلَدُ!؟
سنلتقي في رحابِ اللهِ يا أبتي
وينتهي حينذاكَ البُعدُ والأمدُ
أبي أبي هل تُراكَ اليومَ تَغْفِرُ لي
أسفارَ عُمري بها أدنو وأبتعدُ
وسابحُ العمرِ لا يدري بشاطئِه
وليس يعلمُ ما يأتي عليه غَدُ
الله يُسْكِنُكَ الفِرْدَوسَ مُبتهجًا
مع الحبيبِ ويغشى رُوحَكَ المَدَدُ
أمطرْ عليه من الرّضوانِ أكملَه
ومنك تمدُّ يا ربّي إليه يدُ
أَبلِغْهُ عنّي سلامًا كلَّما طَلَعَتْ
شمسٌ، وحينَ يدورُ الوقتُ والأبدُ