فواد الكنجي
أمد/ الظروف السياسية التي مر بها (الشعب الآشوري) منذ سقوط دولتهم (الإمبراطورية الآشورية) في (بلاد ما بين النهرين) عام 612 قبل الميلاد؛ والتي تعاقب على حكمها أكثر من 116 (ملكا آشوريا)، ولكن يعد سقوط وانهيار (الدولة الآشورية) تعاقب الغزاة على احتلالها مرة تلوا ألأخرى والى زماننا هذا؛ وهذا ما ترتب عنه حرمان (الشعب الآشوري) من تقرير مصيره وبناء دولته؛ في وقت الذي كانت (الإمبراطورية الآشورية) قد توسعت وامتدت مملكتها شرفا.. وغربا.. وشمالا.. وجنوب؛ بعد إن احتلوا الكثير من أراضي وممتلكات الإمبراطوريات المجاورة لها وضمها إلى الدولة (الآشورية) لدرجة التي سميي ملوك (الدولة الآشورية بملوك الجهات الأربع) نظرا لاتساع رقعة أراض (الدولة الآشورية)، ولكن بعد انهيار (الدولة الآشورية) واحتلالها من قبل الغزاة ولأكثر من مرة؛ لم يكن أمام الشعب (الآشوري) إلا النضال والمقاومة لاسترداد ما تم احتلاله من قبل المحتلين الغزاة؛ فانضم إلى صفوفهم قطاعات واسعة من الشعب (الآشوري) نتيجة ما ترتب من تصعيد لسياسات القمع.. والتنكيل.. والاضطهاد.. الذي مورس ضدهم من قبل كل الجهات التي توالت على احتلال (الدولة الآشورية) في (بلاد ما بين نهرين) التي طالت كافة فئات الشعب (الآشوري) دون تمييز.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي تحملت وما زالت تتحمل (المرأة الآشورية) القسط الأكبر من التحديات التي واجهتها من الاضطهاد.. والقمع.. والإذلال.. وهي تدير شؤون أسرتها وتربية أطفالها ومعاضدة الرجل في حمل السلاح ومقاومة المحتل بكل ما أتى لهم من القوة والإمكانية؛ وظلت معه تنتقل من مكان إلى الأخر؛ والكل يحمي الأخر من بني قومه؛ ومع صعوبة هذه الأوضاع والمحن التي مرت على امتنا (الآشورية) منذ سقوط دولتهم؛ انخرطت (المرأة الآشورية) بإرادتها مع آخيها الرجل في النضال الشعبي (الآشوري) تاريخيا؛ بنسب وأشكال مختلفة ضد سياسات القمع المختلفة التي كان المستعمر والمحتل يمارسها ضد الشعب (الآشوري)؛ دون إن يؤثر هذا الانخراط على مكانة المرأة (الآشورية) في أسرتها ومجتمعها من حيث الأدوار المناط بها تقليديا أو من حيث العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية (الأشورية)، فلقد استطاعت (المرأة الآشورية) أن تشكل رمزا من رموز نضال (المرأة) في العالم، واستطاعت أن تلفت أنظار كل العالم عبر التضحيات التي قدمتها في ساحات المواجهة؛ مما جعلها أيضا تشكل وفى مرحلة نضالية معينة سبقت تشكيل السلطة (العراقية) المستقلة لدول الجوار أملا للنساء (العراقيات) في أمكانية تبوئها لمكانة مجتمعية وسياسية هامة؛ لو تم لها تمكينها ومساندتها في تحقيق حلمها وحلم شعبها في الحرية وحق تقرير المصير؛ لكانت ستشكل حتما نموذجا ايجابيا للمناضلات في شتى أنحاء العالم الساعيات إلى تحقيق طموحاتهن في الحرية والمساواة وحصولهن على حقوقهن كحق من حقوق إنسان غير قابلة المساومة .
