أمد/
السُّليمانيَّة الخامسة
1
ومَرْأَةٍ،
لَها شِفَاهٌ نَاطِفَاتٌ بِالعَسَلْ
حَدِيْثُها مِن عِطْرِها،
وعِطْرُها أُسْطُوْرَةٌ حَدِيْثَةٌ مُنْذُ الأَزَلْ
لكِنَّها كالسَّيْفِ ذِي الحَدَّيْنِ،
يَمْضِي بَيْنَ قُبْلَتَيْكُما بِلَا خَجَلْ
ورِجْلُها تَخُوْضُ في دِمَاءِ قَلْبِكَ الذَّبِيْحِ،
يا لَرِجْلٍ مِن قُبَلْ!
2
اشْرَبْ عُلَاكَ،
بَيْرَقًا مِنَ الشُّمُوْخِ،
هكَذا هَامُ الجِبَالِ،
مُذْ أَبـَتْ على الدُّنَى ولم تَزَلْ!
يَنْبُوعُكَ السَّماءُ
لا جُبُّ المِيَاهِ/
ظَبْيَةٌ بِزَمْزَمَ ارْتَوَتْ،
وأَرْوَى في شَمَارِيْخِ الزَّمَانِ والقُلَلْ
لا صَدْرَ تُغْوِي حَلْمَتَاهُ
طِفْلَ ثَغْرِكَ العَتِيْقِ في المَسَاءِ،
لا قَوَامَ نَخْلَةٍ-
تَعَثْكَلَ البَرْحِيُّ مِن شُمُوْسِها-
تُرْضِي هَوَاكَ، يا فَتَى،
ولا الكَفَلْ!
السُّليمانيَّة السادسة
انْجُ كَظَبْيٍ مِن فَمٍ فَرَّاسَةٍ،
أو مِثْل عُصْفُوْرٍ نَجَا مِن عَصْرِ أَمْعَاءِ القَدَرْ!
اذْهَبْ إلى مَدَارِسِ النَّمْلِ الحَكِيْمِ،
ادْرُسْ بِها مَنَاهِجًا في عِلْمِ تَدْبِيْرِ الحَيَاةِ،
عِلْمِ صَبْرٍ صَابِرٍ،
ولَاتَ حِيْنَ مُصْطَبَرْ!
إلى مَتَى؟!..
إلى مَتَى تَنَامُ، يا كَسْلانُ، هكَذا؟!
وحَوْلَكَ الضَّجِيْجُ،
مِلْءَ مَسْمَعِ الأَصَمَّيْنِ،
الحَدِيْدِ والحَجَرْ؟!
بِمَرْأَةٍ، لَيْسَتْ بِأُنْثَى حُرَّةٍ،
يُسْتَعْبَدُ المَرْءُ الكَرِيْمُ،
يَجْتَدِي رَغِيْفَ عِزٍّ يَابِسٍ!
أَ يَحْضُنُ الإِنسَانُ نَارًا بَيْنَ جَنْبَيْهِ،
فلا يَصْلَى بِمَسٍّ مِن سَقَرْ؟!
أَمْ هَلْ تُرَاهُ:
إِنْ مَشَى عَلى الجَحِيْمِ،
فَوْقَ قَرْنِهِ تَـمَشَّى (مالِكٌ)،
رِجْلَاهُ تَرْجُو بَارِدًا،
بِهِ تُسَرُّ،
أو تُغَرْ؟!
السُّليمانيَّة السابعة
حَدَّقْتُ في أَحْدَاقِ لَيْلِـي مَرَّةً،
إذا غُلامٌ صَاعِدٌ في شَارِعِ الظَّلامِ صَوْبَ فَجْرِهِ،
بِلا حِذَاءٍ أو حَذَرْ
كالثَّوْرِ يَعْدُو نَحْوَ مَنْحَرِ الحَجِيْجِ في (مِنًى)،
حَتَّى إِذا أَتَاهُ،
خَارَ، لَاعِنًا تَارِيخَهُ،
وأُمَّةً خَانَتْهُ في (بَحْرِ البَـقَرْ)!
