أمد/
باريس: صوّت البرلمان الفرنسي مساء يوم الأربعاء على حجب الثقة من حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، بعد استخدام الأخير المادة 49.3 من الدستور لتمرير قانون ميزانية الضمان الاجتماعي دون تصويت برلماني.
وحشدت مذكرة حجب الثقة، التي تقدم بها كل من حزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) وتحالف الجبهة الشعبية الجديدة (اليسار)، 331 صوتا، متجاوزة الأغلبية المطلوبة لإسقاط الحكومة بـ43 صوتاً.
أزمة برلمانية متوقعة
سقوط حكومة بارنييه لم يكن مفاجئاً، إذ يعاني البرلمان الفرنسي من غياب أغلبية محددة منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون في يوليو الماضي عقب حله البرلمان. ومع عدم قدرة أي تكتل على فرض هيمنته، باتت المشاريع المعروضة على البرلمان تجد صعوبات كبيرة من أجل تبنيها.
ورغم محاولات بارنييه التوصل إلى حلول وسط عبر تقديم تنازلات تتعلق بمشروع ميزانية الضمان الاجتماعي، ومنها التراجع عن إلغاء تعويضات الأدوية لتلبية مطالب اليمين المتطرف، فإن هذه الخطوات لم تُقنع زعيمة التجمع الوطني مارين لوبين، التي قالت بأن ما قدمته الحكومة عبارة عن "فتات".
أقصر ولاية حكومية في تاريخ فرنسا
تعتبر حكومة بارنييه، التي استمرت ثلاثة أشهر فقط، الأقصر في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة. وقد سبقتها مفاوضات طويلة استغرقت أكثر من خمسين يوماً لتعيين رئيس الحكومة ميشيل بارنييه عقب الانتخابات التشريعية. وهي المرة الثانية في تاريخ فرنسا التي يتم فيها حجب الثقة عن الحكومة منذ 1962.
مشروع الميزانية المقترح لعام 2025 كان يستهدف خفض الإنفاق العام بنحو 40 مليار يورو عبر زيادة الضرائب وتقليص النفقات في بعض القطاعات مثل الصحة والتعليم. لكن هذه الإجراءات لقيت معارضة قوية من أحزاب المعارضة.
خيارات ماكرون للخروج من الأزمة
الدستور الفرنسي يمنح الرئيس صلاحية تعيين رئيس حكومة جديد أو إعادة تكليف بارنييه، رغم هشاشة التحالفات الحالية. كما يمكن لماكرون الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، إلا أن ذلك يتطلب الانتظار ستة أشهر على الأقل قبل إجرائها.
وأفادت تقارير إعلامية برغبة ماكرون في تسريع تشكيل حكومة جديدة لتجنب تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية، مع تداول أسماء مرشحين مقربين منه، مثل وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، وفرانسوا بايرو، رئيس حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية.
سيناريوهات محتملة
وفي حال تأخر تعيين حكومة جديدة، قبل نهاية السنة، سيُعمل بميزانية عام 2024 لضمان استمرار القطاعات الحيوية ودفع أجور الموظفين.
لكن الخبراء يحذرون من أن طول الأزمة قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي ينعكس سلباً على الاستثمار والإنفاق، مما قد يهدد ثقة المستثمرين في فرنسا ويُفاقم عجز الدولة التي وصلت ديونها مستوى قياسي بلغ 3.228 تريليون يورو، أي ما يعادل 112في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.