أمد/
كتب حسن عصفور/ ستحتفظ “الذاكرة الفلسطينية”، وغيرها، المشهد “الاحتفالي البهي” الذي عاشته أجواء فلسطين التاريخية، بمرور عشرات من صواريخ بلاد فارس، التي قالت إنها ردا اعتباريا “على جرائم ارتكبتها حكومة الفاشيين، وخاصة اغتيال حسن نصر الله بما كان له من “ثقل خاص” في المنظومة الفارسية، ورد على المس بـ “شرفها الأمني” باغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في مقر للحرس الثوري بطهران.
لعل أهم ما كان في “المشهد الصاروخي الفارسي”، تلك الصيحات الاحتفالية خلال مرورها في سماء دول عدة، دون أن تجد أي عقبة في طريقها من طهران إلى تل أبيب والقدس والضفة الغربية، حتى نهايتها خلال دقائق، مع رسالة واضحة قاطعة من حكام الفرس، بأنها تكتفي بتلك “الزخة السينمائية”، بأمل ألا يكون ردا من دولة الكيان، يكون “غبيا” بتركه آثارا محرجة.
بين مفارقة مصادفة أو مفارقة توافقت مع يوم “صواريخ الفرس السينمائية”، سرق فدائيين من مدينة الخليل “بارودة” أحد افراد شرطة الوزير الإرهابي بن غفير، وبهدوء غريب، أقدما على تنفيذ عملية فدائية خاصة، دون ضجيج تركت من بين ما تركت قتل 7 من المتواجدين بمحطة القطار في مدينة يافا، مع عشرات مصابين سيبقى أثر جرحها النفسي أعمق من جرح الجسد، كعلامة مميزة بأن الفلسطيني الفدائي لم ينته زمنه..ولن.
من مسار عملية “صواريخ الفرس” ما قبل الخروج من طهران وحتى نقطتها الأخيرة، كان “التنسيق كاملا” بين جهازي الأمن في بلاد فارس والولايات المتحدة، وبالتعبية الموساد الإسرائيلي، تنسيق لم يكن سريا بل واضحا مكشوفا علنيا، فما قبل الانطلاق، حددت واشنطن ساعة الخروج ونوعية المقذوف الصاروخي، وبعد الانتهاء، سارعت طهران في بيان لغته لا تحتمل التأويل، بأن ردها انتهى وتترجى أن يغلق ملف الرد على الرد، بدون الخروج عن “النص الاتفاقي” منعا لأحراج مضاف.
من حق الفرس بلدا وحكما وأجهزة أمنية، العمل بما هو مصلحتهم المطلقة، أي كان الأدوات المستخدمة أو الأساليب الخادمة لها، فهي ليس بلدا هاويا ولن تقبل أن تكون لاعبا “احتياطيا” في مسرح الترتيبات الجارية بسرعة تفوق كثيرا سرعة الصاروخ “فتاح”، ولذا هي، وليس غيرها، من يقرر الشكل والزمن والطريقة في خدمة أهدافها الاستراتيجية ومصالحها القومية، ومن وقف معها كان له مقابل بما يستحق وزنه وقيمته التأثيرية، فلا عتب ولا عتاب على ما كان ما دام الثمن مسبقا تم دفعه.
ولا عجب أبدا، أن يخرج كل أتباع محور الفرس ليبرزوا قيمة “الصاروخ الفارسي” كسلاح “ردع نفسي”، أصاب أكثر من مليون برعب فريد من سكان الكيان، حتى وإن لم يقتل سوى فلسطيني في أريحا، فلا خيار أمامهم سوى “الاحتفالية” أمام حلقات متتالية من “الإهانة” التي أصابت “عقيدتهم المحورجية”، بل وربما في مقتل، يوم أن تظهر ملامح “صفقة القرن الجديدة”.
لعل الدرس الأول الذي يجب أن يحضر بعد انتهاء ” ليلة الزفة الصاروخية” الفاتح من أكتوبر 2024، انكشاف رحلة “الزيف التي سادت” انتظارا لفعل تأثيري بعد عام من 7 أكتوبر 2023 من محور الفرس بكل مكوناته، وكل ما كان فعلا كان بحساب سياسي كجزء من ترتيبات صفقة لم تعد بعيدة الانكشاف.
الدرس الثاني، من ليلة الفاتح من أكتوبر 2024، هي أن بارودة الفدائي والحجر أو كلمة انتماء حق هي أصل الرافعة الوطنية، كي لا تعود فلسطين إلى ما كانت قبل رصاصة الفدائي يوم الفاتح من يناير 1965.
الدرس الثالث، أن الرسميات العربية فقدت يوم الفاتح من أكتوبر 2024 ملامح الحضور، وقفت متفرجة على مشهد تحضيري لما سيكون من “صفقة قرن مستحدثة”، سيكون ثمنها الأساس دولها قبل أهل فلسطين، دون أن تستفيق مبكرا.
الدرس الرابع، هو أن لبنان لن يكون لبنان ما قبل ليلة الفاتح من أكتوبر، وسيكون “جديدا” بتوافق “جديد”، وتحت مراقبة أمنية إسرائيلية بمنظار الليطاني.
الدرس الخامس، أن الزمن السياسي سيكون أسرع كثيرا بعد ليلة الفاتح من أكتوبر، وقطاره لن ينتظر المترددين..ومحطة فلسطين هي نقطة العبور، إما وجودا كيانيا وطنيا أو مسحا لما كان حلما وطنيا، وقرار الفصل بيد “أولي الأمر السياسي بها”.
ملاحظة: الفلسطيني سامح خضر حسن العسلي (38 عاما) القادم من غزة..كان الانسان الوحيد اللي غادر الحياة بصاروخ فارسي ليلة “الزفة الكبرى”..سامح ربما لم تنصفه الحياة في حياته لكن التاريخ سيبقيه حتما في ذاكرته إلى مالا نهاية..لك السلام يا من كنت غريبا في بلدك..
تنويه خاص: من المرات النادرة تعلن موسكو أن الرئيس بوتين رفض استقبال مكالمة نتنياهو قبل ما تصل صواريخ الفرس لأنه فاهم النتن وغطاه..وقاله طيب يا “متذاكي” شوف “الصفع الأمني الناعم” على أصوله..مش بس ما في مكاملة لكن في كشف عن رفضها كمان..وهيك بصلك الرد البوتيني على ما فعلت والبادي انتن..
لقراءة المقالات تابعوا موقع الكاتب الخاص