أمد/
صباح جميل دافئ يتسلل من خلال زوايا وتموّجات زجاج النافذة المطلّة على شارع الشجر،
يبدو أنّ العصافير ما زالت سابتة نائمة، لا حسّ ولا سمع لزقزقاتها الصباحية المفعمة بالنغمات،
ولا حتى لبرجمة الحمامة المايسترو قائد الفرقة العصافيرية الصباحية،
لا مجال لترديد اغنية: “حمامة بيضا رفّت رفّت فوق راسي..”، لان الحمامة ما زالت نائمة على فننها ربما تحلم بمستقبل اجمل وانصع بياضا، وبتكريس رمزها “حمامة السلام”،
لكن اين السلام في ارض السلام؟؟!!،
لا سلام إلا اغنية المغني المصري حكيم: “اسّلام عليكم”،
لكن لا يوجد حكماء غيره في الافق إلا “حُكماء بني صهيون”!!
فحدّث ولا حرج وما يحزنون،
عن الوردة التي انفجرت أو تفجّرت، بفعل فاعلٍ، في عز شبابها وتورّدها،
عن الطفلة التي اخرجتها الاكف العارية من تحت ركام بيتها المدمّر، وضفيرتها مغبّرة ملوّنة باللون الاحمر القاني،
عن الارض التي زرعوها عُنوة بالبارود والكبريت والموت والخراب، بدل الفراولة والورود،
عن الام التي تتنقّل من خيمة إلى اخرى بحثا عن وليدها ذو الخمس سنوات، ضاعت علومه واخباره بين غارة جوية وقصف مدفعي ورصاص القنص من فوق سطوح البنايات العالية المهشّمة جوانبها ونوافذها،
الصباح يتسلل من خلال النافذة وجنود بني صهيون يتسللون إلى حارات وازقّة مخيمات جنين وطولكرم وطوباس، ليزرعوا الموت والقهر والدمار ويحرثون الشوارع بجرّافاتهم ويُقطّعون اوصال شبكات الكهرباء والماء والإنترنت،
ويدعون السكان المدنيين قسرا، الذين كانوا قد شُرّدوا منذ العام 48 إلى المغادرة إلى لجوء جديد لا عنوان له ولا جرد نخيل يُظلله!!،
رغم الجراح فإن حنّون جبال فلسطين يُزهر وتتفتّق براعمه صمودا وشموخا ومنجنيقات،
جبال فلسطين الشامخة تُناجي جبال الاوراس وجبال صعدة وجبال الارزوجبال الانديز في كولومبيا وبوليفيا والاكوادور والتشيلي والبرازيل،
ومن كولومبيا الدولة إلى كولومبيا الجامعة ألف تحية مع كل صباح دافئ مشرق في فلسطين وفي دول العالم الجديد، العالم القريب الحميم العتيد.