أمد/
واشنطن: حاول إيلان بيرمان في مجلة نيوزويك الأمريكية، تحليل الموقف الإسرائيلي من سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، وذلك في مقال عنوانه "إسرائيل تواجه إعادة ترتيب استراتيجي في سوريا".
رأى بيرمان أن الانهيار السريع لحكم الأسد أدى إلى صعود تحالف متنوع من الجماعات السنية "المتشددة" التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام، وزعيمها "الكاريزمي أبو محمد الجولاني".
ووفق قراءة بيرمان للمشهد، فإن النظام الجديد قد يبدو مفيداً لإسرائيل للوهلة الأولى، فهو ساعد في الإطاحة بالأسد وبالتالي إزاحة الوجود الإيراني القوي على الحدود الشمالية لإسرائيل، وانقطاع "الجسر البري" بين طهران وبيروت الذي استخدمه النظام الإيراني لسنوات لتزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة.
على مدى سنوات، كان المسؤولون في إسرائيل يعتمدون على توازن قوى يمكن التنبؤ به نسبياً مع نظام بشار الأسد المجاور في دمشق. وعلى الرغم من العداء المستمر للأسد تجاه الدولة اليهودية والضعف المتأصل في نظامه، فقد تم التوصل إلى وضع راهن هش بين البلدين، مما جعل من الممكن عموماً توقع كيفية تصرف الدكتاتور السوري، وقد خدم هذا كمصدر منحرف للراحة على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية، حيث وجدت إسرائيل نفسها مشغولة بالتهديد الذي تشكله حماس في قطاع غزة، ومؤخراً، تهديد حزب الله في لبنان.
ومع ذلك، تشير دراسة إلى أن التحول في سوريا يمثل تحدياً استراتيجيا عميقاً لإسرائيل، وهو ما تحاول الدولة اليهودية الآن معالجته.
قال العميد المتقاعد إران أورطال، الذي كان يرأس سابقاً مركز التفكير الداخلي للجيش الإسرائيلي لـ"نيوزويك": "في هذه المرحلة، لا أعتقد أن إسرائيل قد وضعت استراتيجية متماسكة تجاه سوريا". وبدلاً من ذلك، "تراقب إسرائيل الوضع عن كثب وتتخذ تدابير لتأمين نفسها، مثل نشر وحدات من الجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان السورية".
تحدٍّ كبير
وتمثّل الصورة بعد الأسد في سوريا تحدياً لحكومة إسرائيل، التي ركزت خلال العقد الماضي بشكل شبه حصري على التهديد القادم من إيران ووكلائها. وأشار أورطال إلى أن "السرعة والاحتضان المتحمس للجولاني وشركائه من القاعدة مصدر قلق"، حيث أنّ "الجولاني وتحالفه من المتمردين معروفون بالجهاديين، وإسرائيل قد استيقظت للتو من حلم إمكانية تهدئة نظام جهادي، وهو "حماس" في غزة". بمعنى آخر، وبغض النظر عن خطاب الجولاني التصالحي الحالي، فإن إسرائيل تتوقّع تماماً أن يعود هو وجماعته إلى طبيعتهم المتطرفة، بحسب "نيوزويك".
وأوضح أورطال: "هناك احتمال حقيقي أن يتم استبدال النفوذ الإيراني في سوريا بالنفوذ التركي"، مضيفاً: "لا أحد يعرف ما هو الدور التركي المحتمل على حدودنا. تركيا قوة إقليمية كبيرة، وعضو في الناتو، ومنتج دفاعي كبير، ولاعب إسلامي متطرف ومعادٍ لإسرائيل. يمكننا بالفعل رؤية محاولات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لاستخدام النظام السوري الجديد لتعزيز مطالباته في شرق البحر الأبيض المتوسط".
وقال أورطال: "في نهاية المطاف، الصورة الأكبر هي أن المنافسة الإقليمية تدخل مرحلة جديدة. منطقتنا تعود إلى المنافسة الإمبراطورية، وإسرائيل عالقة في المنتصف".
وقال بيرمان إن إسرائيل تراقب الموقف عن كثب، وتتخذ التدابير اللازمة لتأمين نفسها، مثل نشر وحدات من الجيش الإسرائيلي على مرتفعات الجولان السورية.
وأشار إلى أن الوضع السوري الجديد يشكل تحدياً للحكومة الإسرائيلية، التي قضت العقد الماضي في التركيز بشكل شبه حصري على التهديد المنبثق من إيران ووكلائها المتنوعين.
"بصرف النظر عن الخطاب التصالحي الحالي للجولاني، تتوقع إسرائيل تماماً أن يعود هو ورفاقه إلى نمطهم المتطرف، وربما عاجلاً وليس آجلاً"، يقول الكاتب.
وأشار المقال أيضاً إلى القلق من النفوذ التركي في سوريا الذي يرجح أن يحل مكان الإيراني.
ورأى أن تركيا تعد قوة إقليمية كبرى، وعضو في حلف شمال الأطلسي، ولاعب إسلامي معاد لإسرائيل.
وقال إن إدارة دونالد ترامب المقبلة، تحتاج إلى تحديد الدور الذي تريد أن تلعبه في اللعبة الاستراتيجية الجديدة في الشرق الأوسط، وكيفية دعمها لإسرائيل.