أمد/
يا ولدي قلتُ لَك ..
منذُ الصغر ..
ان كبرتَ ..
فلا تكن إلا أنت ..
فكن أنت ..
كما تختار وتشاء ..
لا تقلدني في مشيتي ..
ولا في نبرة صوتي المرتعش ..
فقدمايَ عاريتين فوق حصى ..
قدم تقف فوق صفيح ساخن ..
وأخرى تقف فوق الجليد ..
لا تقلدني ..
في السير على ذات الطريق ..
لا تأخذ عني سوى صهيل الجلجة ..
كن أنت كما تشاء ..
صحح اعوجاجي فيكَ ..
في استقامتِك أنت ..
تستقيمُ لك الطريق ..
إلى ما عجزتُ أنا عنه ..
طيلَة السبعينَ جمرة ..
فقد غاصت فيها ..
قدماي العاريتين ..
في وحلِ المرحلة ..
تجاوز عني يا ولدي ..
وعن خطواتي المتعثرة ..
كن أنت صانع الحدثِ ..
ذا الأفقِ البعيد المدى ..
بلا تردد أو مراوغة ..
بعيدا عن الغرق ..
في نفاق المرحلة …
يا ولدي ..
لا تساهم في شقائي ..
وفي قتلي مرتين ..
فلا زِلتُ امشي ..
حافي القدمين ..
قدم فوق الجليد ..
وأخرى فوق صفيح ساخن ..!
……………………………………
التعليق بقلم أ. د. محمد صالح الشنطي
أيّ جمال هذا؟! وأيّ بلاغة وحكمة وصدق؟ لقد أوجزت فأجدت، ونصحت فهديت، ووصفت فأوفيت، وأرّخت فأخلصت، وحقّقت فوثّقت؛ بثثت لواعج قلب مثقل بحمولة ناءت بها ظهور جيل توالت عليه المحن، وتكالبت عليه الخطوب وأدمت قلبه الجروح، جيل تحمّل مالا يُحتمل.
خَدَعه القريب والبعيد، وخانه الأمل، أحسن ظنّه فخاب فأله، شهد مهازل الحدثان وضلال الربّان وخذلان الخلّان، استشام برقا خُلّباٍ وغيماً شحّ عطاؤه، وقلّ ماؤه، فباتت أرضنا قاحلة، ذبًل زرعها وصوّح زهرها، انسدّت أمامنا الأفاق، وضاقت السُّبل.
فلعل في وصّيتك للأجيال القادمة تجد آذانا صاغية وقلوباً واعية، وعقولاً لا تسدَّ منافذها الشعارات الكاذبة والعبارات الخادعة أمامها الأفق، ولا يخدعها ادعياء التقوى وثعالب الساسة، الذين تجمّدت أفكارهم وتكلّست كلماتهم، فانساقوا وراء تلبيس إلأباليس وخداع الثعالب وضلال الشياطين، كم كانت كلماتك نابعة من قلب نابض وحسٍّ متوهج وعقل راجح، دعوت أبناءنا إلى استقلال الرأي وحفظ العهد وإخلاص النوايا، وهي عُدّة النًّبل وسلاح الإخلاص وسمات الوطنيّة.
بوركتَ حكيماً وشاعراً ومناضلاً ومحللاً أريباً ووطنيّا صادقاً.