أمد/
تل أبيب: قال الجيش الإسرائيلي إنه أجرى تدريباً يحاكي مناورة برية في لبنان، الخميس، وسط تساؤلات عما إذا كان حزب الله قادراً على احتمال هذا الضغط وقدرته على الرد. حسب رويترز.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أن اللواء 7 قد أنهى تدريباً يحاكي مناورة في لبنان بقيادة المركز الوطني للتدريب البري. وجرت المناورات على بعد عدة كيلومترات من الحدود اللبنانية، وشهدت تدريب القوات الإسرائيلية على المناورة والقتال في تضاريس معقدة ومناطق جبلية.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن المتحدث قوله إن القوات الإسرائيلية، خلال التدريب، زادت من قدراتها العملياتية واللوجستية لمختلف السيناريوهات القتالية في "أراضي العدو الشمالي".
وذكر الجيش الإسرائيلي أنه هاجم العشرات من الأهداف التابعة لحزب الله في لبنان، الخميس، وقال إنها بنايات عسكرية ومستودعات أسلحة، وأضاف أن نحو 45 مقذوفاً انطلقت من لبنان صوب منطقة الجليل الغربي تم اعتراض بعضها وسقط البعض الآخر في مناطق مفتوحة.
وقال قائد القيادة الشمالية بالجيش الإسرائيلي أوري غوردين إن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من حملتها في جنوب لبنان، ويجب أن تكون مستعدة لـ "المناورة والتحرك"، دون الإشارة إلى توغل بري محتمل.
وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء، أن غوردين قال خلال زيارة أجراها لقوات على الحدود الشمالية لإسرائيل: "دخلنا مرحلة جديدة من الحملة، بدأت العملية بضربة كبيرة لقدرات حزب الله بالتركيز على قدراته لإطلاق النار، وضربة كبيرة للغاية لقادة المنظمة وعناصرها. وفي ضوء هذا، نحتاج إلى تغيير الوضع الأمني، ويجب أن نكون على أهبة الاستعداد تماماً للمناورات والتحرك".
قدرات حزب الله
وقالت مصادر مطلعة على عمليات "حزب الله" إن تسلسل القيادة المرن إلى جانب شبكة الأنفاق الواسعة والترسانة الضخمة من الصواريخ والأسلحة التي عززتها على مدار العام الماضي، أتاح للجماعة الصمود في وجه الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة.
وسقط المئات حتى الآن في الهجمات الإسرائيلية على لبنان منذ يوم الاثنين، خاصة مجموعة من أبرز قادة حزب الله، لا سيما القائد العسكري إبراهيم عقيل الذي لقي حتفه في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى بالضاحية الجنوبية في بيروت.
وقال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي يوم الأحد، إن "اغتيال عقيل أحدث هزة في صفوف التنظيم"، في حين تقول إسرائيل إن ضرباتها دمرت أيضاً آلاف الصواريخ والقذائف التي تملكها الجماعة.
لكن اثنين من المصادر المطلعة على عمليات الحزب قالا إن الجماعة تحركت سريعاً لتعيين من يخلف عقيل وغيره من كبار الشخصيات الذين سقطوا في الضربات الجوية على بيروت.
وأثرت الهجمات الإسرائيلية على مدار الأيام الماضية، بما في ذلك استهداف قيادات كبيرة وتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية، على توازن الجماعة المسلحة والحزب السياسي.
استدعاء مقاتلين ونقل صواريخ
بدوره، قال قيادي في "حزب الله" إن الهجوم على أجهزة الاتصال اللاسلكية "جعل 1500 من المقاتلين غير لائقين للقتال بسبب إصاباتهم، إذ أُصيب كثير منهم بفقدان النظر أو بُترت أيديهم".
ورغم أن هذا يمثل ضربة قوية، فإنه لا يمثل سوى جزء ضئيل من قوة الحزب، التي قدر تقرير للكونجرس الأميركي، الجمعة، عدد مقاتليه بما يتراوح بين 40 و50 ألف مقاتل.
وأكدت المصادر على أنه منذ أكتوبر، عندما أطلق الحزب القذائف على إسرائيل لدعم حركة "حماس" في غزة، أعاد نشر مقاتليه بمناطق المواجهة في الجنوب، بما في ذلك عن طريق استدعاء بعضهم من سوريا.
وأضافت المصادر أن الجماعة عملت أيضاً على نقل الصواريخ إلى لبنان بوتيرة سريعة، تحسباً لصراع طويل الأمد، ولفتت في الوقت نفسه إلى أن الجماعة "تسعى لتجنب حرب شاملة".
وكان أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله قال في خطاب ألقاه، في الأول من أغسطس، إن الجماعة تعين سريعاً خليفة كلما سقط أحد قادتها.
وتعد إيران الداعم والمورد الرئيسي للأسلحة للحزب، في حين تعتبر الجماعة الفصيل الأقوى فيما يسمى بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران، ويضم قوات غير نظامية متحالفة معها في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
الهيكل التنظيمي لحزب الله
وقال أندرياس كريج، المحاضر الكبير في كلية الدراسات الأمنية في "كينجز كوليدج لندن"، إنه رغم ارتباك عمليات "حزب الله" بسبب هجمات الأيام الماضية، فإن الهيكل التنظيمي المتماسك للجماعة يجعلها قادرة على الصمود لأقصى درجة.
