أمد/
حَلِمْنَا عَلَيْهِ، لا وَهَنًا وَلا خَوَفًا، وَلَكِنَّا أَهْلُ كَرَمٍ، نَسْتُرُ قُبْحَ الجَاهِلِ وَنَتَجَاوَزُ زَلَلَ الوَضِيعِ، فَخَالَ الحِلْمَ ضَعْفًا، وَظَنَّ أَنَّ الأَرْضَ تُصَافِحُ سَمَاءَهَا.
جَحَدَ الفَضْلَ، وَرَدَّ الإِحْسَانَ بِقُبْحٍ، وَظَنَّ أَنَّ القَامَةَ تَطُولُ بِالنَّبْحِ، وَأَنَّ الخِسَّةَ تُزِيدُ صَاحِبَهَا عِزًّا. مَا عَلِمَ أَنَّ الحَصَى لَا يُزَاحِمُ الجِبَالَ، وَأَنَّ صَوْتَ البُومِ لَا يَحْجِبُ تَغْرِيدَ الطُّيُورِ.
حَلِمْنَا عَلَيْهِ كَرَمًا، وَغَضَضْنَا الطَّرْفَ تَرَفُّعًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحِلْمِ مَوْضِعٌ فِي قَلْبِ اللَّئِيمِ، صَارَ إِهَانَةً لِلْكَرِيمِ. فَامْضِ وَدَعْهُ يَتَخَبَّطُ فِي سُقُوطِهِ، فَمَا زَالَ الوَضِيعُ يَحْفِرُ لِنَفْسِهِ حُفْرَتَهُ، وَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ تَسْمُو، وَلَا تَلْتَفِتُ إِلَى الظِّلَالِ الزَّائِلَةِ.