أمد/
غزة – ريما سويسي: لم تكن الثلاثينية علا تعلم أن طفلها الأول عمرو سيلقى حتفه بسبب البرد القارس الذي ضرب قطاع غزة والمنطقة مؤخراً، فالخيمة التي نزحت إليها منذ شهرين لم تكن للحفاظ على قلب رضيعها ولا على حياته التي فقدها برداً.
وأضافت في تقرير نشرته وكالة "وفا"، هكذا هو حال الأطفال الرضع في قطاع غزة الذين يعانون نقص وسائل التدفئة التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة، والنتيجة أن سبعة أطفال قضوا من البرد في قطاع غزة في اليومين الماضيين.
وتقول المواطنة علا التي جاءها عمرو بعد إجهاض مرتين: "أنا نازحة من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وها أنا ذا أمكث في خيمة فوق ركام منزل العائلة".
وتضيف: "فجراً يوم الخميس الماضي، لاحظت أعراض البرد الشديد على رضيعي عمرو، فجأة ارتفعت حرارة جسمه لتصل إلى أعلى من 39، بالإضافة إلى ارتفاع صوت تنفسه بشكل مبالغ فيه، فذهبنا به إلى مستشفى الرنتيسي للأطفال (المدمر حالياً لكنه يعمل بالحد الأدنى من البروتوكولات الطبية والصحية)، وهناك مكث 15 ساعة، وحين تدهورت حالته تم تحويله إلى مستشفى أصدقاء المريض حيث مكث هناك في العناية المركزة ساعتين قبل الإعلان عن وفاته". تبكي علا.
وتختم: "أعيش صدمة نفسية وانهيارا عصبيا، فالبرد قتل رضيعي الصغير ذا الجسد الغض الذي عانى قلة التدفئة التي حاول حضني أن يوفرها له".
وتوفي يوم الثلاثاء ستة أطفال من قطاع غزة نتيجة البرد القارس، فيما أُعلن اليوم الأربعاء، عن وفاة طفلة (شهرين) في حي الشجاعية نتيجة البرد.
وحسب مصادر طبية، فإن عدد الأطفال الذين قضوا بسبب موجات البرد منذ بداية فصل الشتاء وصل إلى 15، مشيرة إلى أن مستشفيات القطاع وعلى وجه الخصوص مستشفيات الأطفال باتت غير قادرة على التعامل مع الحالات التي تصل إليها من مضاعفات البرد.
ولفتت المصادر إلى أن الاحتلال لم يلتزم بالبروتوكولات الإنسانية ومنها: إدخال التجهيزات الطبية وكذلك وسائل التدفئة والخيام والبيوت المتنقلة.
ولا يزال سكان قطاع غزة من النازحين يفترشون الأرض في خيام لا تقي برد الشتاء في ظل تدهور الوضع الطبي والصحي في المستشفيات العاملة في الحد الأدنى من الإمكانيات.
ويعلق الدكتور سعيد صلاح المدير الطبي في مستشفى أصدقاء المريض بالقول: "لاحظنا في الأسبوعين المنصرمين وجود حالات وفاة لأطفال رضع وحديثي الولادة الخدج نتيجة البرد الشديد".
ويضيف: "تبدأ الأعراض بتجمد الأطراف وتوقف الدورة الدموية لديهم وانخفاض ضغط الدم وصعوبة التنفس، وهنا نحاول التدخل طبيا بعمليات الإنعاش، فبعضها ينجح وبعضها يفشل".
"وصلت إلينا 9 حالات في الفترة المذكورة توفي منها 6 للأسف، أحدها بعد وصوله إلى المستشفى بساعة (خمسة أطفال من غزة بينما السادس من مدينة خان يونس جنوب القطاع)"، وفقا لحديثه.
ويختم حديثه بالقول: "طالبنا منظمة الصحة العالمية واليونيسف بالضغط على الاحتلال لإدخال وسائل التدفئة اللازمة لتدفئة هؤلاء الرضع".
ويعاني أهالي قطاع غزة انعدام المأوى والعلاج بفعل عدوان الاحتلال على القطاع، وعدم وجود وسائل التدفئة بسبب شح الوقود، في ظل موجة قطبية شديدة البرودة.