أمد/
أنا بحرٌ هائجٌ، ..
وقَلبِي صخرةٌ شامخةٌ، ..
لا تُعاتبني، ولا تَعتذر، ..
فليسَ لكَ العِتابُ، ..
ولا لكَ أن تَعتذِر …
**
أنا العاصفةُ ..
إذ تُزمجرُ في مداراتِ الغياب، ..
أنا الموجُ ..
إذ يُحطّمُ زوارقَ الرَّجاءِ الهشّة …
فلا تُلوِّحْ لي برايةٍ بَيضاءَ، ..
فالمسافاتُ بَيننا أبعدُ من أن تُطوى، ..
وأنا الجَبلُ الذي لا تهزُّه أنفاسُ الإِعتذار …
***
ناديتَني حينَ سقطَتْ ظِلالُك ..
في متاهاتِ النَسيان، ..
حين تشقَّقتِ الدُروبُ تحتَ خُطاك، ..
حين صارتْ يدُكَ مَمدودةً ..
نحوَ سرابٍ يتبدَّدُ في الأُفق …
لكننِي كنتُ هُناك، ..
حيثُ لا صوتَ يصِلُ، ..
ولا ظِلَّ يَمتدُّ، ..
حيثُ المَدى جِدارٌ أعمى، ..
والريحُ رَّسولةُ الصَمتِ ..
الذي لا يَحتملُ ..
انكسارًا جَديدًا …
***
هل جئْتَ الآن تَحملُ ..
بَقايا الكلماتِ المَبتُورةِ؟
هل جئْتَ تطفئُ ..
نارًا تركتَها تستعرُ وحدَها؟
لا تقتربْ …
فأنا الجمرُ الذي تعوَّدَ الإِحتراقَ ..
في عُزلةِ الكبرياء، ..
وأنا البحرُ ..
الذي اختارَ أن يبتلعَ أسماءَ الغارقين ..
دونَ أن يكتبَ لهم شاهدًا على المَوج …
***
دَعنِي كما أَنا …
ريحًا تَعبُرُ بِلا خُضوع، ..
وصخرةً لا تخشعُ لإِنحناءاتِ النَدَّم …
فما عادَ في صَدرِي مُتَّسعٌ لِلرِجُوع …
دَعنيِ كما أنا ..!