ولقد شقت المرأة (الآشورية) طريقا محفوفا بالمخاطر لحجم التحديات التي كانت تواجهها؛ وربما دفنت أحلام وطموحات شخصية لأجل مصلحة أبناء أمتها وإيمانا راسخا بأن الحرية وحق تقرير المصير هي ما كانت تصبو إليه لأجل أبنائها والأجيال القادمة، فقد قبلت أن تكون وقودا لأجل الآخرين ولأجل الأمة ولأجل النساء مثلها.
ونظرا لتضاؤل وضعف الحديث عن دور (المرأة الآشورية) في حركات التحرر الوطني والنضال الثوري في منطقتنا لانحياز أغلب الدراسات البحثية المحلية والإقليمية وحتى الدولية؛ للمعتقدات الدينية والقومية، لذلك أعلب الدراسات التاريخية في منطقتنا لم تذكر في سجلاته والدراسات البحثية ولم يسلط الضوء على الرموز النسائية (الآشوريات) الثوريات ودون إشارة أو ذكر لدور (المرأة الآشورية) عبر مسيرة تاريخ (الآشوريين) العميق في تاريخ (العراق) والمنطقة برمتها كواحد من أعظم إمبراطوريات التي تواجدت على كرتنا الأرضية؛ والتي اليوم في الكثير من جامعات العالم يدرس تاريخها وانجازاتها الحضارية كعلم يسمى (علم الآشوريات) كما هو الحال في جامعات (لندن – بريطانيا), وهذا لا يعني أن امتنا تفتقر إلى مفكرات والمثقفات والمناضلات وحاملات لشهادات جامعية عليا ومن جامعات العالم المرموقة؛ وهنا لابد من الإشارة إلى الرعيل الأول من رائدات الفكر القومي لامتنا الذين كان لهم دورا رياديا وطليعيا في بلورة وتعزيز الوعي القومي بين أبناء شعبنا، لذلك سنسلط الضوء على الدور النساء (الآشوريات) في حركات النضال والتحرر في المنطقة و سرد مقتطفات من مسيرة النضال المشرف للمرأة (الآشورية) .
لقد برزت المرأة (الآشورية) إلى جانب الرجل في حركة التحرر وحق تقرير المصير وقدمت التضحيات الكبيرة خلال مراحل النضال ضد المستعمرين والمحتلين الذي اغتصب أراض الأمة (الآشورية) التاريخية في (بلاد ما بين نهرين)؛ وساهمت في المعارك التي خاضها شعبنا (الآشوري) من أجل الاستقلال والحرية وحق تقرر المصير، كما نظمت النساء (الآشوريات) صفوفهن وشكلن منظمات واتحادات النسائية والاجتماعية؛ وفي وقت مبكر جدا؛ غير مبالين بالتقاليد المحافظة السائدة في منطقتنا، وذلك من أجل الحصول على حقوقهن المشروعة في الحياة، وتكلل نضال المرأة (الآشورية) بحصولها على جزء من هذه الحقوق داخل المنظومة القومية للأمة (الآشورية)؛ لذلك فهي لا تزال تناضل وتسعى من أجل ذلك, كما قدمت المرأة (الآشورية) خلال فترة النضال الذي خاضته العديد من الشهيدات اللواتي ضحين بحياتهن من أجل قضيتهن وقضية شعبهن العادلة .
