معاذ خلف
أمد/ لا يزال العراق يُواجه العديد من التحديات التي تهدد استقراره ونظام الحكم فيه بالرغم من مُضي 21 عاماً على سقوط نظام صدام حسين وقيام نظام سياسي جديد. ومن أبرز هذه التحديات تآكل شرعية الطبقة السياسية، والأزمة الاقتصادية-الاجتماعية، ومنازعة صعود الميليشيات المسلحة لسلطة الدولة، فضلاً عن تأثّر العراق بمشروع الهيمنة الإيراني وصراعات المحاور الإقليمية والصراع الإيراني-الأمريكي.
لم ينفصل العراق منذ العقود الاولى بعد الحرب العالمية الثانية عن خطاب تحرير فلسطين و العداء للمشروع الصهيوني و المشاركة في محاولة استرداد الحق الفلسطيني ، حيث في العام 1960 أعلن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء العراقي عن تشكيل وحدات فلسطينية قتالية فوق اراضيها تابعة الى جيش التحرير الفلسطيني في العراق و التي قدم لها الجيش العراقي كافة الامكانات حيث تم تجهيزها و تسليحها وتدريبها في معسكرات العراق .
منذ ذلك التاريخ لم ينقطع الدعم العراقي للفلسطينيين اعلاميا و ماديا .
كان يرى حزب البعث العربي الإشتراكي العراق بأن التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني هو الطريق الصحيح لتعزيز مقاومة الشعب الفلسطيني من خلال اطار معترف به دوليا و اقليميا وبصرف النظر عن الخلاف و الخلاف الحاد بين حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق و حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا و مركزية تواجد قوات الثورة الفلسطينية و مؤسساتها و ادارتها في سوريا فعملت العراق على تدريب قوات الثورة الفلسطينية التابعه لمنظمة التحرير بصرف النظر عن المسمى الفصائلي ولكن حقيقة تكوين الفصائل الفلسطينية بخلاف فتح كانت مولود لهذا النظام او ذاك .
عندما اعلن في العام 1974 برنامج النقاط العشر اعترضت بغداد على هذا المشروع الذي قدمته الجبهة الشعبية الديمقراطية و اعتمده المجلس الوطني الفلسطيني في دمشق عام 1974 وسمي بالنقاط العشر و اعتبرته مشروع تفريطي في ارض فلسطين التاريخية وبالتالي شكلت جبهة رفض مصغرة من العراق و بعض الفصائل .
تسلم صدام حسين تقاليد السلطة في العراق بعد محمد حسن البكر ووقفت العراق في صراع اقليمي اخر منذ قيام الثورة الاسلامية بقيادة خميني عام 1979 تلك الثورة التي طردت السفارة الإسرائيلية ووضعت مكانها سفارة منظمة التحرير و علم فلسطين ، وقف العراق في الحرب الأولى والتي استمرت اكثر من 7 سنوات مع نظام خميني الذي رأى العراق ان نظام خميني يهدد الدولة العراقية فكريا و اجتماعيا وارضا و اعين ايران تتجه الى النجف “المقدسات الشيعية” و هنا حدث انشقاق في موقف الفصائل الفلسطينية منها المؤيد للعراق و منها المؤيد لإيران وعندما دخلت منظمة التحرير فيما يسمى مشروع السلام حدث تناقض بين الثورة الايرانية و منظمة التحرير الفلسطينية و في المجلس الوطني المنعقد عام 1988 في الجزائر و اعلان الاستقلال جنحت منظمة التحرير لتأييد العراق في حربها ضد ايران فيما اعترفت العراق بالدولة الفلسطينية على ارض فلسطين وقامت العراق بدور فاعل في دعم الانتفاضه عام 1987 و تبنت اسر الشهداء و الدعم المالي و العسكري ولو رجعنا للتاريخ ساهمت العراق في الحروب جميعا ضد ما يسمى اسرائيل واصبح جيش التحرير الفلسطيني في العراق هو احد دعائم جيش التحرير لمنظمة التحرير الفلسطينية ولكن هناك خلط عندما ايدت منظمة التحرير العراق في غزوها للكويت و من هنا حدثت العزلة لمنظمة التحرير الفلسطينية و فيما بعد تشتت قوات الثورة الفلسطينية في العواصم العربية بعد خروجها من بيروت ولكن يسجل لصدام حسين انه اول من اطلق صواريخ سكود على وزارة الدفاع الاسرائيلية .
استمر الدعم المادي و الإعلامي للقضية الفلسطينية حتى سقوط النظام في العام 2003 .
بعد الغزو الأمريكي للعراق استهدفت الميليشيات و القوات الامريكية الوجود الفلسطيني في العراق ففر وهاجر اغلب فلسطينيوا العراق ولم يتبقى سوىى 7500 لاجئ فقط !
في العام 2017 تم تبادل السفراء بين البلدين على المستوى الرسمي ، واخذت العلاقات الفلسطينية العراقية تعود الى مجراها تدريجيا ، و ما ان انطلق طوفان الأقصى في السابع من اكتوبر حتى تضامنت معها الميليشيات المسلحة الشيعية في العراق و التي اطلقت على نفسها “المقاومة الإسلامية في العراق” ، و انطلق الأحرار في ارسال الصواريخ واحدا تلو الأخر و الطائرات المسيرة مستهدفين عمق المدن الإسرائيلية !
“طوال الفترة ما بين الحرب العالمية الثانية و حتى يومنا هذا ، لم يتخلى العراق عن دعم القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني في التحرير ، و ان كان هناك خلاف حدث بين السلطات العراقية و فصائل منظمة التحرير فبسبب النهج التفريطي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي جعلها تعبر دروبا نحو حلول مؤقته جعلت البوصلة تنحرف من تحرير فلسطين كل فلسطين الى القبول بأي حل يفرضه الإحتلال ، رغم ما يعانيه العراق من محاولة الهيمنة الإيرانية الا انه يحاول جاهدا ان لا يتخلى عن محيطه العربي و في مقدمته دعمه المستمر للقضية الفلسطينية و الحق الفلسطيني .”