أمد/
فيينا: بعد خمس سنوات من هزيمته، حقق اليمين المتطرف فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في النمسا، ولكن من دون ضمان القدرة على الحكم.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في النمسا يوم الأحد، فوز حزب "الحرية" اليميني المتطرف، للمرة الأولى بالانتخابات العامة، ما يبرز تزايد تأييد الأحزاب اليمينية في أوروبا الذي أججته مخاوف من ارتفاع مستويات المهاجرين، والتضخم، وحرب أوكرانيا.
واحتل حزب الحرية بزعامة هربرت كيكل المعارض، للعقوبات ضد روسيا المركز الأول في الانتخابات البرلمانية في النمسا بنسبة 28.8% من الأصوات، وفقا لقناة ORF التلفزيونية.
ويحتل حزب الشعب النمساوي الحاكم حاليا المركز الثاني بنسبة 26.3%، بينما يحتل الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي المركز الثالث لأول مرة في تاريخه بنسبة 21.1%، ويحتل حزب النمسا الجديدة – المنتدى الليبرالي المركز الرابع بنسبة 9.2% من الأصوات، كما يحتل حزب الخضر، الذي يشكل جزءا من الحكومة الائتلافية الحالية، المركز الخامس بنسبة 8.3% من الأصوات.
ويملك نواب حزب الحرية النمساوي فرصة الفوز بـ 56 مقعدا في البرلمان المكون من 183 مقعدا، في حين سيحصل حزب الشعب النمساوي على 52 مقعدا، وهو ما يقل بنحو 19 مقعدا عن الانتخابات السابقة.
وسيحصل الديمقراطيون الاجتماعيون على 41 مقعدا، والنمسا الجديدة – المنتدى الليبرالي والخضر على 18 و16 مقعدا على التوالي.
وقال كيكل عبر قناة “أو آر إف” العامة إن رسالة الناخبين “واضحة للغاية”، مضيفا “إننا نتواصل مع جميع الأحزاب”، معربا عن أسفه لأن ناخبيه عوملوا على أنهم “مواطنون من الدرجة الثانية”.
في المقابل، أعرب المستشار كارل نيهامر، زعيم الحزب الشعبي المحافظ الحاكم، عن “خيبة أمل” إثر الهزيمة (26,3%). وقال أمام أنصاره آسفا “لم نتمكن من اللحاق” باليمين المتطرف.
– “زلزال” –
في مقر حزب الحرية، بدت الأجواء أكثر بهجة وسط احتفالات الأنصار.
وقال إريك بيرغلوند، وهو نادل يبلغ 35 عاما، إنه “مسرور” بالنتيجة التي فاقت كل توقعاته.
وأضاف “إنه نجاح كبير لأن لدينا أفضل زعيم للحزب”، متوقعا مفاوضات “مشوقة” وطويلة، وتوقع أنه “لن تكون لدينا حكومة قبل عيد الميلاد”.
وعلق المحلل السياسي توماس هوفر قائلا “إنه بلا شك زلزال، وموجة صدمة للطبقة السياسية بأكملها” لأن اليمين المتطرف شارك سابقا في الحكم في الدولة الواقعة في جبال الألب، لكنها المرة الأولى التي يتصدر فيها نتائج الانتخابات.
وكان حزب الحرية تعرض لنكسة في العام 2019 بسبب فضيحة “إيبيزاغيت” المدوية لكنه استعاد عافيته بدفع من هربرت كيكل الذي استغل موجة الخوف الاجتماعي والاقتصادي التي تعم القارة الأوروبية.
وكيكل المقرب من بعض الجماعات التي تتعرض لانتقادات كبيرة يدافع عن مشروع نزع الجنسية عن النمسويين من أصول أجنبية. وهو يريد أن يطلق عليه لقب “فولكسكانسلر” (مستشار الشعب) على غرار أدولف هتلر.
وتمكن وزير الداخلية السابق البالغ 55 عاما من استقطاب المناهضين للقاحات مع تصريحات ضد إجراءات مكافحة جائحة كوفيد، فضلا عن أفقر الفقراء الذين تضربهم أزمة التضخم ومؤيدي الحياد النمسوي من خلال التنديد بالعقوبات المفروضة على روسيا.
– من الأخضر إلى الأحمر؟ –
رغم تراجعه بأكثر من عشر نقاط مقارنة بعام 2019، فإن الحزب الشعبي النمسوي الذي يتولى السلطة منذ عام 1987 “لديه فرصة جيدة للاحتفاظ بالمستشارية”، بحسب تقديرات المحللة جوليا بارثيمولر.
ولكن مع أي شركاء؟ لا إجابة أكيدة على هذا السؤال.
ويؤكد نيهامر أنه لا يريد التحالف مع كيكل لكنه لا يستبعد ائتلافا مع اليمين المتطرف كما حصل في العامين 2000 و2017.
ومن بين 6,3 ملايين ناخب، يعتمد كثيرون على هذا السيناريو، مثل المستشار الصحي بيرند لونغلماير البالغ 48 عاما الذي قال إن “أي نتيجة أخرى ستفاجئني كثيرا”.
وأضاف شارحا “في النمسا الذاكرة السياسية قصيرة” و”الاتجاه هو نحو الأحزاب الشعبوية في العالم الغربي في هذه الفترة التي تشهد أزمة”.
لكن المحافظين لن يقبلوا على الأرجح أن يكونوا الشريك الثانوي في الائتلاف، وقد يفضلون الاتفاق مع الحزب الاجتماعي-الديموقراطي (21%) أو الليبراليين في حزب نيوس (9%).
وللمحافظين الكثير من نقاط الخلاف مع الخضر المتراجعين في صناديق الاقتراع (8,6%)، ويبدو أن الطلاق بينهم قد وقع.
أما تشكيل ائتلاف ثلاثي، فسيكون سابقة في تاريخ النمسا.
وخسرت الحكومة المنتهية ولايتها، وهي ائتلاف بين حزب نيهامر و"الخضر" المدافعين عن البيئة، أغلبيتها في مجلس النواب.
واستفاد اليمين المتطرف من حالة الإحباط التي يعيشها الناخبون بسبب ارتفاع التضخم، والحرب في أوكرانيا، وجائحة فيروس كورونا-19، بالإضافة إلى استغلال المخاوف بشأن الهجرة.
ويدعو حزب الحرية أيضاً إلى إنهاء العقوبات المفروضة على روسيا، كما ينتقد بشدة المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا، ويريد الانسحاب من مبادرة الدرع الجوي الأوروبية، وهو مشروع دفاعي صاروخي أطلقته ألمانيا.
ويُعتبر أكثر من 6.3 مليون شخص تبلغ أعمارهم 16 عاماً أو أكثر مؤهلين للتصويت في انتخابات البرلمان الجديد في النمسا.