والمتتبع لمسيرة نضال المرأة (الآشورية) في سبيل حقوقها السياسية.. والاجتماعية.. والقانونية.. والثقافية، ومن خلال التوقف عند اللحظات الحاسمة في تاريخ (الحركة النسائية الآشورية)، سنجد سجلها حافل بنساء مثلن علامات بارزة في التاريخ؛ ليس في تاريخ الأمة (الآشورية) فحسب بل في تاريخ العالم وحضارته؛ نذكر منها الشاعرة (الآشورية) الخالدة الأميرة (انخيدوانا) وهي من سلالة (الآشوريين) من العصر (الآشوري) القديم؛ ابنة الملك (سرجون الاكدي) التي تميزت بشخصيتها القوية واستطاعت إدارة شؤون البلاد بإدارة حكيمة وقد عرف عنها بكونها كانت مفكرة وكاتبه وتكتب الشعر، وقد كتبت الكثير من القصائد مما اعتبرت بكونها أول شاعرة في التاريخ ويعتبروها الكثير من المؤرخين بكونها (أول ناشطة نسويه في العالم)، بكونها كانت تدير شؤون البلاد الاجتماعية والإدارية، ولشخصيتها القوية تركت بصماتها في (تاريخ الحضارة بلاد ما بين النهرين العالم) وقد لقبوها الباحثين والمفكرين الغرب بـ( شكسبير الأدب السومري)، وكان قبلها كما عرفت (الحضارة الآشورية) كل من (اينانا) و(عشتار) رمز للمرأة المبدعة بطاقاتها الخلاقة في (بلاد آشور) فهذه وتلك يعتبرن في سياق التاريخ والحضارات القديمة من سلالات الإلهة ولقبوا كل منهما بـإلهة الحب.. والتجدد.. والخصب.. والمطر.. والزراعة.. والصيد.. والحرب، فهن مثلوا القوة.. والجمال.. والعقل.. والابتكار.. وتقومان بأفعالهن باقتدار ونشاط وحيوية، ومن ثم يذكر لنا التاريخ سجل أخر حافل بتاريخ (المرأة الآشورية) ودورها الكبير في تاريخ (حضارة وادي الرافدين) الحافل بالمنجزات الذي قدمته (الملكة الأشورية – شميران – سمير اميس) لتاريخ، لتكون أول (ملكة) تعتلي عرش (الإمبراطورية الآشورية) في العالم، وهي من قادت الجيوش في كل اتجاهات الأرض شمالا.. وشرقا.. وجنوبا.. وغربا.. في بلاد آسيا الشاسعة الواسعة ؛ وهي من وقفت أمام جيوشها الشجعان بعد عودتهم إلى مدينة (آشور) عاصمة (الإمبراطورية الآشورية) وهم يحملون بشائر انتصاراتهم؛ فقالت وهي تخاطبهم:
– مبروك انتصاراتكم لقد رفعتم رأس الأمة (الآشورية) عاليا، أريد إن أقبلكم جميعا؛ لذلك اجلبوا لي (علم الآمة الآشورية) وسأقبلها؛ وكأني اٌقبل كل جندي من جنود امتنا.
فانهال التصفيق الحار – كما تذكر روايات التاريخ – ومن هذا الحدث العظيم لقبت الملكة (شميران) بـ(ملكة الجهات الأربع)؛ كما كان يلقب (ملوك الأشوريين) بـ(ملوك الجهاد الأربع) .
وفي كثير من محطات التاريخ القديم.. والحديث.. والمعاصر؛ برز دور (المرأة الآشورية) بعد إن سجلن حضورهن بشكل مميز ومؤثر في إحداث التي كانت تجري هنا وهناك، ومنهن ما نذكره هنا السياسية المحنكة المناضلة (سرما خانم) في العصر الحديث نموذجا، عرفت بدهائها السياسي والإداري والتي أدارت المفاوضات بين (الآشوريين) من جهة وبين (حكومة المملكة العراقية) و (بريطانيا) من جهة أخرى؛ قبل وبعد عام 1933، ولعبت دورا مهما ومحوريا في السياسية وإدارة الملفات الإقليمية بحنكة فائقة؛ وقد زارت (بريطاني) و(دول أوربية) عديدة؛ ولأكثر من مرة؛ وكانت تتحدث (اللغة الانكليزية) بطلاقة؛ إضافة إلى لغة إلام (الآشورية) واللغات المحلية الأخرى التي كانت تنتشر في شمال (العراق)، وشاركت في مؤتمرات أممية تخص مصير امتنا (الآشورية) في (العراق) ما بعد مذابح امتنا (الآشورية) عام 1933 في (سميل) شمال (العراق).
