أمد/
واشنطن: بعدما صدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم العربي الشهر الماضي، باقتراحه نقل كامل سكان غزة من القطاع، أعاد مساعدوه تأطير الفكرة على أنها دعوة موجهة إلى زعماء الشرق الأوسط، كي يضعوا خطة أفضل.
وكتب "باتريك كينغسلي" و"فيفيان يي" في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال الأسبوع الماضي، إن "كل هذه الدول تعبر عن مدى اهتمامها بالفلسطينيين، إذا كان لدى الدول العربية خطة أفضل، فهذا أمر رائع".
ومن المقرر أن يقوم مبعوثون من الدول الخمس (ثمان) بإيضاح التفاصيل يوم الجمعة، في السعودية، ثم مرة أخرى في قمة أوسع في 4 مارس (آذار) بالقاهرة. وفي تلك الاجتماعات، من المرجح أن تقترح مصر تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين وقادة المجتمع، وجميعهم غير منتسبين إلى حماس، ويمكنهم إدارة غزة بعد الحرب، وفقاً لدبلوماسيين عرب ومسؤول غربي كبير والسناتور الأمريكي الديمقراطي عن ولاية ميريلاند كريس فان هولين، الذي قال إنه تحدث خلال الأسبوع الماضي مع وزراء الخارجية لمصر والسعودية والأردن حول الاقتراح الجاري البحث فيه.
وأضاف، "أن الكثير من التركيز سينصب على الإثبات لترامب وآخرين أنه نعم، هناك خطة قابلة للتطبيق لإعادة البناء، وأنه سنستثمر الموارد هناك".
وأشار إلى أن "وجهة نظرهم هي أن ترامب رجل عقارات، وقد تحدث عن إعادة تطوير غزة، وأنهم يريدون وضع خطة قابلة للتطبيق تظهر لترامب أنه يمكنك إعادة بناء غزة، وتوفير مستقبل لمليوني فلسطيني"، دون إجبارهم على مغادرة المنطقة.
وعلى مدى أشهر، روجت مصر لفكرة لجنة تكنوقراط، واستضافت القادة الفلسطينيين في القاهرة لمناقشة الفكرة. وعلى مدى عقود من الزمن، دعا الزعماء العرب إلى إنشاء دولة فلسطينية تشمل غزة.
ويعارض القادة الإسرائيليون خطط ما بعد الحرب، التي من شأنها أن تمهد الطريق للسيادة الفلسطينية. لكن الزعماء العرب لن يدعموا إلا إطاراً يرسم مساراً نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وهم يريدون أيضاً مباركة السلطة الفلسطينية، الهيئة المعترف بها دولياً، والتي أدارت غزة، إلى أن انتزعت حماس السيطرة عليها قبل نحو عقدين من الزمن، ولكن رئيس السلطة محمود عباس، بدا حذراً من هيكل الحكم في فترة ما بعد الحرب، الذي لا يمنحه بشكل لا لبس فيه السيطرة الكاملة على المنطقة، وهو الموقف الذي يضعه على خلاف مع لجنة التكنوقراط.
وقال مسؤولو حماس إنهم على استعداد للتنازل عن السيطرة على الشؤون المدنية لمثل هذه الهيئة، ولكنهم رفضوا حلّ جناحهم العسكري، وهو موقف غير مقبول لكل من إسرائيل وترامب، في وقت يسعيان إلى نزع سلاح حماس بالكامل.
وقال إبراهيم دلالشة مدير مركز هورايزون، وهو مجموعة أبحاث سياسية في رام الله بالضفة الغربية، إن "التحدي الأكبر الذي يواجهه القادة العرب، يكمن في تقديم خطة واقعية، يمكن فرضها على الفصائل الفلسطينية، وتكون مقبولة أيضاً من الولايات المتحدة وإسرائيل.. ستكون عملية معقدة جداً".
ومن بين الشكوك التي تحيط بالمنطقة هو من سيوكل إليه الزعماء العرب مهمة تأمين غزة ومنع حماس من مهاجمة إسرائيل. ويريد المسؤولون الإسرائيليون أيضاً أن يتمتع الجيش الإسرائيلي بحرية العمل في غزة في الأمد البعيد، ولكن من الصعب على الزعماء العرب أن يدعموا هذا الترتيب علناً.
ويأمل البعض أن تقدم مصر ودول الخليج قواتها الخاصة. ففي الشهر الماضي، سمحت مصر لشركة أمنية مصرية خاصة بالمساعدة في تأمين نقطة تفتيش داخل غزة ـ وهو الترتيب الذي اعتبره بعض الدبلوماسيين والمحللين بمثابة نموذج أولي لعملية أوسع نطاقاً. ولكن من غير الواضح ما إذا كان الزعماء العرب على استعداد لإرسال قوة أكبر لتأمين منطقة أوسع. ومن غير المرجح أن تقبل حماس مثل هذا التدخل.
وقال أسامة حمدان، أحد كبار مسؤولي حركة حماس، خلال مؤتمر عقد في قطر نهاية الأسبوع الماضي: "من يريد أن يحل محل إسرائيل فسوف يتم التعامل معه مثل إسرائيل".
ويتركز العنصر الأكثر ثباتا في الخطة المصرية على إعادة بناء غزة مع إبقاء الفلسطينيين داخل القطاع بدلا من إجبارهم على الخروج إلى مصر والأردن، كما اقترح السيد ترامب.
وقد أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هذا الاقتراح بشكل عام في اجتماعات عقدها يوم الأحد مع رونالد لاودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، وولي العهد الأردني الأمير حسين. وناقش السيسي مع الأمير الأردني "ضرورة البدء فورًا في إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم"، وفقًا لبيان صادر عن الرئاسة المصرية.
ولكن تفاصيل الخطة لا تزال غير واضحة.
وقال سمير فرج، وهو جنرال عسكري مصري متقاعد، في مقابلة إن مصر ستستعين بمجموعة من الشركات المحلية والدولية لإعادة إعمار غزة على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، وأضاف فرج، وهو قريب من المسؤولين المصريين، أن المرحلة الأولى من زيادة المساعدات الإنسانية المقدمة إلى غزة وإزالة الأنقاض ستليها بناء المستشفيات والمدارس والبنية الأساسية الأخرى.
ويبقى السؤال حول من سيدفع التكاليف دون إجابة.
وأضاف فرج أن مصر ستدعو الدول العربية الأخرى للمساهمة بأموال إعادة الإعمار في مؤتمر قادم.
ولكن حتى توقيت مثل هذه القمم كان موضع ارتباك. ففي البداية دعت مصر الزعماء العرب إلى قمة "طارئة" في السابع والعشرين من فبراير/شباط.
ثم تأخر لمدة اسبوع.