وأضاف: "هذا هو العدو الأكثر قوة الذي واجهته إسرائيل على الإطلاق في ساحة المعركة، ليس بسبب الأعداد والتقنيات، لكن بسبب القدرة على الصمود".
وتصاعدت حدة القتال هذا الأسبوع، إذ اغتالت ضربة إسرائيلية قيادياً آخر من الحزب وهو إبراهيم قبيسي، وسعت الجماعة رغم ذلك إلى إظهار قدرتها على مواصلة العمليات، فأطلقت مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل في هجمات على أهداف أبعد من أي وقت مضى.
وقال "حزب الله" يوم الأربعاء، إنه استهدف قاعدة استخبارات إسرائيلية بالقرب من تل أبيب، على بعد أكثر من 100 كيلومتر من الحدود، فيما دوت صفارات الإنذار في تل أبيب، عندما اعترضت أنظمة الدفاع الجوي صاروخ سطح-سطح واحداً.
ولم تذكر الجماعة بعد، ما إذا كانت أطلقت أياً من صواريخها الأقوى الموجهة بدقة، مثل صاروخ "فاتح-110" الباليستي إيراني الصنع الذي يتراوح مداه بين 250 و300 كيلومتر.
ووفقاً لورقة بحثية نشرها "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن عام 2018، فإن "الصاروخ فاتح-110 الذي يمتلكه حزب الله مزود برأس حربية تزن 450 إلى 500 كيلوجرام".
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني كبير، إن هجمات الحزب الصاروخية ممكنة، لأن تسلسل القيادة واصل العمل على الرغم من بعض الارتباك الذي تعرضت له الجماعة لفترة وجيزة بعد تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) وكذلك أجهزة (ووكي توكي) التي يستخدمها أفراد الحزب.
ولفتت المصادر إلى أن قدرة "حزب الله" على التواصل مدعومة بشبكة هاتفية ثابتة خاصة بالجماعة التي تصفها بأنها بالغة الأهمية لاتصالاتها، وقالت إنها مستمرة في العمل، فضلاً على أجهزة أخرى.
وأشار المسؤول الأمني الكبير إلى أنه إذا انفصلت سلسلة القيادة، فإن هناك مقاتلين في الخطوط الأمامية مدربون على العمل في مجموعات صغيرة مستقلة تتألف من قرى قليلة العدد بالقرب من الحدود وقادرة على محاربة القوات الإسرائيلية لفترات طويلة.
ترسانة وأنفاق
ويُعتقد أن لـ"حزب الله" ترسانة تحت الأرض، ونشر الشهر الماضي صوراً بدا أنها تُظهر مقاتلين يقودون شاحنات محملة بمنصات إطلاق عبر أنفاق.
وقال وزير الجيش الإسرائيلي يوآف جالانت إن "وابلاً من الصواريخ دمر، الاثنين، عشرات الآلاف من صواريخ وذخيرة حزب الله"، لافتاً إلى أنه ما تم ضربه شمل صواريخ كروز بعيدة المدى وصواريخ برؤوس حربية قادرة على حمل متفجرات تصل إلى مئة كيلوجرام وصواريخ قصيرة المدى وطائرات مسيرة ملغومة.
وقال بوعز شابيرا، الباحث في مركز "ألما"، وهو جهة بحثية إسرائيلية مختصة بشؤون "حزب الله"، إن إسرائيل "لم تستهدف بعد مواقع استراتيجية مثل مواقع الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة".
وتابع: "لا أعتقد أننا اقتربنا بأي حال من الأحوال من نهاية ذلك"، وبحسب تقرير الكونجرس، يعتقد أن ترسانة حزب الله تضم نحو 150 ألف صاروخ.
وقضى "حزب الله" أعواماً، في حفر شبكة أنفاق تشير تقديرات إسرائيلية إلى أنها تمتد مئات الكيلومترات، وهو ما قال الجيش الإسرائيلي إن ضرباته استهدفت مواقع إطلاق صواريخ مخبأة تحت منازل في جنوب لبنان.
لكن "حزب الله" أفاد بأنه لا يضع بنية تحتية عسكرية قرب المدنيين، فيما لم تصدر الجماعة بياناً بشأن نطاق تأثير الضربات الإسرائيلية منذ الاثنين.
وكان نصر الله قال إن ترسانة الأسلحة والأنفاق التي تمتلكها الجماعة توسعت منذ حرب عام 2006، خاصة أنظمة التوجيه الدقيق، في حين أوضح مسؤولو الحزب أن الجماعة استخدمت جزءاً صغيراً من الترسانة في القتال خلال العام الماضي.
وذكر تقرير صدر في العام 2021 عن "مركز ألما" الإسرائيلي أن إيران وكوريا الشمالية ساعدتا في بناء شبكة الأنفاق في أعقاب حرب عام 2006.
ويرى مسؤولون إسرائيليون أن البنية التحتية العسكرية للحزب متغلغلة بشكل وثيق في القرى والتجمعات السكنية في جنوب لبنان، حيث يتم تخزين الذخيرة ومنصات إطلاق الصواريخ في المنازل في مختلف أنحاء المنطقة.