وفي ستينات من القرن الماضي برزت البطلة (الآشورية) ذات تطلعات يسارية المناضلة (ماركريت جورج) والتي حملت السلاح بوجه الحكومة (العراقية) آنذاك؛ التي كانت تقمع طلعات (الآشوريين) في حق تقرير المصير؛ بشجاعة وقوة لا مثيل لها، وشهد على بطولاتها أعدائها قبل أصدقائها، وبرهنت شجاعتها في أدارت المعارك وقيادة فصائل المسلحة آنذاك وليس من اجل الحرية لأبناء قومها (الآشوريين) فحسب بل المطالبة بالحرية والمساواة وإعلان حقوق المرأة في (العراق) بصورة عامة؛ وهي من كان يباع صورها في أسواق (العراقية) في (موصل) و(بغداد) بمبلغ جدا مرتفع؛ لكونها مناضلة يسارية في خمسينيات القرن الماضي؛ تدعو إلى الحرية والمساواة وحق تقرير المصير للأمم والشعوب المضطهدة؛ وكان الموطنين يسعون للحصول على صورها كمناضلة من مناضلين الشعب (العراقي).
وقد تحملت (المرأة الآشورية) ضعف ما تحمله الرجل من اضطهاد وتعسف ومشقة الحياة في ظل الحروب الإبادة والتهجير ألقسري قبل وبعد الإحداث الدموية والمجازر الرهيبة التي وقعت بحق (آشوريي العراق وتركيا وإيران وسوريا) وتحديدا في مناطق (هكاري) و(طورعبدين) و(زاخو) و(نوهدرا) و(سهل نينوى) و(اربيل) وغيرها، في مذابح ما بين عام 1842 و 1848 والتي وقعت أيضا في (إيران) و(تركيا) وفي عصر (بدرخان) وما بعدها؛ ومذابح عام 1914 و 1918 في (تركيا – العثمانية) وعام 1933 الجائرة في (العراق)، وإحداث الدموية التي عصفت بـ(العراق) والمنطقة ما بعد 2003 والى يومنا هذا، فكانت هي الأم والأخت والزوجة والمقاتلة وهي الفلاحة والعاملة والمربية والمنتجة، وأحيانا كثيرة كانت هي المعيلة لأفراد الأسرة بعد استشهاد زوجها في جبهات القتال، وعبر النزوح.. والتشرد.. والفاقة.. والعوز؛ وتحت ظروف بيئية قاسية كانت ترعى وتربى أطفالها وتعلمهم اللغة إلام (الآشورية) وأصول الثقافة القومية لامتها، وفي آن ذاته كانت تحميهم من هول المعارك.. والتهجير.. والاستهداف.. والطغيان الحاصل بحق (الآشوريين) في منطقتنا الشرقية .
