أمد/
باريس: بعد مرور نحو شهرين على الانتخابات التشريعية الفرنسية، التي لم تسفر عن أي غالبية في البرلمان، أعلن قصر الإليزيه، اليوم الخميس، تعيين ميشيل بارنييه في منصب رئيس الوزراء، وتم تكليفه بتشكيل حكومة جديدة خلفًا لحكومة جابريال أتال المستقيلة.
وبعد لقائه زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأيام الأخيرة عدة شخصيات سياسية، بينها رئيسا البلاد السابقان، فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي، فضلًا عن الوزيرين السابقين، اليميني كزافيه برتران والاشتراكي برنار كازنوف، بحسب وكالة "فرانس برس".
وأشارت الوكالة إلى رفض ماكرون في وقت سابق، عقب الانتخابات، تشكيل حكومة من الجبهة الشعبية الجديدة، تحالف اليسار المتصدر في نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، أو تكليف مرشحته لرئاسة الحكومة، لوسي كاستيه.
وفور الإعلان عن اختياره، ساد جدل كبير في أروقة المؤسسات السياسية الفرنسية، حيث وصفت السياسية بحزب "فرنسا الأبية"، ماتيلد بانوت، الرئيس ماكرون بأنه "لا يزال يشعر بأنه مستبد" بعد 52 يومًا من هزيمة حكومته في صناديق الاقتراع.
وكتبت "بانوت" على موقع التواصل الاجتماع "إكس": "بتعيين ميشيل بارنييه، يرفض الرئيس احترام السيادة الشعبية والاختيار الناتج عن صناديق الاقتراع. ضد هذا الانقلاب غير المقبول في دولة ديمقراطية، اخرجوا إلى الشوارع في 7 سبتمبر واستمروا في التوقيع على العريضة".
واعتبر رئيس حزب فرنسا الأبية من أقصى اليسار جاك لوك ميلنشون أن تعيين بارنييه لرئاسة الوزراء يشكل "سرقة لنتيجة الانتخابات" وقد يكون اختياره تم "باقتراح من التجمع الوطني".
في المقابل، أكد حزب "النهضة" الرئاسي أنه "لم يمنح صكًا على بياض" لحكومة بارنييه، لكن دون "طرح لائحة سحب ثقة آلية منه".
وقالت رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المطرف مارين لوبان إن حزبها سينتظر كلمة رئيس الوزراء المعين قبل النظر في إمكانية طرح لائحة سحب ثقة في البرلمان.
الأكبر عمرًا
يعّد بارنييه (73 عامًا) أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث، وقد كُلف بتشكيل "حكومة جامعة في خدمة البلاد"، حسب ما أعلنته الرئاسة الفرنسية.
هو سياسي فرنسي عمل كرئيس لفريق عمل العلاقات مع المملكة المتحدة في المفوضية الأوروبية، وكان -بحكم منصبه- أحد مهندسي اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
قبل أن يصبح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي مع الإنجليز، كان بارنييه، خلال العقود الثلاثة الماضية، عضوًا في مجلس النواب، وعضوًا في مجلس الشيوخ، ووزيرًا في العديد من الحكومات اليمينية في فرنسا. كما شغل مرتين منصب المفوض الأوروبي لشؤون السياسات الإقليمية، ثم السوق الداخلية.
وشغل بارنييه العديد من المناصب الوزارية الفرنسية بما في ذلك وزير الخارجية من 2004 إلى 2005، ووزير الدولة للشؤون الأوروبية من 1995 إلى 1997، ووزير البيئة من 1993 إلى 1995، كما شغل على المستوى الأوروبي منصب المفوض الأوروبي للسياسة الإقليمية من 1999 إلى 2004، والمفوض الأوروبي للسوق والخدمات الداخلية من 2010 إلى 2014، وشغل منصب نائب رئيس حزب الشعب الأوروبي من عام 2010 إلى عام 2015.
وبين عامي 2007 إلى 2009، شغل بارنييه منصب وزير الزراعة والثروة السمكية وفي أكتوبر 2016، عينته المفوضية الأوروبية كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف (بريكست) بموجب المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي.
عندما أعلن بارنييه الترشح في الانتخابات الرئاسية السابقة في بلاده عام 2021، نقل موقع "بوليتيكو" الأمريكي عن أحد مساعديه إنه "يعتقد أن تجربته في الحكومات الفرنسية السابقة تعتبر بمثابة محفز له يجعله يتقدم على منافسيه"، مضيفًا أنه يعرف السياسة المحلية في منطقته الأصلية في "سافوا"، كما يعرف خبايا السياسة الوطنية.
وفي مقابلة سابقة مع صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، إبان ترشحه، رأى بارنييه أنه ينبغي أن يكون هناك "وقف مؤقّت" للهجرة، ريثما يتم "إصلاح جميع الإجراءات" المتعلّقة بهذا المسألة، والتوصّل إلى اتفاق مع البلدان التي تمثل مصدر الهجرة.
كما دعا بارنييه إلى تعزيز مكافحة التيارات المتطرفة في كلّ مكان، وزيادة الإنفاق على الدفاع والبحث العلمي إلى ما نسبته 3% من الناتج المحلّي الإجمالي للبلاد.