أمد/
لندن: تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى ، وهي العملية التي لا تزال تمثل محورا مركزيا في النقاش العام بين الفلسطينيين وبعضهم البعض ، أو بين الفلسطينيين والعالم.
وقد بلورت النتائج التي أسفرت عنها هذه العملية تساؤلات عن جدواها وما تحقق من نتائج وما تم دفع المواطن الفلسطيني سواء في غزة أو بالعالم من ثمن.
وفي هذا الإطار ناقش مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن ومن خلال ورقة بحثية أصدرها بمناسبة حلول عام على عملية طوفان الأقصى تداعيات هذه العملية ، وبات من الواضح انقسام أبناء الشعب الفلسطيني بين رؤيتين، جزء مؤيد ومعظم هذا الجزء يتواجد في الضفة الغربية والخارج، وجزء معارض يتواجد بمعظمه في قطاع غزة باستثناء مؤيدي حركة حماس.
ويرى الفريق المعارض إن غزة قد أُبيدت والأعداد المهولة التي قتلتها إسرائيل كبيرة للغاية، وهي تماثل الملايين في دول متوسطة الكثافة السكانية، وفي نفس الوقت تدمرت كافة مقومات الحياة والبنية التحتية من شوارع وأبنية وطرق وشبكات المياه والكهرباء والمستشفيات والمدارس والجامعات، ما يجعل البقاء في غزة مسألة مستحيلة، أي جعلها غير صالحة للحياة، وهذه ليست مصادفة ولا ردة فعل فقط، بل فعل إستراتيجي بعيد.
في حين يرى الفريق المؤيد لها إن هذه العملية أحيت تماما النضال الوطني الفلسطيني وجعلت القضية الفلسطينية ماثلة وحاضرة أمام العالم من جديد.
وقد تطرقت الورقة إلى الخطاب الذي ألقاه رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل والذي اعتبر أن إسرائيل فشلت في القطاع على مر عام كامل.
ورأى مشعل أن مكاسب هجوم السابع من أكتوبر ستمتد على المنطقة بأكملها، معتبرا أنه أعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة على الرغم من التضحيات الهائلة. وأضاف أن "طوفان الأقصى" أعاد الحياة لغزة وللقضية الفلسطينية.
ورصدت الورقة بعض من الآراء التي عارضت هذا الخطاب من مشعل ، مثل الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني ، والذي رأى أن خطاب مشعل مجرد شعارات فارغة. وأضاف أنه كان بالحري على حماس الدعوة للوحدة، وليس التحدث عن أوهام وانتصارات غير واقعية.
وفي هذا الإطار استعرضت الورقة أيضا آراء عدد من الكتاب العرب والفلسطينيين بهذه المناسبة ، ومن هذه الآراء بات واضحا أن بعض من المحللين نعتوا عملية الطوفان بالمغامرة الفاشلة ، وهو نعت ووصف دقيق غير أن من استخدمه وضعا مبررا له و موضحين أن حركة حماس هيّأت لإسرائيل المسوغات الأمنية والعسكرية للقيام بمجزرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة دون احتساب العواقب ، حيث كانت الضربة الأولى موفقة ، ولكن لم يتم الاستعداد أو الحساب لتداعياتها .
وانتقدت عدد من هذه الكتابات ، والحوار دوما للورقة البحثية، أيضا موقف حزب الله الذي حاول مساندة حركة حماس ، ولكن كانت النتائج سلبية للغاية بالنسبة للتفاعلات الداخلية داخل الحزب او خارجه .
ولاحظت الورقة أن عدد من الكتاب حذروا من استمرار حالة الانقسام الفلسطيني ، موضحين أن هذا الانقسام يؤدي إلى انفراد فصائل معينة بالقرار الوطني ، وهو ما يؤدي إلى هذه الحالة التي باتت عليها القضية الفلسطينية.
وفي التحليل النهائي لها رأت الورقة أنه لمن غير المعقول جدلًا أو منطقًا أن يظلّ مصير القضية الفلسطينية ومجريات الأحداث في لبنان ، باعتبارها الساحة الأكثر مساندة لغزة عربيا، رهنًا بيد تنظيمات حزبية، خاصة وان تحركات هذه التنظيمات عملت على توفير «أمثل» الظروف لإسرائيل من اجل تحقيق أجندتها المفخخة، بمساندة دولية عنوانها «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، وهو دفاع يتجاوز كل الخطوط الحمراء، وتتلاعب به إسرائيل كيفما أرادت، إلى غاية ضرب البنى التحتية المدنية، من مستشفيات، ومدارس، ومراكز إيواء، بحجة أنها مخابئ لقادة حماس وما عليها من عُزّل دروع بشرية لا مناص من إبادتهم، تحقيقًا لأمن إسرائيل، وهو عين ما سيحصل في لبنان مع استمرار الحرب .
ومن خلال أجواء استطلاعات الرأي التي قامت بها بعض من المراكز البحثية تشير الورقة إلى أن نتائج هذه الاستطلاعات ترى أن الكثير من أبناء شعب غزة فقد الثقة بسنوار ، بل ووصل الأمر إلى اتهامه بأنه قاد الشعب للهاوية من اجل غاية في نفس يعقوب عناصره تغتال من يتجرا ويعارض ويكتب حقيقة الموقف على الارض، فاغلب الشباب يريد الهجرة فلا مستقبلا في الافق وبدات مظاهر تراجع حماس عن طلباته فاليوم "يصرخ" لوقف النار ويحفظ ماء وجهه.
وبات الكثير من الفلسطينيين يعقدون مقارنة بين موقف السنوار في غزة وموقف الراحل ياسر عرفات في بيروت ، حيث أصر الأخير على الانسحاب من لبنان مع تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على بلاد الأرز ، وهو ما نقلته الكثير من الأصوات الفلسطينية الشابة عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي.
عموما تنتهي الورقة بالقول أن عملية طوفان الأقصى ستظل راسخة في إطار العمل الوطني الفلسطيني ، وسيتذكرها الشعب الفلسطيني ، ولكن أيضا ستظل محل جدال داخلي فلسطيني لن ينتهي قريبا وستتواصل فعاليات هذا الجدال لسنوات مقبلة.