أمد/
كتب حسن عصفور/ شهد يوم السبت 19 أكتوبر 2024، “احتلال” قضية تسريب وثائق أمريكية حول ما تقوم به حكومة الفاشية اليهودية، من استعدادات لضربة واسعة ضد بلاد الفرس، مختلف وسائل الإعلام وبلغات العالم المتعددة.
وسريعا أعلنت إدارة بايدن بأنها طالبت “أف بي آي” والبنتاغون” التحقيق في كيفية حدوث تسريب “الوثائق” المصنفة سري جدا، والجهة التي نفذته، بعدما أبدت “دهشتها” من الحدث الكبير، نظرا لما ورد بها من “تفاصيل دقيقة جدا”.
وفقا لوسائل إعلام أمريكية، من يحق له الاطلاع على الوثيقة هم أعضاء خلية “العيون الخمسة”، إلى جانب الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، أستراليا، كندا ونيوزيلندا، ما يضع هالة خاصة حول السرية التي تتمتع بها تلك الوثائق.
بتزامن غريب أو مصادفة غريبة، تم نشر تلك الوثائق السرية جدا، والحساسة جدا، في يوم إعلان محاولة قصف مقر نتنياهو في قيساريا، ليخرج بعدها أن يبدو في صورة “البطل”، رغم أن وسائل إعلام عبرية أشارت أنه لم يكن في المكان اصلا، وخرج منه وزوجته ساعات قبل الهجوم “المسير”.
بالتأكيد، ستحاول الأجهزة الأمنية الأمريكية، والبنتاغون وضع المسؤولية على عمليات “الاختراق”، التي تقوم بها الأجهزة الفارسية وغيرها، وقد يكون ذلك احتمالا، لكن نسبته لا تتجاوز الصفر بقليل، نظرا لما تتمتع به من “حصانة” خاصة، ولن تنجح أي محاولة لاعتبارها “وثائق مزورة”، لسبب أن تل أبيب تعلم الحقيقة، ما يسقط عنها “مناورة” التزوير.
موضوعيا، يمكن الذهاب إلى أن “التسريب” جاء استباقا لمحاولة “تطويق” الضربة القادمة التي تستعد لها حكومة الفاشية اليهودية ضد بلاد فارس، خاصة وأن نتنياهو يبحث عن “تراكم حجم المنجزات الكبرى”، تفوق كثيرا ما تم “التوافق عليها” بين الإدارتين، خاصة في الملف الفارسي، ونظرة كل منهما المختلفة لها.
ليس سرا أن يد أجهزة دولة الكيان طولى في داخل بلاد الفرس، ولا تحتاج كثيرا من البرهان، بعد مسلسل الاغتيالات الدقيقة، من تفجير طائرة رئيسي ومعه وزير الخارجية، الى اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في مقر أمني كامل تابع للحرس الثوري، وصولا إلى اغتيال حسن نصر الله في الحصن الأمني المغلق، ومعه قيادات من حرس ثوري ولاحقا هاشم صفي الدين (اغتيالا أو محاولة لا يهم كثيرا).
أمريكا، حاولت السيطرة على رد حكومة نتنياهو ضد بلاد الفرس، خلال عمل مشترك مع رئيس هيئة الأركان، ثم الطمأنة بنشر منظومة صواريخ ثاد، لكنها تعلم يقينا أن “التمرد النتنياهوي” بات في أعلى درجاته بعدما حدث من تطورات ميدانية، خاصة اغتيال يحيى السنوار بمكانته الرمزية الخاصة، عسكريا وسياسيا، اضافت لما حدث من تصفيات في لبنان وطهران وقطاع غزة، بل بدأ يمارس “وقاحة” علنية في الاتصال بالرئيس السابق والمرشح الرئاسي ترامب في تحد واضح للإدارة الحالية.
تسريب وثائق الخطة الإسرائيلية بتفاصيلها، يمكن اعتباره أحد اشكال “الردع المسبق” لضربة حكومة نتنياهو القادمة، والتي تجد ما يمكن اعتباره “إجماعا” داخل الكيان، معارضة وحكم، وهو ما لا يتوفر للحرب على قطاع غزة.
واشنطن، تعتبر أي خروج عن “النص الاتفاقي” لحدود رد حكومة نتنياهو، ما يطال مناطق حساسة جدا، تتعلق بالأبحاث النووية ومنشآت عسكرية نفطية تراها أمريكا “خط أحمر”، قد يجر المنطقة إلى ما تعتبره “حرب إقليمية” يتعارض كليا ومصالحها الاستراتيجية، فدخولها المباشر في الحرب سيكون خدمة خاصة لروسيا والصين، وعدم دخولها أيضا سيكون خدمة لهما، إلى جانب أنها لم تصل بعد لقرار “فك ارتباط المصالح المتبادلة” بينها والحكم الفارسي، وآلية استخدامه كـ “تهديد” لدول الخليج والمنطقة.
تسريب الوثائق الأمريكية، قد يكون له نتائج معاكسة تماما، يدقع الحكومة الفاشية اليهودية إلى سرعة تنفيذ الضربة العسكرية الموسعة، وبحدود غير المتفق عليها، ما يمس “هيبة” الإدارة الأمريكية، ما لم تطوق يديه سريعا، ويخدم عمليا المرشح الرئاسي دونالد ترامب، ويحسن أوراقها التطبيعية التي تبحث عنها.
المنطقة مقبلة على مشهد “فريد” في المسألة الفارسية بين أمريكا صاحبة القدرة المميزة، ودولة الكيان ملكة “الابتزاز”، فالرد الموسع الإسرائيلي سيكون نصرا نتنياهويا، وعكسه هزيمة تزيح كثيرا ما كان له من “معادلة الاغتيالات الخارقة”، على طريق الخلاص منه سياسيا.
تسريب وثائق “العيون الخمس” ستترك بصماتها على المشهد الإقليمي الجديد، أيهما الأكثر ربحية منها..رأس الحية أم أسنانها السامة في المنطقة..تلك هي المعركة، ولا عزاء للمتفرجين.
ملاحظة: أحلى شي صار في مسيرة قيساريا كمية السخرية اللي انتشرت في داخل الكيان بعدها.. كيف أن جماعة حزب الله ما “نشنوا صح”..وطالبوهم يتعلموا التنشين مرة تانية..سخرية كشفت أن “التعاطف الذاتي” اللي كان بينهم ما عاد..رسالة زغنونه بس كتير مهمة لو في من يعرف كيف يشتغل مش يجعجع..يا مجعجعاتية..
تنويه خاص: شكلها “الفصائل الفلسطينية” انتقلت من دور رسم المطلوب إلى شرح اللي بيصير..نازلين بيانات وصف في جرائم الفاشيين اليهود في القطاع..هو أنتم غيرت المهمة والتسمية من فصائل عمل وتحرير إلى فصائل برم وتحليل..شكلوا فلستوا بالأولى وبالتانية أكيد طالعين “أفلس” يا مفلسين..
لقراءة مقالات الكاتب تابعوا الموقع الخاص