فقد كان مشاركة النسوة ا(لآشوريات) في كل إحداث السابقة دلالة على انخراطها في الحركة التحرر (الآشورية) وقد اختارت (المرأة الآشورية) يومها تضامن مع احتفال النسوة العالم بيوم (المرأة ) في (الثامن من آذار) من كل عام – كسواه من النساء في كل العالم – ليكون رمزا للإصرار علي بلوغ أهدافها، ونضالها ضد المحتلين والمستعمرين للأراضي (الآشورية) في بلادهم (بلاد ما بين النهرين)؛ وهي في كل مناسبة تؤكد على مواصلة مسيرة النضال من أجل حقوقها وحقوق أمتها (الآشورية) في ظل مبادئ المساواة.. والعيش المشترك.. والحرية.. والعدالة الاجتماعية.. والكرامة الإنسانية.. وحق تقرر المصير، وهي – على الدوام – تؤكد أيضا بأنها ستعمل في كل مواقع إعمالهن التي تبوئن إليها من خلال حصولهن على شهادات جامعية عليا وحملهن شهادات الدكتوراه في شتى مجالات الفكر الأدبية والعلمية، فخصصن في ذلك الكثير من مؤلفاتهن في قضايا (الأمة الآشورية) وقضايا الفكر الإنساني والعلمي؛ ونذكر هنا الكاتبة (روزي مالك يونان) وهي كاتبة (آشورية) ومؤلفة كتاب (الحقل القرمزي) وهو كتاب يسرد مذابح (الأمة الآشورية) على يد (الأتراك– العثمانيين) عام 1914 و 1918 التي حدت في (تركيا) وراح ضحيتها أكثر من (مليون ونصف مليون آشوري) إضافة إلى ما ارتكبه (الأتراك) من مذابح ومجاز بحق (الأرمن) و(اليونان) بكونهم مسيحيين ومن غير القوية (التركية)؛ حيث تم قتل أكثر من (مليوني ارمني في تركيا)، وهذا الكتاب يسرد الوقع بشكل مثير وبأسلوب أدبي رائع، علمان بان (روزي مالك يونان) هي مخرجة سينمائية تعمل في (هوليود – أمريكا) ولها الكثير من الأعمال السينمائية (الأمريكية) من تمثيل والإخراج والتي تشهد عليها السينما العالمية برياديتها؛ فكتابها (الحقل القرمزي) يعتبر شهادة إدلاء أدلت بحديث طويل إمام لجنة العلاقات الدولية، شهادة قل مثيلها في الجراءة والشجاعة ؛وذلك في (يوم 30 حزيران من عام 2006) حيث قامت بسرد إحداث ما حل من مأساة التي عصف وتعصف بآمتنا (الآشورية) منذ سقوط (الإمبراطورية الآشورية) والى يومنا هذا، ونذكر بان كتابها (الحقل القرمزي) هو كتاب يتناول أيضا المذابح وحرب الإبادة الجماعية (للأشوريين في العراق) حيث قارنت بين حالهم خلال أعوام 1914– 1918 إلى المأزق الحالية للمسيحيين (الآشوريين) في (العراق)، كما تم اعتماد شهادة السيدة (روزي يونان) من قبل لجنة فرعية شكلت لهذا الغرض برئاسة عضو (مجلس النواب الأمريكي– كونكرس) السيد (كريستوفر)، وهو الأمر الذي ارتأينا طرحه هنا كنموذج لشجاع (المرأة الآشورية) ودورها في النضال .
وهنا أيضا لابد من الذكر الكثيرات من ناشطات (امتنا الآشورية) ومنهن نشطوا في مجال حقوق الإنسان في منظمات دولية وطالبن بمطالب أمتها (الآشورية) في حق تقرير المصير، ونذكر هنا على سبيل المثال وليس الحصر الأستاذة (جاكلين زومايا) مناضلة قومية شغلت في عام 2005 منصب عضو (الجمعية الوطنية) ونائب رئيس لجنة حقوق الإنسان حيث عملت باقتدار في (الجمعية الوطنية العراقية) من اجل تثبيت حقوق (الآشوريين) القومية و تثبيت التسمية (الآشورية) في الدستور (العراقي)، حيث برزت السيدة (جاكلين زومايا) على الساحة السياسية (العراقية) و(الآشورية) كإنسانة (عراقية) وطنية وكقومية (آشورية) متواضعة وصريحة – صراحة قلمها وفكرها وجرأتها – لم نجدها عند السياسيين، قوية وذات عزيمة، لها نظرة واضحة لجميع الأمور الوطنية (العراقية) والقومية (الآشورية)، وبالإضافة إلى كل ذلك والاهم فهي صاحبة مبادئ، ومبادئها كانت فوق أي اعتبار أخر، بالرغم من الفترة القصيرة التي شغلت منصبها كعضوه في (الجمعية الوطنية العراقية) فإنها تطرقت إلى أمور كثيرة تخص (العراقيين) بصورة عامة و(الآشوريين) بصورة خاصة.