أو مِثْل طَيْرٍ هَاوِيًا لِفَخِّهِ،
تَتْلُوهُ في أَهْوَائِهِ طَيْرٌ أُخَرْ
فقَبَّلَتْهُ غَادَةٌ في آخِرِ الضِّيَاءِ
قُبْلَةَ الوَدَاعِ،
ثُمَّ وَارَتِ السَّماءَ مِنْ وَرَائها عَلَيْهِ
في غَيَابَةِ النَّهَرْ
وعَطَّرَتْ سَرِيْرَها بِعُوْدِها ومُرِّهِ،
بِما فُنُوْنُها هَمَتْ،
ومَلْثِ ما رَوَتْ مِنَ الرُّؤَى…
أَغْوَتْهُ،
طَوَّحَتْ بنَجْمِهِ ضُحًى،
فهَلْ تُرَى مِنْ نَاهِدَيْها لِلغَزَالِ مِنْ مَفَرْ؟!
ذَبَائِحُ السَّلامَةِ
ارْتَوَتْ مِنَ النِّصَالِ كُلُّها،
حَتَّى ثُمالَةِ المِيَاهِ في صَفَا العُمُرْ
وهكَذا أَدْرَكْتُ، آخِرَ السُّؤَالِ:
أَيْنَ يَذْهَبُ الذَّبِيْحُ مِنْ أَحْفَادِ (قَيْسٍ)،
كُلَّما انْبَرَتْ لَـهُ سِكِّينَـةٌ لَيْلِيَّـةٌ صَقِيْلَةٌ
مِنَ الحِوَارِ والحَوَرْ؟!
السُّليمانيَّة الثامنة
الحِكْمَةُ الَّتي بَنَتْ قَصْرًا لَنا،
الحِكْمَةُ الَّتي سَمَتْ مَنْحُوْتَةً
على شِفَاهِ المُرْسَلَاتِ والرُّسُلْ
الحِكْمَةُ الَّتي أَتَتْ بِعِيْدِنَا،
وراحِنَا،
يَفُجُّ فِيْنَا صُبْحُها،
شَعْشَاعَةً وصَافِيَةْ
ورَتَّبَتْ مَوَائِدَ الأَعْرَاسِ في أَعْصَابِنَا،
مِنْ كُلِّ بَحْرٍ للرُّؤَى،
مِنْ بَرِّ كُلِّ قَافِيَةْ
ها أَرْسَلَتْ بِهَامِها،
أَعْلَى شُمُوْخِ شِعْرِها،
أَعْلى قُصُوْرِهِ الأُوَلْ
نَادَاكَ مِنْ أُمِّ الذُّرَى نَئِيْمُها:
المَوْتُ والحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ،
أَيُّها الإِنْسَانُ،
لا تَقْطَعْ يَدَكْ!
وَبِّخْ حَكِيمًا؛
كَيْ يُحِبَّ في الرَّبِيْعِ ثَوْرَتَكْ!
حَارِبْ أَصِيْلًا؛
كَيْ يُخِبَّ في الصَّهِيْلِ مُهْرَتَكْ!
يا أَيُّها الإِنْسَانُ،
لا تَحْزَنْ ولا تُحْرِقْ دَمَكْ!
فلَوْ نَخَلْتَ جَاهِلًا،
بَيْنَ السَّمِيْدِ والحَسَكْ
لَظَلَّ صَامِدًا على آبائهِ،
مِنَ النِّفَاقِ والأَفَكْ!
خُبْزُ الكَذِبْ
لَذِيْذَةٌ حُرُوْفُهُ،
وبَعْدُ،
يَمْلَأُ الكِتَابَ بِالكُرَبْ!
كَمُضْجَعٍ في قَلْبِ بَحْرٍ،
أو كَمُضْجَعٍ بِرَأْسِ سَارِيَةْ
يَنْدَاحُ مَضْجَعُ الهَوَى،
في نَبْضِ شِعْرٍ عَاشِقٍ،
بِمُهْجَةٍ مِنَ الضِّيَاءِ عَارِيَةْ!
تُفَّاحَةٌ مِنَ الذَّهَبْ
في كَوْكَبٍ مِنْ فِضَّةٍ،
لا آدَمٌ لَها،
ولا حَوَّاءُ..
ما لَها نَسَبْ
قَصِيْدَةٌ لِفَيْلَسُوْفٍ مِنْ طَرَبْ!
إِنْ جَاعَ فَجْرًا مَنْ تَرَاهُ بَاتَ قَاتِلَكْ
أَطْعِمْهُ قُرْصًا مِنْ دِمَائكَ الَّتي لَيْلًا سَفَكْ
ولْتَسْقِهِ مَاءً،
إِذا ما الـمَاءُ جَفَّ في العُرُوْقِ،
والبُرُوْقِ،
أو هَلَكْ
تُغْرِيْ بِقَلْبِهِ الجَحِيْمَ،
تَبْتَنِـي قَلْبَ النَّعِيْمِ مَهْجَعَكْ!