أمد/
بيروت: في الذكرى العشرين لاستشهاد رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، ومن ساحة الشهداء في وسط بيروت، وبحضور عشرات آلاف اللبنانيين ومن أنصار تيار المستقبل، أطلّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ليُعيد إلى الأذهان مشهد المظاهرات التي انطلقت عام 2005 في لبنان، حيث توجه إلى اللبنانيين قائلاً: "صرلنا زمان ما حكينا".
وأكد أن العودة إلى الساحة هي تعبير عن الاشتياق لشخصية وطنية عظيمة كانت محط آمال اللبنانيين، حيث قال: "منذ 20 عامًا، نزلتم إلى هذه الساحة وقلتم للرئيس الشهيد رفيق الحريري إننا سنشتاق إليك، واليوم عدنا إلى هذه الساحة لنقول للشهيد: اشتقنا لك".
وأشار الحريري في كلمته إلى أن الهدف من هذه الذكرى هو التأكيد على مسألة العدالة وعدم الهروب منها، قائلاً: "لا مهرب من تحقيق العدالة"، معتبرًا أن هذا هو المطلب الأساس الذي طالب به اللبنانيون منذ عشرين عامًا.
كما أكد أن "منذ 20 عامًا، طالبتم بتحقيق العدالة وطردتم نظام الرئيس المجرم بشار الأسد من لبنان"، في إشارة إلى انسحاب القوات السورية من لبنان عقب اغتيال والده في 14 شباط 2005.
وتابع الحريري مستعرضًا الأحداث التي تلت اغتيال والده، فقال: "بعد عشرين سنة، وقبلها ثلاثون من الحكم الطائفي والمعاناة والظلم والقتل والاعتقال والتعذيب والوحشية، قام الشعب السوري البطل، وطرد المجرم بشار الاسد"، في إشارة إلى تطورات الوضع في سوريا وتداعيات حكم الرئيس السوري بشار الأسد على المنطقة.
كما شدد على أهمية العلاقة مع سوريا، مؤكداً: "نريد أفضل العلاقات الندية مع سوريا ونتمنى لها الازدهار والاستقرار". وأوضح أنه بالرغم من التحديات، "نحن نؤمن بأن العلاقات بين البلدين يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل وليس على التدخلات أو الهيمنة".
الحريري لم يغفل عن إشارته إلى مسؤولية لبنان في الأزمات الحالية، حيث قال: "لم ننكر تحملنا جزءًا من المسؤولية في أزمات لبنان"، مشددًا على أن المسؤولية تقع على جميع الأطراف اللبنانية في الأوضاع التي يعيشها البلد، وفي ضرورة تشكيل حكومة فاعلة تستطيع العمل على معالجة الأزمات الاقتصادية والسياسية.
وفي سياق آخر، أكد الحريري على ضرورة دعم السوريين في استعادة أمنهم واستقرارهم، قائلاً: "هذه مناسبة لنعلن دعمنا لإرادة السوريين ولإعادة إعمار سوريا، وإرادتنا في بناء أفضل العلاقات الندية مع سوريا، على احترام كامل للسيادة والاستقلال، كما أعلنت مرارًا وتكرارًا القيادة السورية الجديدة".
أما بالنسبة للوضع اللبناني، فقد أشار الحريري إلى أنه رغم التحديات الكثيرة التي مر بها لبنان خلال العشرين عامًا الماضية، لم ينكر المسؤولية التي تتحملها حكومته في الأزمات التي نشأت، وقال: "في هذه العشرين سنة، مر بلدنا بأزمات كبيرة، أزمات كثيرة أنهكت اللبنانيين، ونحن لم ننكر يومًا أن جزءًا من المسؤولية يقع علينا. لقد تحملنا مسؤوليتنا بكل شجاعة، وقدمت استقالتي، وعلّقنا العمل السياسي، وأفسحنا المجال لمدة 3 سنوات وأكثر، ولكن الأزمات استمرت وازدادت".
ورفض الحريري تحميل نفسه وحده المسؤولية، مؤكدًا: "ستقولون أنا الوحيد؟ لا يهم، أنا أقبل. غيري مسؤول عن خياراته، ونحن مسؤولون عن أنفسنا أمام الناس وأمام رب العالمين".
واستعرض الحريري الأزمات الأخيرة التي عانى منها لبنان، وخاصة الهجوم الإسرائيلي الأخير، قائلاً: "كثرت الأزمات، وآخرها وأخطرها، حرب إسرائيلية مجنونة استهدفت بلدنا وقتلت أهلنا، ودمرت بيوتهم ومؤسساتهم ومزروعاتهم ومجتمعهم".
كما أشاد الحريري بتضامن اللبنانيين خلال العدوان الإسرائيلي، قائلاً: "كما أنحني أمام كل الشهداء من أهلنا في الجنوب والبقاع وبيروت والضاحية وكل المناطق، أرفع رأسي بالتضامن الذي عبرتم عنه خلال الحرب، عندما فتحتم بيوتكم للمنكوبين واستقبلتم النازحين وقلتم بالفعل وليس بالكلام: لبنان واحد واللبنانيون جسم واحد".
وأكد الحريري على أهمية الوحدة الوطنية لإعادة بناء لبنان قائلاً: "كما كانت مسؤوليتنا جميعًا أن نواجه العدوان، مسؤوليتنا جميعًا أن نرمم الجسم اللبناني الواحد ونعيد إعمار المناطق المدمرة، لتعود الزراعة والصناعة والسياحة والمؤسسات فيها وتوفر العمل والحياة الكريمة لأهلنا اللبنانيين".
وشدد الحريري على أن "هذه مسؤولية الجميع، تمامًا كما هي مسؤولية الجميع حل الأزمة الاقتصادية، وإعادة التنمية في كل المناطق، من عكار إلى طرابلس وصيدا وحتى آخر قرية في الجنوب، ومن بيروت إلى الجبل والبقاع، وصولًا حتى آخر جرود عرسال".
وتابع :"بعد عشرين سنة، مشروع رفيق الحريري مستمر، من خلالكم مستمر، بصيغة جديدة، مستمر، ومن حاولوا قتل مشروعه، أنظروا أين أصبحوا. "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
وختم الحريري بالتأكيد على أن "تيار المستقبل، وهذا الجمهور، جمهور رفيق الحريري، باق هنا، وباق معكم، وسيكون صوتكم في كل الاستحقاقات الوطنية، وكل المحطات المقبلة، وباق إلى جانبكم وسأكمل معكم لنكمل سوية بوصية رفيق الحريري، ومسيرة الاعتدال، والعيش المشترك، ولبنان اولا".