وفي هذا المجال نذكر أيضا المفكرة والناشطة الحقوقية الأستاذة الجامعية البروفيسور الدكتورة (منى ياقوا) المختصة في (القانون الدولي وحقوق الإنسان) والتي خصصت الكثير من كتباتها ومقالاتها في قضايا الأمة (الآشورية) في (العراق) وحقهم في التقرير المصير؛ وعملت على إقرار التسمية القومية لامتنا (الآشورية) سواء في (الدستور العراقي) أو في أي محافل أخرى وليست (التسمية الدينية) أو (المركبة)، وهي من أشرفت على الكثير من الدراسات العليا ولها من مؤلفات وبحوث ما يزيد على ثلاثين مؤلفا وبحثا أكاديميا منشور ننكر منها :
وضع المرأة في قانون العقوبات العراقي.
الحماية الجنائية للجنين وتنظيم الأسرة.
المساواة بين الجنسين.
مبدأ تحريم التمييز.
حماية النساء للأقليات من الاضطهاد المضاعف.
الحماية القانونية من عمالة الأطفال.
وجهة نظر القانونية حول مسالة القومية.
حقوق الأقليات القومية في القانون الدولي العام.
أهمية اللغة في ديمومة القومية.
حقوق الأقليات في الدساتير العراقية منذ تأسيس دولة العراق والى دستور 2005.
الحماية القانونية للأقليات.
الإطار القانوني لحرية الدين أو المعتقد
جريمة التسول في قانون العقوبات العراقي النافذ.
نحو إلغاء عقوبة الإعدام.
قاعدة عدم جواز تسليم المجرم السياسي.
الحق في الحريات الفكرية.
الحق في التعليم.
البعد القانوني للرق والاتجار بالرقيق.
حق الإنسان في التظاهر.
الحماية القانونية لحق الإنسان في الخصوصية في ظل طور وسائل التواصل الاجتماعي.
حماية السكان المدنيين من التهجير ألقسري في النزاعات المسلحة غير الدولية، وغيرها من كتب وبحوث ودراسات .
ومن أمثال هؤلاء الناشطات المناضلات امتنا (الآشورية) الكثير من المبدعات من اللواتي انخرطن في أنشطة ثقافية ونضالية وفي ممثليه (اتحادات النساء الآشوريات) سواء في الوطن أو في بلاد الشتات التي تم تشكيلها من قبل مناضلات (آشوريات) حملن مطالب الأمة (الآشورية) إلى المنظمات وهيئات الدولية وإلى شركائنا في الوطن (العراق)؛ ليؤكدن على تمسكهن وتمسك (امتنا الآشورية) بحقوقهم القومية في الوطن التي انتزعت عن الأمة عبر عقود طويلة، كما يطالبن بحماية حقوق (النساء الآشوريات) وحقوق الطفل وحقوق الإنسان في وطننا، بما يضمن كرامة المواطنات والمواطنين، والمساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص للجميع .
