د. محمد الموسوي
أمد/ كهنة ولاية الفقيه وسيناريوهات الانتخابات المتوارثة؛ رأس الأفعى في إيران؟
الانتخابات التشريعية في إيران مهزلة الأمس واليوم التي لن تنتهي إلا بنهاية هذا السيرك التراجيدي جملة وتفصيلاً، وللأسف لم يمل أحدهم العربدة على سطح هذا السيرك على مدار أربعة عقود ونصف سواء كان الملالي كهنة منظومة ولاية الفقيه أو تيار الاسترضاء والمهادنة الذي أسس ويساند نظام الكهنة الحاكم في إيران.
المفترض أن تُشرع الدول والمؤسسات وحتى الأفراد الأسوياء من أجل الأفضل من أجل النهوض بما يخدم الإنسان ويلبي متطلباته الحياتية اليومية ويصون كرامته ووطنه ومقدراته ويرتقي به في دولة ديمقراطية يستطيع حمايتها ومؤسساتها الرشيدة من خلال صوته الذي يرسم وقائع الحياة ويحدد ما يجب أن يكون فيها بمنطق العدل والإنصاف، لكن ما يجري في إيران عكس المطلوب حيث يتوارث الشعب البؤس والخراب يوماً بعد يوم وانتخابات بعد انتخابات وقد شرعت لذلك عمائم الباطل منذ أن سطت على السلطة في إيران لتقيم نظاماً هجيناً لا تعرف له هويةً ولا تستطيع له وصفاً محاولين شرعنته بما يسمونها بالانتخابات لكن هيهات للباطل أن يكون حقاً فما نبت باطلاً لا يحيى إلا بالباطل ولا علاج له سوى الاجتثاث، وما جرى ويجري من انتخابات في إيران ليست سوى عمليات إنقاذ للنظام يقوم بها خامنئي من حين إلى آخر حتى وصل الحال به في نهاية المطاف اليوم إلى التوسل راجياً من عامة الشعب المشاركة في الانتخابات محذرا من أن المقاطعة ستكون لها عواقب سيئة.
يُدرك كهنة ملالي إيران وكاهنهم الأكبر بطلان العملية السياسية في إيران وعدم شرعيتها بمجرد العودة قليلا إلى رشدهم.. ويُدركون أيضا أن كافة الحكومات المتعاقبة على إيران في ظل منظومة كهنة ولاية الفقيه حكومات تبنت الفشل حكومة تلو الأخرى ولم يتمكن أحدهم من تحقيق أي مطالب للشعب أو الإيفاء بالوعود التي قطعوها على أنفسهم في كل مرة رغم نهبهم لموارد الدولة في إيران والأموال التي أغدقتها عليهم الإدارة الأمريكية وما نهبوه من أموال العراق، أما مشروع رئاسة الجمهورية الأخير حيث أقيمت مسرحية انتخابات مفضوحة جيء من خلالها بـ إبراهيم رئيسي استناداً لتجاربه في مجزر الإبادة الجماعية وقتل المنتفضين والإسراف في أحكام الإعدام وأخر تجاربه كانت في انتفاضة 2019 و2022 وبالتالي فهو أفضل الخيارات وأفضل شخصٍ موالٍ للكاهن الأكبر وقادر على قمع الشعب وإنقاذ النظام من الزوال وسواء فاز أم لم يفز في تلك المسرحية فقد تقرر تعيينه رئيساً وقُضي الأمر، وعلى الرغم من كبير الكهنة عنه واصطفاف الحرس إلى جانبه إلا أنه غرق في لُجة وحل الفشل ولم يستطع تحقيق ما وعد الناس به، وذاك هو حال الشعب فقرٌ مدقع وبطالة تفتك بالمجتمع وفساد وتفشي للجريمة والمخدرات، ولم يُفلح رئيسي سوى في الشيء الوحيد الذي يُجيده والقمع والتعسف والاستمرار في لغة وخطابات الادعاء والفشل.. واليوم انتخابات تشريعية على حساب المال العام.. انتخاباتٌ لا يعرف الشعب الإيراني ما الداعي لقيامها لطالما أن الغزال ستلد قرداً والحمامة تلد تمساحاً.
وبالاستناد إلى البيان الصادر في 2 مارس/ شباط 2024 عن الهيئة الاجتماعية لمنظمة مجاهدي خلق فإن نسبة المشاركة الفعلية في انتخابات النظام هي 8.2٪ أي ما يعادل 5 ملايين شخص، وهذه النسبة من وجهة نظر الكثيرين من المهتمين بالشأن الإيراني تشمل منتسبي الحرس والبسيج والجيش والشرطة والمخابرات والكهنة وذويهم، وأن هناك نسبة من المشاركين تحتمل الطعن فهناك من يُرغمون على التصويت بالترغيب والترهيب، وبالتالي فإن حجم الشرعية في منظومة الكهنة لا تتخطى سقف الـ 4 % التي أقرها من قبل قاليباف رئيس مجلس الكهنة، وقد أثبت أحد مقاطع الفيديو المُلتقطة في مناطق بمحافظة سيستان وبلوجستان كيفية ملاحقة جلاوزة النظام للمواطنين لإكراههم على التصويت.
انتخابات تشريعية ينتُج عنها إجلاس جمع من الصعاليك والإمعات ممن لا خير فيهم على صدور الشعب ليُكملوا مشوار بيعة الطغاة والقتلة واللصوص والصعاليك والمفسدين وكل ذلك تحت ستار الدين والدين منهم براء.. وتلك هي مهازل انتخابات بيت الكهنة في إيران.. وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.