نعم لقد واجهت (المرأة الآشورية) تحديات صعبه وما زالت تتحمل قدرا اكبر من الأعباء تمثلت في حملات التهجير والتهجير ألقسري من ارض بلادها في (بلاد الرافدين – العراق) ومن الأعباء تمثلت في الانتهاكات، الاعتقال والتشرد في مخيمات النازحين سواء ما بعد أحداث مذابح (الأمة الآشورية) في (تركيا) و(العراق) أو لاحقا في أعقاب احتلال (الدواعش) مدينة (موصل وسهل نينوى) في حزيران من عام 2014، إضافة إلى عبء فقدان المعيل من الزوج أو الابن، فلم يكن وطن البديل في المهجر مفروشا لها بالورد بل بالأشواك؛ لتتحمل (المرأة) مسؤولية لإعالة الأسرة؛ لأن نسبة كبيرة من اللواتي أتين من مجتمعات شرقية كانت بمثابة اختبار (للمرأة) تحديدا؛ في مدى قدرتها على العيش وتحمل المسؤولية واثبات الوجود في تربية أطفالها تربية قومية؛ لكي لا ينخرطوا وينسوا واقع أمتهم وثقافتهم وطبائعهم في دول الشتات؛ سواء كانت مرغمة على ممارسة هذا الدور الجديد أو برغبة منها؛ ولكن كل المؤشرات تؤكد بأنهن برهن لأنفسهن أو للمجتمع بصورة عامة؛ أنهن لسن أقل كفاءة وقدرة من الرجل على الانخراط في الحياة المهنية؛ وبأنها تستطيع أن تتكيف مع كل الظروف الجديدة ومهما كانت الصعاب وفي ظل وجود أطفال؛ وسيكون من الصعب على أحد أن ينتزع منها الأدوار التي اكتسبتها في تربيتهم تربية تحافظ لهم شرف الانتساب إلى (الأمة الآشورية)، لان (المجتمع الآشوري) عزز من مكانتها وأعطاها كل الدور لإنجاح مهمتها في (التربية والتعليم) سواء لها أو لأطفالها؛ لان (المجتمع الآشوري) بصورة عامة؛ يدرك مدى أهمية عدم تعطيل نصفه لمستقبل الأمة، على الرغم من الضغوط النفسية وما واكبته من موجات النزوح المستمرة من الوطن (العراق)، ومع كل هذه التحديات ما زالت (المرأة الآشورية) قادرة على خلق تغيير إيجابي في مجتمعها (الآشوري) من خلال تفاصيل حياتها اليومية سواء من منهن يعشن في الداخل أو من اللواتي يعشن في دول الشتات، ولعل قصص نجاحهن – وكما أوضحنا بعض من أسمائهن على سبيل المثال وليس الحصر– ومشاركتهن في أنشطة ومهرجانات دولية ومراكز البحوث وفي جمعيات النسائية واطلاعهن عن واقع الأمة في الداخل أو في الشتات وتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها شعبنا (الآشوري) في داخل الوطن (العراق). كلها ادوار تقوم بها (المرأة الآشورية) المعاصرة في الداخل أو في دول الشتات؛ وهي أدورا استثنائية تقوم بأدائها رغم واجباتها المنزلية؛ لذلك برز على الساحة (الآشورية) كوكبة من الرائدات والناشطات والمبدعات كلا في مجالها وخبرتها حيث عملن على تجسيد دور (المرأة) وتوصيل صوتها إلى كل المحافل الدولية؛ بل وصوت أبناء أمتها (الآشورية) وما يعانون من تمييز واضطهاد، إضافة إلى ادوار التي تقوم به (المرأة الآشورية) في (الداخل) وفي (دول الشتات) في تنمية قدرات (المرأة الآشورية) وتطويرها وحتى تمكينها للقيام بمشروعات خاصة ليستطعن أن تعول أسرتها، كما إن الكثيرات من نسوة امتنا (الآشورية) ساهم أيضا في مشاريع تعزيز وحماية (المرأة) سواء كانت مقيمه أو نازحة؛ ومنها ما حملن مشروع حوار السلام والعمل الإنساني للنساء والفتيات النازحات من مسؤوليات في توصيل معاناة واحتياجات هذه الفئة للعالم من خلال منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال منابر الأمم المتحدة .
لذلك فان تحديات التي تواجهها (المرأة الآشوري) كبيرة وطموحاتها اكبر في زيادة المشاريع التي تهتم بأمور (المرأة) واحتياجاتها وطموحاتها وهن على دوام يسعوا على (قدم المساواة) مع الرجال في جميع الميادين في الحقوق والحق وفي الكرامة وفي الاختيار، فلا تقوض لحقوق النساء ولا لحقوق الإنسان.
ومن هذا المنطلق علينا اليوم أن نحمي حقوق النساء في الفضاءات (الرقمية والسبرانية) والتصدي بشكل جماعي للخطابات المناهضة للحقوق من أجل حياة كريمة تسودها العدالة.. والمساواة.. وتكافؤ الفرص لجميع مكونات المجتمع .